09 / 04 / 2013, 42 : 11 PM
|
رقم المشاركة : [6]
|
محقق، مؤلف، أديب وقاص
|
رد: بغداد يا دمنا المباح / شعر طلعت سقيرق
صرخة الشعر تُدمي وتثير ،لكنها بصدقها تعضد موات كل عزم راحل ..وبسحر أُخذِ الكلمةِ تذهب مع حزن الكلمةِ وقلبك يعتصر حرقة ونزيزاً متواصلاً ،كأن شيئاً في داخلك يحترق باستمرار،فتردد بأسى:
هذا زمان للخرابْ
هذا زمان القادمينَ
وعندما تتساءل :لم هو زمن الخراب ،وما مآله وما مصائره ؟!
يأتيك الصوت الآسي: هو الزمن الأعجف ،وقد اختلفت معه طبائع صحة الأمور، واختل بثقل قدومه ضابط العدالة ، واضطرب كل ميزان :
إلى الدمار ِالقردُ صار َ هو المطاع ُ
والملكُ من حقّ الغرابْ!!..
فتأملوا
وتقاتلوا
وامشوا على جثث العبادْ
فتريد أن تتعرف على القادم أكثر ،فتتفاجأ أنه أتى بصورة تعرف كل تفاصيلها من الذاكرة ،بل ربما أتى بلبوس أكثر بشاعة وأكثر وحشية : هولاكو عادْ
لا تستروا عوراتكم ْ
ما دام يحكمكمْ غرابْ!!..
وتشهق: غراب ؟! أهو إذن نعيق إيذان حتم موات ،وبدء رحيل ألق الزمن المزهر؟!
ثم تصيح: أين أنتم أبناء جلدتي ،أين أنتم أبناء إنسانيتي ؟!
فما يجيبك سوى قهر الصمت، وأصداء الذلة:
ماذا أقول ُ
وفي دمي
صدأ البلاد جميعِها
عفن ُ البلاد جميعها
قهر البلاد جميعها !!..
صمت البلاد جميعِها !!..
من المحيط ِ إلى الخليج ِ
ومن الخليج ِ إلى المحيط ِ
من مجلس ِ الأمن العتيد ِ
من العبيد ِ إلى العبيد ِ
بلا هدفْ
كرة ٌ يدحرجها الخرفْ!!
نعم ،فقد تكالبت علينا الأمم، والكلاب المسعورة تنهش لحومنا بلا شفقة أو رحمة:
ياللأسف!!..
مهزومة ٌ كلّ الرؤوس ِ
غريبة ٌ
مهمومة ٌ
مكسورة ٌ
مدهوسة ٌ
فقدتْ جميعَ حروفها
ومشتْ تئنُّ بلا شرفْ
لا تسألي بغداد عن شيء ٍ
ولا .. لا تعتبي
فجميعنا
غرقى ببحر ٍ من قرفْ..
إذن فما أتى إلينا الغزاة بقحتهم وفجورهم وصراحة عهرهم
إلا لمزيد جشع وتزوير بهجة أيام:
بترولنا بغداد للكلابْ
لجميع من جاؤوا إلينا من هناكْ!!
كي ينشروا في أرضنا حضارة الهلاكْ!!
كي يمسحوا عن جبهة التاريخ ذلهمْ
كي يسرقوا بترولنا بكذبة الإرهاب !!
كي يدعسوا بحقدهم ْ على الرقابْ
فهللي .. وهللي !!..
بترولنا بغداد للجلادْ !!
والموت والدمار والخراب والدماء للعباد !!..
لأهل هذه البلادْ !!..
فهللي وهللي
من حقهم أن يحضروا حضارة الأحقاد!!..
حضارة الأوغاد ْ!!
لكن عجباً ! أترانا لانرى ! لا نعرف ! ألا نشاهد ماتع النهار ؟!
بغداد من يفسر الأمور للحمير ؟؟!!
لسادة الضمير ؟؟!!
من يقتل المعذب المشرد
المقتول ألف مرة ٍ
لينشر العذابْ ؟؟
ويجمد الدمع في العين ،ويتعاظم الأسى ويتسع ،فتكاد تعسر رؤى الطريق:
أمشي على الدروب مثقلا بأدمعي !!..
أكون ربما معي !!..
ولا أكون ربما معي ..
فقد أضعت خاتمي
وبعت في زمان ِ القهر ِ
يا مدينةَ الأحزان ِ
في الظلام ِ من يدي أصابعي
فهل حقاً بعنا (الخاتم) ،الرابط المقدس مع مدينة الطهر وميراث التاريخ ،وأصبحنا كلاباً سوداً لسيد لايرحم ؟!
بغداد يا بغداد
ستون عاما اشرب الوعود والهلاكْ
بيوتنا .. ظهورنا .. رؤوسنا
تحاط بالأسلاكْ
لنشرب الهلاكْ!!..
ويسودّ قتام الصورة أكثر ،ويبلغ الأسى مداه ،فنصل إلى أعتاب اليأس المطبق :
لا تسألي أحدْ
لا تسألي بغداد
على بيوتنا السلام
على ديارنا السلام
أرجوك يا بغداد
لا تفعلي
كي لا تكون سلة الختامْ
إنا هنا نيام ..
فلتفعلوا ما شئتم ُ
عليكم السلامْ
ونردد مع الرائع العظيم :علينا السلام ! علينا السلام !
تحية الأموات ،فقد بلغ الأسى ذروته !
** ** **
أخي الرائع طلعت :
يقيناً لم تمت ،ويقيناً لن تموت ..
فباقياً أنت بحضورك وروعة أثرك ،وجميل طلتك .
وقد أكون أطلت ،لكنني أحببت أن تكون قصيدتك نبراساً ، ودرساً عملياً في اختلاف كلمة الشاعر عن كلمة الخطاب السياسي المباشر،وكيف مزجت بعبقرية:(دهشة الكلمة مع مباشرة الحضور وألقه).
والخير كله لك،وبصحبة الأبرار إن شاء الله تكون .
|
|
|
|