((( ألمحه حجرا عاتريا )))
((( أَلْمَحُهُ حَجَرًا عَاتِرِيّا )))
وَيَمْتَدُّ فِيَّ الظَّلَامُ وَأَمْتَدُّ فِيهْ
شُعَاعًا يُسَافِرُ لِلْبُعْدِ فِي الْهُوَّةِ الْمُعْتَمَهْ
رُؤًى تَتَشَابَكُ فِي الْبُعْدِ وَالْقُرْبِ
يَرْتَدُّ ذَاكَ الشُّعَاعْ
وَيَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ فِي صُورَةٍ سَاحِرَهْ
فَأَلْمَحُهُ حَجَرًا عَاتِرِيًّا
يُنَجِّدُهُ خَادِمُ الْكَاهِنَهْ
فَتَحْضُنُهُ الْبِئْرُ
... تُرْضِعُهُ الْآنَ
تَنْمُو عَلَى ضِفَّتَيْهِ الْحَيَاةْ
أُسَافِرُ فِيهْ
فَأَلْمَحُ طَيْفَكَ مَازِيغُ
تَحْجُبُهُ الْحِقَبُ الْغَابِرَهْ
أُنَادِيكَ جَدِّيَ
هَلَّا أَصَخْتَ ، نِدَائِي :
صَدَى الصَّوْتِ فِي الْبِئْرِ دَوَّى
تَفَجَّرَ فِي الْعُمْقِ
جَدَّاهُ هَيَّا أَجِبْنِي
وَأَهْرَقْتُ فَاتِحَةً مِنْ بُكَاءْ
وَغِبْتُ عَنِ الْوَعْيِ حَيْثُ
عَوَالِمُ رُوحِي
عَبَرْتُ الْحَضَارَاتِ بِكْرًا
أَفَقْتُ مِنَ الْـحُـلْمِ
وَاصَلْتُ دَرْبِي
عَلَى الْأُفْقِ لَاحَ هُوَ الْفَجْرُ جَدِّي
أُنَادِيكَ جَدَّاهُ هَيَّا
أَتَسْمَعُ
عِنْدَ الْمَدَى بَوْحَ صَوْتِي
أَجَلْ يَا بُنَيَّ يُدَوِّي صَدَاهْ
يُدَوِّي صَدَاهُ
فَتَسْكُنُ نَفْسِي
أَجَدَّاهُ هَلَّا اقْتَرَبْتَ
أَفَقْتُ
تُلَامِسُ كَفَّاكَ جَدَّاهُ وَجْهِي
وَعَانَقْتُ جَدِّي عِنَاقًا طَوِيلًا
لِقَاءً حَمِيمًا عَلَى التَّلَّةِ الرَّابِيَهْ
غَرِيبٌ
مَلَامِحُ قَرْيَتِنَا ، الْأَرْضُ لَيْسَتْ
مَلَامِحُهَا مَا أَلِفْتُ
تَمَلَّكَنِي الْحُزْنُ وَالدَّهْشَةُ السَّافِرَهْ
سُفُوحُ الْمَدِينَةِ
تَبْدُو مِهَادَ اخْضِرَارٍ
هُنَاكَ الْوُجُودُ بَرِيءٌ
هُنَاكَ عَلَى الْأُفْقِ أَشْيَاءُ أُخْرَى
تُدَاعِبُ ذَاتِي
بَحَثْتُ عَنِ الْبِئْرِ لَمْ أَهْتَدِ لِلْمَكَانْ
سِوَى أَنَّ شَلَّالَ تَلَّتِنَا النَّازِيَهْ
يُحَطِّمُ أَنْغَامَهُ الصَّاخِبَهْ
عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّامِدَهْ
تَعَجَّبْتُ لَمْ أَهْتَدِ لِلْحَقِيقَةِ
سَاءَلْتُ جَدِّي
هَلِ الْبِئْرُ غَارَتْ وَغَارَ عَلَى جَانِبَيْهَا الْمَكَانْ
تَمَلَّكَنِي الْغَيْظُ
جَدَّاهُ هَيَّا أَجِبْنِي
يُمِيطُ السُّؤَالَ مَلِيًّا
تُشِيحُ الشِّفَاهُ
يَدَاهْ
وَلِلتَّوِّ تَهْتَزُّ لَمْحًا
عَصَاهْ
تُجَلِّي ضَبَابًا وَسِرًّا
مَفَاتِيحُهُ مِنْ رُمُوزْ
تُطَلْسِمُ وَجْهَ الْوُجُودْ
وَمِنْ كُوَّةِ الْجَدِّ
أَلْمَحُ شَيْئًا لِتَبْدُو مَلَامِحُهُ مَقْلَعًا لِلْحِجَارْ
وَنَحَّاتُ تِلْكَ الصُّخُورِ الْعِظَامْ
يُغَازِلُ إِزْمِيلُهُ رُوحَهَا
وَنَقْرُ الْحِجَارِ يُدَوِّي جَلِيًّا
لِيَحْضُنَ فِي الْعُمْقِ نَبْعَ الْحَيَاةْ
يُشَذِّبُهَا فِي حَنَانْ
يُنَجِّدُهَا فِي ثَبَاتٍ قَوِيٍّ
لِتَحْضُنَ شَلَّالَ تَلَّتِنَا النَّازِيَهْ
عَادِل سُلْطَانِي ، بئر العاتر ، السبت 24 جويلية 1993
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|