عرض مشاركة واحدة
قديم 23 / 06 / 2008, 44 : 04 AM   رقم المشاركة : [1]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

مشاريع التسوية السلمية للقضية الفلسطينية

[align=justify]
مشاريع التسوية السلمية للقضية الفلسطينية


مقدمة:
يحمل مصطلح التسوية السلمية معنى محاولة فض النـزاع بين طرفين أو أكثر حول القضية مثار الخلاف بالطرق السلمية، وعادة ما تتم بقبول الأطراف لحلٍّ يوقعون عليه، ويلتزمون بتنفيذه، بناء على اتفاقية محددة. وليس شرطاً أن تكون التسوية السلمية "عادلة" أو حلاًّ "وسطاً"، إذ إنها تعكس في كثير من الأحيان موازين القوى، وحالات الانتصار والهزيمة، والضغوط الداخلية والخارجية. كما أن التسوية السلمية ليست بالضرورة حلاًّ دائماً، إذ قد تلجأ إليها القوى المتصارعة لأخذ فسحة من الوقت بانتظار تغير الظروف إلى الأفضل، من أجل فرض تسويات جديدة تعكس تَغيُّر موازين القوى.

ولكن هذا المصطلح قد يكون مُضللاً عندما يتعلق بالشأن الفلسطيني، إذ إن معظم مشاريع التسوية السلمية تكون عادة بين دول مختلفة متحاربة، أو بين أطراف داخلية متنازعة من أبناء الوطن الواحد. أما المعاهدات التي تنتزعها قوى منتصرة نتيجة احتلالها لأرض شعب آخر وتشريد أهله واستغلال خيراته، فهي معاهدات بين غاصب محتل وبين شعب مقهور، وهي تعكس حالة استسلام من الطرف الضعيف إلى الطرف الأقوى. وهي بالتالي ليست صراعاً حدودياً أو إسقاطاً لنظام حكم ...، وإنما هي حالة استعمارية تكون أي تسوية فيها مهما كانت .. تسوية ظالمة لأهل الأرض المحتلة، لأنها بالضرورة ستنتقص ولو جزءاً من أرضهم، أو حريتهم في تقرير مصيرهم، أو سيادتهم التامة على دولتهم. ولذلك، فإن من عادة الحركات الوطنية في البلدان المستَعْمَرة الكفاح من أجل حريتها واستقلالها، وإذا ما حدثت مفاوضات واتفاقات فإنها لا تعطي للقوى الغاصبة حقاًّ في الأرض نفسها، وإنما قد توافق مرحلياً - بانتظار تحسن الظروف - على بعض الأمور التي قد تنتقص من حريتها وسيادتها كوجود قواعد عسكرية أو شروط اقتصادية مجحفة أو تحكُّم المستعمر بالشئون الخارجية.

إن أول ما يجب التنبيه إليه أن الوجود الصهيوني - اليهودي في فلسطين هو حالة استعمار واغتصاب بالقهر والقوة، وليس نزاعاً بين بلدين متجاورين. وإن جوهر القضية أن القوى الكبرى (وبالذات بريطانيا وأمريكا ..) قد سعت متحالفة مع الصهيونية العالمية لإيجاد كيان يهودي في فلسطين - قلب العالم العربي والإسلامي - يمتلك آليات القوة والتوسع، ويكون سيفاً مسلطاً على رقاب المسلمين في المنطقة يمنع وحدتهم ويضمن ضعفهم وتخلفهم، ويحرمهم من شروط النهضة الحضارية، ويبقي منطقتهم مصدراً للمواد الخام وسوقاً للسلع الاستهلاكية الغربية ...

وبالتالي، فإن أي مشروع يطرحه الغرب أو الصهاينة - أو يمكن أن يقبلوه - لا بد وأن يشترط بقاء هذا الكيان اليهودي - الصهيوني وقوته وازدهاره. وهو بالتالي لن يكون عادلاً مهما حصل الفلسطينيون أو العرب والمسلمون من "مكاسب"، لأنها "لن" تضمن استعادة الفلسطينيين لكامل حقوقهم في أرضهم وسيادتهم عليها أو خروج الغاصبين المحتلين. ولذلك، فإن أي حل يمكن أن يقبل به الفلسطينيون والعرب والمسلمون سيكون حلاًّ مؤقتاً، وسيزول بزوال مسبباته (ضعفهم وقوة خصمهم)، ذلك أن عناصر التفجير ستبقى (الإيمان بفلسطينية وعروبة وإسلامية الأرض، والشعور بالظلم..). وكما أن اليهود لن يتركوا عقيدتهم في "أرض الميعاد"، وكما أن الغرب لن يترك أطماعه، فإن العرب لن يتنازلوا عن حقوقهم،كما أن المسلمين لن يتركوا إسلامهم. وعلى هذا فإن أية تسوية "عادلة دائمة" يجب أن تتم بناء على زوال الاحتلال واستعادة الحقوق كاملة، وإلا فإن نُذُر الحرب ستظل تلوح في الأفق.

لقد تمت هجرة اليهود إلى فلسطين قهراً ودون موافقة أهل البلاد، وتملكوا الأراضي قهراً، وأنشأوا مؤسساتهم العسكرية والمدنية والاقتصادية قهراً ... تحت الاحتلال البريطاني. وأقاموا الكيان الصهيوني سنة 1948 على 77% من أرض فلسطين قهراً. وكل التسويات السلمية لا تتحدث عن إزالة هذا القهر والعدوان، وإنما في أحسن الأحوال عن "قهر دون قهر"، بما يضمن إعطاء الشرعية لمعظم ما تم اغتصابه.

تطور مشاريع التسوية السلمية حتى حرب 1948
ركزت المطالب اليهودية - الصهيونية منذ أواخر القرن 19م على إنشاء وطن لليهود في فلسطين، ولم يُجمع اليهود أو الحركة الصهيونية على تحديد دقيق لحدود الدولة اليهودية المقترحة. لكن الأطماع وصلت بمؤسس المنظمة الصهيونية العالمية وأول رئيس لها "هرتزل" إلى الإشارة في مذكراته أنها ستكون من النيل إلى الفرات ضامة أجزاء كبيرة من مصر وكُلَّ بلاد الشام ومعظم العراق وشمال الكويت والسعودية بما فيها المدينة المنورة وخيبر[1]. وهي تشبه التصور الذي وُجد في خزائن روتشيلد الزعيم الصهيوني البريطاني، الذي أُرسل إليه "وعد بلفور" رسمياً. ولكن "وعد بلفور" تحدث عن "إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين" دونما إشارة إلى حدودها، غير أن الصهاينة فهموا أن ذلك يشمل شرق الأردن. وقد قدَّمت المنظمة الصهيونية العالمية سنة 1919 تصوراً لحدود الوطن القومي اليهودي، يشمل كل فلسطين الحالية وأجزاء من جنوب لبنان تبدأ من ساحل صيدا شرقاً مخترقة الحدود الحالية مع سوريا، ثم تتجه إلى الجنوب ضامة مناطق الجولان، ثم تخترق شرق الأردن على خط سكة حديد الحجاز تقريباً ضامة كُلَّ مناطق الأغوار وإربد وعجلون والسلط والكرك ومعان، وصولاً إلى العقبة على الحدود الحالية مع السعودية، ثم تتجه شمالاًَ باتجاه العريش على البحر الأبيض المتوسط ضامّة أجزاء من شبه جزيرة سيناء المصرية. واعتبرت الحركة الصهيونية ذلك تصوراً واقعياً يلبي الاحتياجات الضرورية لإنشاء الوطن اليهودي[2].

وحتى احتلال البريطانيين لفلسطين سنة 1918، لم يكن هناك ما يمكن التفاوض عليه، فاليهود كانوا 55 ألفاً أي 8% من السكان ولا يملكون أكثر من 2% من أرض فلسطين. وعندما أخذ المشروع اليهودي - الصهيوني في النمو في فلسطين بدرجة خطيرة، خصوصاً في الثلاثينيات من القرن العشرين، وعندما قام أبناء فلسطين بالثورات تلو الثورات دفاعاً عن أرضهم واستقلالهم، وعندما وجد الاحتلال البريطاني نفسه أمام مأزق الاستمرار في المشروع الصهيوني، وبالتالي إلحاق خسائر باهظة به في الجنود والأموال نتيجة الثورات التي ربما تؤدي إلى خروجه كمستعمر وإسقاط المشروع الصهيوني نفسه، فإن البريطانيين فضلوا التفكير في حلول "وسط" تضمن إنشاء كيان يهودي ولو على أجزاء من فلسطين ...، ومنذ تلك الفترة كرَّت سلسلة مشاريع واقتراحات التسوية اليهودية والعربية والدولية والتي تجاوزت بضعة مئات إلى وقتنا هذا. وسوف نستعرض هنا المشاريع التي اتخذت طابعاً جدِّياً ولقيت تطبيقاً أو اهتماماً من الأطراف المختلفة، أو شكَّلت تطوراً في المواقف السياسية لمختلف الأطراف.

مشروع بيل لتقسيم فلسطين سنة 1937[3]:
بيل Peel هو اسم رئيس اللجنة الملكية التي عينتها الحكومة البريطانية سنة 1936 نتيجة المرحلة الأولى من الثورة الكبرى التي حدثت في ذلك العام والتي أجبرت بريطانيا لأول مرة على إعادة النظر في مشروعها الاستعماري - الصهيوني في فلسطين. وقد وصلت اللجنة إلى فلسطين في 12 نوفمبر 1936 واستمرت تحقيقاتها ستة أشهر، وقدمت تقريرها وتوصياتها في 7 يوليو 1937 في مجلد من أكثر من 400 صفحة يُعدُّ في حد ذاته مرجعاً في تاريخ فلسطين الحديث، على الأقل من وجهة النظر البريطانية.
وقد توصلت اللجنة إلى حقيقة تعارض صك الانتداب البريطاني على فلسطين، الذي يتعهد بمساعدة الشعب الموضوع تحت الانتداب (الفلسطينيون) على ترقية نفسه والوقوف على قدميه، ويتعهد في الوقت نفسه بوضع فلسطين تحت ظروف تضمن إنشاء الوطن القومي اليهودي. واعترفت اللجنة أن الفلسطينيين قادرين على حكم أنفسهم بأنفسهم، وكذلك اليهود. ورأت أن استمرار الانتداب يعني استمرار الثورة والاضطراب. ولذلك أوصت بتقسيم فلسطين إلى دولتين: دولة يهودية تتضمن جميع مناطق الجليل ومرج ابن عامر في شمال فلسطين (بما فيها صفد وطبريا وبيسان وحيفا وعكا ..) والسهل الساحلي الممتد من شمال فلسطين إلى نحو 25 كيلومتر جنوبي تل أبيب، أما مناطق القدس وبيت لحم والناصرة مع ممر يصل القدس بيافا فتبقى تحت الانتداب. ويتم توحيد باقي أرض فلسطين مع شرق الأردن.

وقد رفض الفلسطينيون بشكل مطلق هذا المشروع، واستأنفوا بشكل أشد وأعنف المرحلة الثانية من الثورة الكبرى. أما اليهود، فقد رفضت قيادة الحركة الصهيونية ما قالته لجنة بيل من أن الانتداب غير عملي، كما رفضت الحدود المقترحة، لكنها فوضت لجنتها التنفيذية للدخول في مفاوضات مع بريطانيا للتحقق من خطة التقسيم، ثم إحالتها إلى مؤتمر صهيوني جديد لإصدار قرار بشأنها[4].

الكتاب البريطاني الأبيض مايو 1939[5]:
واشتهر كذلك باسم كتاب مكدونالد الأبيض على اسم وزير المستعمرات البريطاني مالكوم مكدونالد. وقد صدر هذا الكتاب بعد أن اشتعلت الثورة في فلسطين مرة أخرى بشكل أكثر قوة وعنفاً، وتمكنت من احتلال الريف الفلسطيني، وشَغَلَت قواتٍ بريطانية ضخمة في قمعها وسحقها، في وقت كانت بريطانيا فيه بأمس الحاجة لقواتها مع تصاعد نُذُر الحرب العالمية الثانية. كما جاء إثر التقرير السلبي للجنة وودهيد التي عينتها بريطانيا لبحث التطبيقات العملية لمشروع التقسيم الذي قدمته لجنة بيل، وكذلك بعد فشل مباحثات مؤتمر لندن بين الوفود العربية وبريطانيا واليهود (فبراير - مارس 1939). ويبدو أن الآراء وسط البريطانيين أخذت تتزايد - نتيجة الثورة - بأن فلسطين لم تعد تستطيع أن تستوعب أكثر مما استوعبت من اليهود وإلا أخلَّت بحقوق غير اليهود، وأن بريطانيا وفَّت إلى هذا الحد بما عليها تجاه وعد بلفور. واعترف مكدونالد وغيره بقوة حجة العرب ومظلمتهم. وكانت أبرز نقاط هذا الكتاب، الذي تعهدت بريطانيا بتنفيذه بغضِّ النظر عن قبول العرب واليهود أو رفضهم:
1. أكد أن بريطانيا غير عازمة على إقامة دولة يهودية في فلسطين.
2. سوف تقام بعد عشر سنوات دولة فلسطينية، يتقاسم فيها العرب واليهود المسئولية والسلطة بما يحقق مصالح الطرفين.
3. تحديد الهجرة اليهودية خلال الخمس السنوات التالية بعشرة آلاف مهاجر سنوياً بالإضافة إلى 25 ألفاً يسمح لهم فوراً بالهجرة. وبعد هجرة هؤلاء (الـ75 ألفاً) تتوقف الهجرة اليهودية، ولا تتم إلا بموافقة العرب، وبشرط ألا يزيد اليهود عن ثلث السكان.
4. وقف بيع الأرض نهائياً لليهود في فلسطين إلا في مناطق محددة، وضمن شروط لا تضر بالفلسطينيين حسب رأي المندوب السامي البريطاني.

شكَّل هذا الكتاب انتصاراً سياسياً مرحلياً للعرب، لكن معظم القيادة الفلسطينية رفضت المشروع لشكِّهم أساساً في حقيقة الوعود والنوايا البريطانية، ولأنه ربط استقلال فلسطين بمدى موافقة اليهود وتعاونهم، وليس مثلاً بمجلس تشريعي منتخب، مما يعني عملياً تعطيل الاستقلال. كما أن الكتاب لم يَعِد بإصدار عفو عام على الثوار. ورأى الفلسطينيون أنه ما دامت بريطانيا مُصرَّة على تنفيذ المشروع، فليس من الحكمة الموافقة المبكرة عليه، والزمن كفيل بكشف مدى جديتها[6].

أما الصهاينة فأصيبوا بانتكاسة وصدمة كبيرة، واتهموا بريطانيا بخيانتهم، وقرروا إسقاط الكتاب الأبيض بأي ثمن، وهاجمت بعض عصاباتهم القوات البريطانية داخل فلسطين. لكن الصهاينة كانوا مضطرين للوقوف مع بريطانيا - على أي حال- في الحرب العالمية الثانية، ولذلك قال زعيمهم في فلسطين (بن جوريون): "سنحارب مع بريطانيا في هذه الحرب كما لو لم يكن هناك كتاب أبيض، وسنحارب الكتاب الأبيض كما لو تكن هناك حرب"!![7]

مشروع تقسيم فلسطين حسب قرار الأمم المتحدة 181 لسنة 1947:
استغل اليهود الصهاينة أجواء الحرب العالمية الثانية استغلالاً كبيراً، وسعوا إلى استثمار التعاطف الذي نشأ بسبب المذابح التي ارتكبها هتلر ضدّهم، والتي تم تضخيمها وتهويلها بشكل عظيم، مؤكدين أن لا بديل لنجاتهم إلا بإقامتهم في وطن قومي خاص بهم. وحوَّل اليهود مركز نفوذهم إلى القوة العظمى الصاعدة الولايات المتحدة، وحصلوا على دعم الحزبين الجمهوري والديموقراطي لإلغاء الكتاب البريطاني الأبيض لعام 1939. وأظهر الرئيس الأمريكي الجديد "ترومان" تعاطفاً أكبر مع الصهيونية. وفي جو من الضغط الأمريكي - اليهودي والضعف العربي، قام البريطانيون بالتخلي رسمياً عن الكتاب الأبيض في البيان الذي أصدره وزير الخارجية بيفن Bevin في 14 نوفمبر 1945. وتشكلت لجنة أنجلو - أمريكية (بتوصية من بيان بيفن) للتحقيق في قضية فلسطين، مما أدخل أمريكا بشكل مباشر في القضية، وقد أوصت اللجنة بهجرة مائة ألف يهودي، وبحرية انتقال الأراضي وبيعها لليهود[8].

وعرضت بريطانيا في مؤتمر لندن 10 سبتمبر - 2 أكتوبر 1946 مشروعاً اتحادياً "مشروع موريسون" ويتضمن تقسيم فلسطين لأربعة مناطق إدارية:
1. منطقة يهودية 2. منطقة عربية
3. القدس 4. النقب

بحيث تمنح المنطقتان العربية واليهودية استقلالاً ذاتياً. وقد رفض العرب المشروع وأسقطوه[9].

بعد ذلك، قررت بريطانيا أن ترفع قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة بحجة أنها قررت إنهاء انتدابها على فلسطين[10].

فدعت في 2 إبريل 1947 الأمم المتحدة لعقد دورة استثنائية. وبعد مناقشات مسهبة قررت الجمعية العامة في 15 مايو 1947 تأليف اللجنة الخاصة للأمم المتحدة بشأن فلسطين (انسكوب UNSCOP) وتألفت من 11 دولة هي: استراليا - كندا - تشيكوسلوفاكيا - جواتيمالا - الهند - إيران - بيرو - السويد - الأورجواي - يوجوسلافيا - هولندا. ومهمة اللجنة التحقيق في قضية فلسطين، ورفع تقرير للجمعية العامة وتقديم الاقتراحات التي تراها ملائمة لذلك. وعقدت الانسكوب 16 اجتماعاً عاماً، و36 اجتماعاً خاصاً بين 26 مايو و31 أغسطس 1947، واستمعت لبيانات سلطات الانتداب البريطاني وشهادات العرب واليهود. وأقرَّت في تقريرها أن العرب أكثر من ثلثي السكان وأنهم يملكون ما يزيد على 86% [النسبة الحقيقية أكبر وهي 93.5%]من أرض فلسطين، وأنهم بموجب حقهم الطبيعي القانوني توَّاقون للحصول على استقلالهم الناجز.

وتضمن تقرير اللجنة توصيات وافق عليها أعضاؤها بالإجماع وهي: إنهاء الانتداب البريطاني، واستقلال فلسطين على أن تسبق ذلك مرحلة انتقالية، تكون السلطة في أثناءها مسئولة أمام الأمم المتحدة، مع بقاء الصبغة الدينية للأماكن المقدسة.

وانقسم الأعضاء في تفصيلات النقاط الأخرى فانقسموا إلى أكثرية قدمت المشروع التالي:
1. تقسيم فلسطين إلى دولتين يربط بينها اتحاد اقتصادي.
2. تكون الدولة العربية على مساحة 42.88% من المساحة لأرض فلسطين ويسكنها 725 ألف عربي و10 آلاف يهودي.
3. تكون الدولة اليهودية على مساحة 56.74%، وسكانها 498 ألف يهودي و497 ألف عربي.
4. يوضع للقدس كيان مستقل خاضع لنظام دولي خاص، تتولى الأمم المتحدة إدارته عبر مجلس وصاية (القدس والبلدان المجاورة حتى أبو ديس شرقاً وبيت لحم جنوباً وعين كارم غرباً) وتضم 105 آلاف عربي و100 ألف يهودي.

أما اقتراح الأقلية فقدمته إيران والهند ويوجوسلافيا، وتضمّن إقامة دولة اتحادية عاصمتها القدس، تضم حكومتين مستقلتين استقلالاً داخلياً.

وامتنعت استراليا عن تأييد أيٍّ من الاقتراحين.

وفي 3 سبتمبر 1947 جعلت الأمم المتحدة من نفسها لجنة خاصة لبحث المشروعين، حيث عقدت 34 اجتماعاً بين 25 سبتمبر و25 نوفمبر 1947. ورفضت الجمعية العامة اقتراحاً بدعوة محكمة العدل الدولية لتقرير صلاحية الأمم المتحدة في النظر في تقسيم فلسطين بأغلبية 25 ضد 18 وامتناع 11. وبالعكس صوتت 21 دولة مقابل 20 على أن للأمم المتحدة صلاحية التوصية بتطبيق قرار التقسيم، دون حاجة لموافقة أكثرية شعب فلسطين!! وتعكس حالة التصويت هذه مخالفة الأمم المتحدة لأبرز مواثيقها التي قامت على أساسها، وهي حق الشعوب في تقرير مصيرها. وهذا انعكاس طبيعي لنفوذ الدول الكبرى، وعدم عضوية أغلبية دول العالم الإسلامي وإفريقيا في ذلك الوقت في الأمم المتحدة، لأنها كانت ما تزال تحت الاستعمار، مما يجعل للدول الغربية ومن يدور في فلكها فرصة أكبر للنجاح في التصويت.

وفي 25 نوفمبر 1947 وافقت اللجنة الخاصة على خطة التقسيم مع وحدة اقتصادية بـ25 صوتاً مقابل 13 وامتناع 17. واختلف مضمون القرار بأن أنقص من المنطقة المخصصة للدولة اليهودية بجعله يافا وحوالي 500 ألف دونم من صحراء النقب من نصيب الدولة العربية لتصبح النسب 54.7% للدولة اليهودية (14400كم2)، و44.8% للدولة العربية (11780كم2) ونحو 0.5% لمنطقة القدس. ورُفع الأمر للجمعية العامة لاتخاذ قرار يحتاج إلى أغلبية الثلثين الحاضرين المشتركين في التصويت. ولم تكن القوى الكبرى تملك أغلبية الثلثين، وكاد في يوم 26 نوفمبر أن يحدث تصويت، ولو تم لسقط مشروع التقسيم، لكن رئيس الجمعية مندوب البرازيل أجَّل الجلسة. وقام اليهود والأمريكان بحملة محمومة نجحت بمختلف الوسائل في زيادة الأصوات المؤيدة، فقد استلمت زوجات ممثلي أمريكا اللاتينية هدايا كثيرة معظمها ألماس ومعاطف فرو ثمينة. وأَمَرت حكومة هايتي (التي كانت قد صوتت ضد التقسيم) مندوبها بالتصويت معه، بعد أن وعدتها أمريكا بالمساعدة الاقتصادية. واستخدم رجل الأعمال الأمريكي روبرت ناثان نفوذه الاقتصادي لشراء صوت جواتيمالا، وهدّدت شركة فايرستون ليبيريا اقتصادياً إن لم تتحول من الامتناع إلى التأييد، وتعرضت الفليبين لضغوط شديدة، وتدخل رئيس جمهوريتها، فأمر مندوبه بالموافقة على القرار. ووفق هذه الألعاب القذرة تم تقرير مصير أحد أقدس وأطهر البقع في الأرض. تُرى ما هو المنطق في أن يتقرر مصير شعب مسلم وأرض مقدسة بناء على أن زوجة فلان من أمريكا اللاتينية حصلت على طقم ألماس أو معطف فرو!! أو لأن ليبيريا تخشى نفوذ شركة أمريكية!!

وفي يوم 29 نوفمبر 1947 فاز قرار التقسيم بأغلبية 33 مقابل 13 وامتناع 10 (وكانت بريطانيا ضمن الممتنعين عن التصويت!!).

إن قرار الأمم المتحدة هذا من أغرب القرارات الدولية فقد:
1. صدر مخالفاً لأحد أهم أهداف المنظمة الدولية وهو حق الشعوب في تقرير مصيرها.
2. يفتقر إلى أي سند قانوني، فالجمعية العامة لا تملك سلطة التصرف في شئون الأقاليم الموضوعة تحت الانتداب، ومنها فلسطين. فقد أنشأت الأمم المتحدة نظام "الوصاية" وكان عليها أن تدخل في مفاوضات لوضع فلسطين تحت الوصاية، وتقرر إنهاء الانتداب على فلسطين، إذا كان قد حقق أهدافه في تهيئة البلد للاستقلال.
3. ليس في ميثاق الأمم المتحدة أو أي هيئة رئيسية فيه سلطة تقسيم إقليم محدد دولياً خلافاً لرغبة سكانه.
4. هذا القرار يعد في الفقه الدولي - السائد في حينه - توصية غير ملزمة، صدرت وفق المادة العاشرة من ميثاق الأمم المتحدة، وهي لا يمكن أن تمس الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.
5. قرار التقسيم - جدلاً - مخالف للعدل في التوزيع فلا هو راعى نسبة ملكية الأراضي (اليهود لا يملكون أكثر من 6.5%) ولا هو راعى نسبة السكان (اليهود 31.7%).

ورغم ذلك فإن مشروع التقسيم هذا قد اتخذ هالة كبيرة وقوة عملية لأنه يخدم الجانب اليهودي وأهداف القوى الكبرى. ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد السوفييتي أيَّد هذا القرار بقوة وعبأ أنصاره باتجاهه. ورغم أن اليهود بذلوا جهد المستميت لإنجاح القرار واستقبلوه بفرحة عارمة، إلا أن الكيان الصهيوني لم يعترف مطلقاً "بشكل رسمي" بهذا القرار، وتعامل معه كأمر واقع ومسألة إجرائية. وسعى بعد ذلك إلى تجاوزه بشن الحملات الحربية التي وسعت كيانه إلى 77% نتيجة حرب 1948، (وإلى احتلال كامل فلسطين سنة 1967). وبعد انتهاء حرب 1948، لم تقم الأمم المتحدة أو القوى الكبرى بإلزام الكيان الصهيوني بالعودة للحدود المقترحة في قرار تقسيم فلسطين، وإنما سعت إلى تثبيت الحدود الجديدة وفق اتفاقيات هدنة عُقدت بين الجانب "الإسرائيلي" مع مصر في 24 فبراير 1949، ثم لبنان في 23 مارس ثم الأردن في 3 إبريل ثم سوريا في 20 يوليو 1949. وتعاملت القوى الغربية والعظمى مع الأراضي التي ضمها الكيان الصهيوني إليه بالقوة في أثناء الحرب بوصفها جزءاً لا يتجزأ من هذا الكيان. وهذا يظهر لامبالاة حقيقية بموضوع الحقوق وقرارات الأمم المتحدة عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين والعرب والمسلمين.

مشاريع التسوية السلمية 1948 - 1967:
كان القاسم المشترك لمشاريع التسوية في هذه المرحلة هو التعامل مع قضية فلسطين بوصفها قضية لاجئين، أي الشق الإنساني من الموضوع وليس السياسي. ففي 11 ديسمبر 1948 وبناء على مشروع بريطاني وافقت الأمم المتحدة على إصدار القرار 194 القاضي بوجوب السماح بالعودة للاجئين الفلسطينيين الراغبين في العودة إلى بيوتهم في أقرب وقت ممكن، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى بيوتهم، وأن يتم تعويض أي مفقود أو مصاب بضرر من الجهة المسئولة عن ذلك. ويعني قرار العودة هذا أن:
1. العودة حق واجب التنفيذ.
2. وهي تتوقف على الاختيار الحر للاجئ.
3. وهي حق طبيعي وليس منّة من أحد.
4. ولا يجوز لأحد منع هذا الحق أو حجبه.
5. وأن عودته إلى وطنه هي عودة مواطن له كامل الحقوق المدنية والسياسية[11].

ومن الجدير بالذكر أن قرار حق العودة هذا قد جرى التأكيد عليه سنوياً في اجتماعات الأمم المتحدة، وصدر أكثر من 110 مرات حتى الآن، مع رفض "إسرائيلي" مستمر لتنفيذه، ودون أن تتحرك الأمم المتحدة بأي خطوة عملية لإلزام الكيان الصهيوني به. وقد كان قد تم تشريد 800 ألف فلسطيني من أصل 920 ألف كانوا يسكنون المنطقة التي استولى عليها الصهاينة. ويبلغ عدد هؤلاء الفلسطينيين نحو خمسة ملايين و100 ألف تقريباً (حسب سنة 2001).

وفي الوقت نفسه لم يستطع الفلسطينيون إنشاء الدولة العربية الخاصة بهم، إذ قام الأردن بضم الضفة الغربية رسمياً إليه بتاريخ 11 إبريل 1950، كما قامت مصر بوضع قطاع غزة تحت إدارتها.

وقد تضمن القرار 194 نفسه مادة تنص على تشكيل لجنة توفيق ومصالحة[12]بين الكيان الصهيوني والدول العربية. وتشكلت اللجنة من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، ودعت اللجنة في أواخر 1949 الكيان الصهيوني لقبول عودة 100 ألف لاجئ فلسطيني مقابل الحصول على صلح مع العرب، لكن الكيان الصهيوني رفض ذلك بشكل قاطع. وتعاونت الدول العربية مع لجنة المصالحة، لكن إصدار الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بيانها الشهير في 25 مايو 1950 بحماية الحدود "الإسرائيلية" القائمة (رغم أنها تحتل مساحة إضافية من فلسطين تقدر بحوالي 23%) كشف النوايا الحقيقية لهذه الدول، مما دفع الدول العربية لرفض مقترحات لجنة المصالحة المتعلقة بترتيبات التسوية مع الكيان الصهيوني. وقد عقدت اللجنة مؤتمراً في لوزان بسويسرا في 26 إبريل 1949 وكان الكيان الإسرائيلي تحت ضغط الحاجة إلى قبوله عضواً في الأمم المتحدة فوافق ووقع على "بروتوكول لوزان" الذي تضمن:
1. أن تكون الخريطة الملحقة بقرار تقسيم فلسطين هي أساس للمحادثات بشأن مستقبل فلسطين.
2. انسحاب "إسرائيل" إلى ما وراء حدود التقسيم.
3. تدويل القدس.
4. عودة اللاجئين وحقهم في التصرف بأموالهم وأملاكهم، وحق تعويض من لا يرغب بالعودة.

ولكن ما إن وافقت الأمم المتحدة على عضوية الكيان الإسرائيلي فيها حتى تنكرّت "إسرائيل" لاتفاقية لوزان، ورفضت تنفيذ شروطها. وقد عطَّلت "إسرائيل" أي عمل للجنة متعلقٍ بتنفيذ التقسيم أو عودة اللاجئين. وبدا واضحاً أن الموقف الصهيوني وجد هوى غير معلن لدى لجنة المصالحة التي تعمَّدت التقاعس وإماتة الموضوع، وافتقرت لأدنى درجات الجدية، وسكتت سكوتاً مريباً عن مصادرة الكيان الصهيوني لأراضي اللاجئين وأملاكهم. ومن الجدير بالذكر أن لجنة المصالحة هذه ظلَّت (من الناحية الرسمية) مشكلة لعشرات السنين، وظلّ تقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة يأسف سنوياً لعدم تمكن هذه اللجنة من إيجاد الوسائل لتحقيق أي تقدّم بشأن عودة اللاجئين، ويطلب منها أن تبذل جهوداً متواصلة من أجل ذلك (مثلاً قرار ب3419 في 8 ديسمبر 1975).

وفي إطار التعامل مع قضية فلسطين كقضية لاجئين أُنشئت "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين وتشغيلهم (الأونروا)" بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302 الصادر في 8 ديسمبر[13]. وأخذ يتضح مع الزمن أن مزاج القوى الكبرى العام يتجه نحو إيجاد حلول اقتصادية لمصاعب الحياة التي يواجهها اللاجئون، وتوطينهم حيث استقروا أو في أماكن أخرى، وليس إعادتهم إلى أرضهم أو إعطائهم حقوقهم السياسية في الهوية الوطنية وتقرير المصير والاستقلال.

وتوالت المشاريع التي تركز على قضية اللاجئين وعلى تحقيق تسوية بين الدول العربية والكيان الصهيوني، دونما إشارة لإنشاء كيان سياسي فلسطيني. فكان هناك المشروع النرويجي في 26 نوفمبر 1952 الذي دعا إلى توقف الأعمال العدوانية والدخول في مفاوضات مباشرة بين الأطراف المعنية. وكان هناك مشروع "جاما" الأمريكي 1955 - 1956، حيث يذكر مايلزكوبلاند أن روزفلت حصل على موافقة كل من بن جوريون وجمال عبد الناصر على عقد لقاء سرِّي على متن يخت في البحر المتوسط. ولكن عبد الناصر أصَّر أن توافق "إسرائيل" من حيث المبدأ على قبول عودة الفلسطينيين الراغبين في العودة وأن تحصل مصر على ممر يوصلها بالأردن، لكن المشروع فشل لرفض الجانب الإسرائيلي مناقشة أي تنازلات من طرفه. وهناك مشروع جونستون الأمريكي 1953 - 1955 الذي استهدف تصفية قضية اللاجئين وقضية فلسطين، عن طريق تعاون الدول العربية مع الكيان الإسرائيلي في استثمار مياه نهر الأردن بطريقة تكفل تطور المنطقة زراعياً، وتهيئة سبل الاستقرار فيها للاجئين، ولمزيد من المهاجرين اليهود. وقد رفض مؤتمر اللاجئين المنعقد في القدس في 20 مايو 1955 المشروع[14].

وهناك مشروع دالاس وزير الخارجية الأمريكي الذي دعا في 26 أغسطس 1955 إلى إنهاء مشكلة اللاجئين بعودتهم إلى وطنهم "إلى الحد الذي يكون ممكناً"، وبتوطين الباقي في المناطق العربية التي يقيمون فيها، ودعا إلى إجراءات جماعية لمنع أي حرب أو عدوان بين دول المنطقة، وإلى تسوية الحدود بين البلاد العربية والكيان الإسرائيلي[15].

وتعاونت مصر مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) خلال الفترة 1953 - 1955 في تنفيذ مشروع لتوطين لاجئي قطاع غزة في شمال غرب سيناء، وقد اتخذ المشروع أبعاداً مفصلة وجدية، غير أنه لقي معارضة شاملة وعنيفة من فلسطينيي القطاع، الذين خرجوا إثر الهجمة الصهيونية على القطاع في 28 فبراير 1955 في تظاهرات قوية تطالب بتشكيل جيش تحرير فلسطيني، وإيقاف مشروع شمال غرب سيناء، وإطلاق الحريات ... وتم إسقاط المشروع[16].

وفي 9 نوفمبر 1955 طرح رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن مشروعه الذي يدعو إلى الوصول إلى "صيغة تسوية" بين الموقف العربي الذي يطالب بحدود التقسيم عام 1947، والموقف الإسرائيلي المتمسك بحدود الهدنة. ورفضت "إسرائيل" المشروع وقال بن جوريون "إن غزو الدول العربية لأرض فلسطين في حرب 1948 قد جعل كافة قرارات هيئة الأمم المتحدة حول فلسطين لاغية وباطلة بدون أية إمكانية لإعادتها إلى الحياة"[17].

وفي 15 يونيو 1959 صدر عن همرشولد الأمين العام للأمم المتحدة مشروع ركز على حل مشكلة اللاجئين بتوطينهم واستيعابهم عبر مساعدة الدول التي يتواجدون فيها اقتصادياً، رغم إشارته إلى حقهم في العودة. وقد رفض الفلسطينيون هذا المشروع بقوة وأقام ممثلوهم في لبنان المؤتمر الفلسطيني الذي عقد في 26 يونيو 1959، والذي رفض تذويب الفلسطينيين في اقتصاديات الشرق الأوسط[18].

وفي 2 أكتوبر 1962 قدَّم جوزيف جونسون رئيس مؤسسة "كارنيجي" للسلام العالمي مشروعه لحل مشكلة اللاجئين بعد أن كلفته الحكومة الأمريكية سنة 1961 بدراستها، وأكد في مشروعه على حق اللاجئين الحر بالعودة أو التعويض، مشيراً إلى بعض آليات تنفيذ ذلك[19].

أما المشروع العربي الوحيد في تلك الفترة الذي يستحق الإشارة باعتباره اختراقاً للإجماع العربي حول "السلام" مع الكيان الصهيوني، فكان المشروع التونسي الذي قدمه الحبيب بورقيبة رئيس تونس في 21 إبريل 1965 وتضمن:
1. أن تعيد "إسرائيل" إلى العرب ثلث المساحة التي احتلتها منذ إنشائها لتقوم عليها دولة عربية فلسطينية.
2. يعود اللاجئون إلى دولتهم الجديدة.
3. تتم المصالحة بين العرب وإسرائيل بحيث تنتهي حالة الحرب بينهما.

وقد رحب الكيان الإسرائيلي بمقترحات بورقيبة بوصفها اتجاهاً جديداً في التفكير العربي، لكنه رفض التنازل عن أي جزء من الأرض التي استولى عليها. وقد قوبلت مقترحات بورقيبة باستهجان ورفض عربي شعبي ورسمي عارم[20].

وقد ردَّ "ليفي اشكول" رئيس الوزراء الصهيوني على بورقيبة بمشروع تسوية أعلنه في 17 مايو 1965 مبنيٍ على تثبيت الأوضاع القائمة مع تعديلات طفيفة، ومفاوضات مباشرة وإحلال سلام دائم وتطبيع العلاقات مع البلاد العربية[21].

مشاريع التسوية 1967 - 1987:
أفرزت حرب يوليو 1967 حقائق جديدة على الأرض، فقد احتل الصهاينة ما تبقى من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة)، فضلاً عن سيناء المصرية والجولان السورية. وكانت كارثة بحق، فقد تبخرت ثقة الأنظمة العربية بقدرتها على تحرير فلسطين، كما تبخرت ثقة الجماهير العربية بهذه الأنظمة. وتحوَّل الشغل الشاغل للأنظمة العربية عن تحرير الأرض المحتلة عام 1948 إلى تحرير الأرض المحتلة سنة 1967، أو تحقيق أي تسوية سلمية تضمن "إزالة آثار العدوان"، أي عدوان 1967. وبالتالي تمكَّن الكيان الصهيوني من فرض جدول جديد لمشاريع التسوية، تركَّز على أراضٍ لم تكن محتلة أصلاً بحيث أصبحت هي موضوع المساومة، وليس أرض 1948 التي ضَمن الصهاينة أن تخرج عن دائرة البحث ابتداء. ورغم أن مؤتمر قمة الدول العربية الذي انعقد في الخرطوم في 29 أغسطس 1967 خرج باللاءات الثلاث الشهيرة "لا صلح، لا مفاوضات، لا استسلام"، إلا أن ذلك كان استجابة للحالة النفسية للجماهير العربية المصدومة التي تطالب بالثأر والانتقام، ولم يكن ذلك خطّاً أصيلاً يرفض على أساسه مشاريع التسوية، إذ إن الأنظمة العربية سرعان ما ستتعامل مع هذه المشاريع. كما أنها لن تقوم بتنفيذ خطط عمل استراتيجية تخدم تلك الشعارات المعلنة.

وقد أصبحت مشاريع التسوية من الكثرة بحيث يصعب مجرد سردها، غير أن الإطار العام للمشاريع العربية سيتركز على انسحاب الكيان الصهيوني من الأرض المحتلة سنة 1967، والإطار العام للمشاريع الإسرائيلية سيتركز على إنهاء حالة الحرب وإقامة علاقة طبيعية مع البلاد العربية، مع إنكار حقوق الشعب الفلسطيني. أما الإطار العام للمشاريع الدولية فسيحاول الجمع بين الرؤيتين العربية والصهيونية، بحسب الجهة التي تقدم المشروع وطبيعة علاقتها بالطرفين.

مشروع آلون[22]:
بعد شهر واحد من حرب 1967 طرح وزير الخارجية الإسرائيلية إيجال آلون مشروعه الذي حظي بشهرة واسعة وتضمنت أفكاره:
1. الحدود الشرقية للكيان الإسرائيلي هي نهر الأردن وخط يقطع البحر الميت من منتصفه.
2. ضم المناطق الغربية لغور الأردن والبحر الميت بعرض بضعة كيلومترات إلى نحو 15 كيلومتراً، وإقامة مستوطنات صهيونية زراعية وعسكرية ومدنية فيها بأسرع ما يمكن، وإقامة ضواحي سكنية يهودية شرقي القدس.
3. تجنُّب ضم السكان العرب إلى الكيان الإسرائيلي قدر الإمكان.
4. إقامة حكم ذاتي فلسطيني في الضفة الغربية في المناطق التي لن يضمها الكيان الإسرائيلي.
5. ضم قطاع غزة للكيان الإسرائيلي بسكانه الأصليين فقط، ونقل لاجئي 1948 من هناك وتوطينهم في الضفة الغربية أو العريش.
6. حل مشكلة اللاجئين على أساس تعاون إقليمي يتمتع بمساعدة دولية. وتقوم "إسرائيل" بإقامة عدة قرى "نموذجية" للاجئين في الضفة وربما في سيناء.
ورغم أن آلون طرح مشروعه على حكومته إلا أنها لم تقم بمناقشته أو تبنِّيه رسمياً. ومع ذلك، فإن هذا المشروع أصبح بعد ذلك أساساً تنطلق منه معظم - أو كل - مشاريع التسوية الإسرائيلية حتى أواخر القرن العشرين مع بعض التعديلات أو الديكورات الطفيفة.

قرار مجلس الأمن 242 في 22 نوفمبر 1967[23]:
يعد قرار مجلس الأمن 242 من أهم المشاريع التي لا تزال تستند إليها كافة مشاريع التسوية إلى الآن. وقد قدَّمت بريطانيا هذا المشروع ووافق عليه مجلس الأمن الدولي بالإجماع. وكان مجلس الأمن قد انعقد في الفترة 9 - 22 نوفمبر 1967 واستمرت اجتماعاته 107 ساعات في 32 جلسة، قدمت فيها أربعة مشاريع: سوفييتي وأمريكي وبريطاني، ومشروع قدمته ثلاث دول هي الهند ومالي ونيجيريا.

أما نص القرار فنذكره لأهميته ولأنه الأكثر تداولاً حتى الآن:
"إن مجلس الأمن إذ يعرب عن قلقه المتواصل بشأن الوضع الخطر في الشرق الأوسط، وإذ يؤكد عدم القبول بالاستيلاء على أراض بواسطة الحرب، والحاجة إلى العمل من أجل سلام عادل ودائم تستطيع كل دولة أن تعيش فيه بأمن، وإذ يؤكد أن جميع الدول الأعضاء بقبولها ميثاق الأمم المتحدة قد التزمت بالعمل وفقاً للمادة الثانية من الميثاق:

أولاً: يؤكد أن تحقيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط ويستوجب تطبيق المبدأين التاليين:
أ. سحب القوات الإسرائيلية المسلحة من أراضٍ احتلت في النـزاع الأخير.
ب. إنهاء جميع ادعاءات الحرب أو حالاتها واحترام السيادة والوحدة لأراضي كل دولة في المنطقة والاعتراف بذلك، وكذلك استقلالها السياسي، وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها وحرة من التهديد أو أعمال القوة.

ثانياً: يؤكد أيضاً الحاجة إلى:
أ. ضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية في المنطقة.
ب. تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين.
ج. ضمان المناعة الإقليمية والاستقلال السياسي لكل دولة في المنطقة، عن طريق إجراءاتٍ بينها إقامةُ مناطق مجردة من السلاح.

ثالثاً: يطلب من الأمين العام تعيين ممثل خاص للذهاب إلى الشرق الأوسط كي يقيم ويجري اتصالات مع الدول المعنية بغية إيجاد اتفاق ومساعدة الجهود لتحقيق تسوية سلمية ومقبولة وفقاً للنصوص والمبادئ الواردة في مشروع القرار هذا.

رابعاً: يطلب من الأمين العام أن يرفع تقريراً إلى مجلس الأمن حول تَقدُّم جهود الممثل الخاص في أقرب وقت ممكن".
ومن أبرز عيوب هذا القرار أنه:
- لا يعيِّن بوضوح الخطوط التي يجب أن ينسحب منها الكيان الإسرائيلي.
- يُقرُّ للكيان الإسرائيلي ما حازه من توسع غير قانوني قبل حرب 1967.
- لا يتناول جوهر "النـزاع" وهو قضية فلسطين إلا من زاوية اللاجئين، أي أنه لا يتعرض للحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني.
- يجعل الانسحاب "الإسرائيلي" رهناً بتحقيق شروط أخرى.
- تم حذف "ال" التعريف في النص الإنجليزي (The) ليصبح الانسحاب من "أراضٍ" وليس "الأراضي" التي احتلها الصهاينة. بمعنى أن الانسحاب لن يكون بالضرورة شاملاً من كل الأرض. أما النصين الفرنسي والإسباني فقد أبقيا على أداة التعريف، ولذلك ذكرت فرنسا والاتحاد السوفييتي ومالي والهند ونيجيريا قبل الموافقة على القرار أنها تفهم أن الانسحاب سيكون شاملاً. وبالطبع، فإن الكيان الإسرائيلي والأمريكان يرفضون الرجوع إلّا إلى النص الإنجليزي.

وفي الفترة 9 - 12 ديسمبر 1981 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة قرارات كان من ضمنها أن قرار 242 لا يؤمن مستقبل الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة، وأكدت حقه في العودة وتقرير المصير والاستقلال الوطني والسيادة الوطنية .[24].

وقد رفضت م.ت.ف وكل المنظمات الفدائية الفلسطينية قرار 242 حين صدوره لأنه يعني "تصفية القضية الفلسطينية تصفية نهائية". كما رفضت سوريا والعراق والجزائر هذا القرار، أما الأردن ومصر فقد وافقتا على القرار[25].

وقد عينت الأمم المتحدة جونار يارنج (سفير السويد في موسكو) مبعوثاً خاصاً لها لمتابعة تنفيذ هذا القرار، وقد قام بعدة جولات واتصالات على مدى يزيد عن ثلاث سنوات ..، حيث ركزت المطالب العربية على اشتراط أن أيَّ تسوية سلمية تعني العودة إلى حدود ما قبل حرب 1967 مع عودة اللاجئين. أما الكيان الإسرائيلي فركز على الدخول في محادثات سلام دون شروط مسبقة، كما عرض انسحابات من سيناء بشرط أن تكون منـزوعة السلاح وأن يبقى شرم الشيخ بيده، وعرض انسحابات من أجزاء من الضفة الغربية، لكنه رفض إعادة قطاع غزة والجولان، وأصر على بقاء القدس الموحدة (الشرقية والغربية) جزءاً من الكيان الإسرائيلي، مع رفض إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية. وهذا ما تم عرضه في مشروع إسرائيلي عرف باسم رئيسة وزرائها "مشروع جولدا مائير" في 9 فبراير 1971. وفشلت في النهاية مهمة يارنج، رغم كثرة المشاريع المتبادلة بين الطرفين[26].

مشروع روجرز 25 يونيو 1970:
وليم روجرز هو وزير الخارجية الأمريكي، وقد طرح مشروعاً على الأردن ومصر والكيان الإسرائيلي يستند أساساً إلى تنفيذ قرار 242، وإقامة مباحثات للتوصل إلى اتفاق سلام "عادل ودائم" على أساس الاعتراف بالسيادة وسلامة الكيان الإقليمي لكل طرف واستقلاله السياسي.

وافقت مصر في 23 يوليو والأردن في 26 يوليو 1970 على مشروع روجرز. وقد رفضته "إسرائيل" في البداية، لكنها عادت تحت الضغط الأمريكي فأبدت موافقة متحفظة في 6 أغسطس 1970. وقد أحدثت موافقة مصر والأردن انشقاقاً في الصف العربي، وهاجمته م.ت.ف وفصائلها الفدائية بشدة لأنه يعني التنازل نهائياً عن هدف تحرير فلسطين وإنكار حقوق الشعب الفلسطيني. غير أن الكيان الإسرائيلي نفسه حاول التهرب وإفشال المشروع لأنه يتضمن انسحاباً من بعض الأراضي، ثم إن الأردن انشغل بتصفية العمل الفدائي في الأردن في سبتمبر 1970، كما توفي جمال عبد الناصر في الشهر نفسه، مما جمّد هذه المبادرة عملياً[27].

مشروع المملكة العربية المتحدة 1972:
بعد أن تمكنت السلطات الأردنية من السيطرة تماماً على الأوضاع وتصفية التواجد الفدائي الفلسطيني (أيلول / سبتمبر 1970، وتموز / يوليو 1971)، أعلن الملك حسين في خطاب له في 15 آذار / مارس 1972 مشروع "المملكة العربية المتحدة". وهو مشروع جاء استثماراً من السلطات الأردنية لما بدا انتصاراً على م.ت.ف والفصائل الفلسطينية، وجزءاً من "المعركة" بينهما على تمثيل الفلسطينيين أو جزء منهم.

تلخص برنامج "المملكة العربية المتحدة" في أن تتكون هذه المملكة من قطرين فلسطين (الضفة الغربية وأي جزء يتم تحريره أو يرغب بالانضمام) والأردن، ويرتبط القطران بوحدة فدرالية تحت سلطة الملك. وهناك سلطة تنفيذية مركزية يتولاها الملك ومعه مجلس وزراء مركزي. وهناك سلطة تشريعية مركزية يتولاها الملك ومعه "مجلس الأمة" ينتخب أعضاؤه بالاقتراع السرِّي المباشر وبعددٍ متساوٍ من الأعضاء لكل من القطرين. ولكل قُطر حاكم عام من أبنائه ومجلس وزراء قُطري من أبنائه أيضاً، وله سلطة تشريعية خاصة به هي "مجلس الشعب". وللمملكة قوات مسلحة واحدة قائدها هو الملك[28].

ولم يكتب لهذا المشروع النجاح، فالضفة الغربية تحت الاحتلال "الإسرائيلي" الذي لا يرغب بالانسحاب. كما كان لـ م.ت.ف والمنظمات الفدائية تواجد وتأييد قوي في الساحة الفلسطينية يمكن أن يعطّل هذا المشروع. وقد رفضت م.ت.ف وكافة فصائلها المشروع الأردني، وعقد المجلس الوطني الفلسطيني لـ م.ت.ف دورة استثنائية في نيسان / إبريل 1972 وانعقد بموازاته مؤتمر شعبي حضره نحو 500 شخص يمثلون بشكل واسع الأوساط الفلسطينية حيث تم رفض المشروع[29].

قرار مجلس الأمن 338 (سنة 1973):
أصدر مجلس الأمن هذا القرار في 22 تشرين أول / أكتوبر 1973 والذي على أساسه توقفت حرب تشرين / أكتوبر 1973 التي خاضتها مصر وسوريا ضد الكيان الإسرائيلي. وقد دعا إلى البدء فوراً بتنفيذ قرار مجلس الأمن 242 بجميع أجزائه، وإلى عقد مفاوضات تحت الإشراف الملائم بهدف إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط[30]. ووافقت مصر وسوريا والأردن على القرار، كما وافقت عليه "إسرائيل" بشيء من التحفظ، بينما رفضته م.ت.ف مؤكدة أنها ليست معنية به، وأنها ستتابع الكفاح المسلح والجماهيري "ضد الكيان الصهيوني من أجل تحرير الوطن، وحق شعبنا في تقرير مصيره بنفسه وعلى أرضه"[31].

وبناء على قرار 338 فقد انعقد في جنيف مؤتمر السلام للشرق الأوسط في 21 - 22 كانون أول / ديسمبر 1973. وقد وضع الكيان الصهيوني تعقيدات كبيرة في وجه التنفيذ الفعلي للقرار، رغم مشاركته في المؤتمر. وقد شاركت فيه مصر والأردن بينما رفضت سوريا المشاركة. ولم يتمخض عن هذا المؤتمر شيء عملي سوى تشكيل لجنة عسكرية، تولت فك الاشتباك بين القوات المصرية والصهيونية على جانبي قناة السويس[32].

الفلسطينيون وحق تقرير المصير في الأمم المتحدة[33]:
شهدت منتصف السبعينيات من القرن العشرين نجاحات دبلوماسية فلسطينية كبيرة على صعيد الأمم المتحدة باتجاه إقرار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها الحق في تقرير المصير والاستقلال.

وكانت الأمم المتحدة قد أشارت لأول مرة للفلسطينيين باعتبارهم شعباً في قرارها 2535/أ،ب،ج الصادر في 10 كانون أول / ديسمبر 1969 عندما ذكرت لأول مرة "حقوق شعب فلسطين الثابتة". وفي نهاية 1970 اعترفت الأمم المتحدة لأول مرة بحق شعب فلسطين في تقرير مصيره، وعدَّت ذلك عنصراً لا غنى عنه في إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط. وقد اتخذ هذا القرار بأكثرية غير كبيرة من 47 ضد 22 وامتناع 50. ثم أخذت قرارات الأمم المتحدة تزداد قوة ووضوحاً وتأييداً عالمياً. كما في القرارين: 2787، و2792/د في 6 كانون أول / ديسمبر 1971، وقرار 2963/هـ في 13 ديسمبر 1972، وقرار 3089/ج، د في 7 كانون أول / ديسمبر 1973.
ويُعدُّ قرار 3210 في 14 تشرين أول / أكتوبر 1974 تطوراً ذا أهمية، إذ اعتبر أن الشعب الفلسطيني هو الطرف الأساسي المعني بقضية فلسطين. وقرّر دعوة م.ت.ف "الممثلة للشعب الفلسطيني للاشتراك في مداولات الأمم المتحدة"، وصوَّت مع القرار أغلبية ساحقة من 105 ضد 4 وامتناع 20. ودُعي أبو عمار ياسر عرفات لإلقاء خطاب م.ت.ف في الأمم المتحدة حيث ألقى كلمته في منتصف تشرين ثاني / نوفمبر 1974، والتي لقيت اهتماماً وتجاوباً عالمياً كبيراً.

وصدر إثر ذلك "قرار تاريخي" للأمم المتحدة يحمل رقم 3236 في 22 تشرين الثاني / نوفمبر 1974 بأغلبية 89 صوتاً مقابل 8 وامتناع 37، ويحمل هذا القرار عنوان "حقوق الشعب الفلسطيني" وفيه يؤكد الحقوق الثابتة لشعب فلسطين، وخصوصاً:
- الحق في تقرير مصيره دون تدخل خارجي.
- الحق في الاستقلال والسيادة الوطنية.
- الحق في عودة اللاجئين، والمطالبة بإعادتهم.
- الاحترام الكلي لحقوق الشعب الفلسطيني، وأنه أمر لا غنى عنه لحل قضية فلسطين.
- أن الشعب الفلسطيني طرف رئيسي في إقامة سلم عادل ودائم في الشرق الأوسط.
- حق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكافة الوسائل، وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.

وناشد القرار جميع الدول والمنظمات الدولية مدّ يد العون للشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه، كما طلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقيم اتصالات مع م.ت.ف في كل الشئون المتعلقة بقضية فلسطين.

وبموجب قرار الأمم المتحدة 3237 (22 تشرين الثاني / نوفمبر 1974) مُنحت م.ت.ف مركز مراقب دائم في الأمم المتحدة. وفي السنة التالية قررت الجمعية العامة تأليف لجنة من 20 دولة للبحث في ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه الثابتة وفق قرار 3236 حيث تقوم اللجنة بتقديم تقرير سنوي حول ذلك.
وقد رفضت الجمعية العامة 1979 اعتماد ما جاء في اتفاقية كامب ديفيد المصرية "الإسرائيلية" حول فلسطين. وفي 15 ديسمبر 1980 أصدرت قرارها 35/169 أكدت توصياتها السابقة في قرار 3236، وطالب مجلس الأمن الدولي بوضع جدول زمني لانسحاب الكيان الإسرائيلي من الأرض المحتلة سنة 1967، وتسليم الأرض للأمم المتحدة التي تسلمها بدورها إلى م.ت.ف بالتعاون مع جامعة الدول العربية.

وتكمن أهمية هذه القرارات في تحوّل قضية فلسطين من قضية لاجئين إلى قضية شعب له الحق في تقرير مصيره وتحرير أرضه، كما أنها ترفع الشرعية عن اغتصاب الصهاينة للأرض المحتلة سنة 1967 بما فيها القدس، فضلاً عن حق الفلسطينيين في العودة للأرض المحتلة سنة 1948. كما أصبح للفلسطينيين من يتحدث باسمهم باعتراف عربي ودولي باعتباره ممثلهم الشرعي الوحيد (أي م.ت.ف). ورغم أن هذا الأمر قد زاد من "إقليمية" القضية الفلسطينية، إلا أنه جعل هذه القضية عصيَّة على التذويب أو القفز عن حقوق الشعب الفلسطيني وفق أي تسوية قد تشارك بها أطراف عربية أخرى. ثم إن هذه المكاسب السياسية قد حققت تعاطفاً دولياً واسعاً، وعزلت الكيان الصهيوني سياسياً، بالإضافة إلى قطع معظم دول العالم علاقتها به.

غير أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة لا تعني شيئاً كبيراً، فهي مجرد توصيات، والجهة الوحيدة القادرة على إصدار قرارات ملزمة هي "مجلس الأمن" حيث إن من حق أيٍّ من الدول الكبرى الخمس (الولايات المتحدة، روسيا، بريطانيا، فرنسا، الصين) اتخاذ حق النقض "الفيتو Vito" ضد أي مشروع لا يتوافق مع مصالحها. وعلى ذلك، فقد كان الأمريكان جاهزين دائماً لاتخاذ قرار الفيتو ضد أي قرار يلزم الكيان الصهيوني بأيِّ أمر يراه تنازلاً أو إضعافاً لخططه وبرامجه. وبذلك تظل الأمم المتحدة منبراً دولياً للدعاية والعلاقات العامة أكثر من أيِّ شيء آخر، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بقضية فلسطين.

م.ت.ف وبداية المسار السلمي:
كان المطلب الفلسطيني الشعبي والرسمي الذي لا يقبل التنازل أو المساومة هو تحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، وإخراج المهاجرين اليهود الصهاينة منها. وقد أخذ هذا الموقف بالتبدل من الناحية الرسمية أو من ناحية متصدري العمل الفلسطيني منذ 1968. إذ عرض أبو إياد صلاح خلف في 10 تشرين أول / أكتوبر 1968 هدف فتح الاستراتيجي وهو إنشاء دولة ديموقراطية في فلسطين يعيش فيها المسلمون والمسيحيون واليهود في مساواة تامة وتكافؤ كامل. وهو ما تم تبنيه في م.ت.ف في المجلس الوطني الخامس في شباط / فبراير 1969[34]. ويعني ذلك أن الفلسطينيين لم يعودوا يُصّرون على خروج المهاجرين اليهود المعتدين من فلسطين، مهما كان عددهم وسنة هجرتهم، مع إعطائهم حق المواطنة الكاملة فيها.

وإثر الخروج الفدائي الفلسطيني من الأردن، والأوضاع المحلية والدولية بعد حرب تشرين / أكتوبر 1973، أقر المجلس الوطني الفلسطيني برنامج النقاط العشر "البرنامج السياسي المرحلي" في دورته الثانية عشر في 1 - 8 حزيران / يونيو 1974 في القاهرة. وقد أفسح هذا البرنامج مجالاً هاماً للتحرك السياسي الفلسطيني، ووضع عبارات مبهمة تُهيِّئ لاحتمال المشاركة في التسويات السياسية. فقد نصَّ ميثاق م.ت.ف على أن الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، بينما ذكر برنامج النقاط العشر أن "منظمة التحرير تناضل بكافة الوسائل وعلى رأسها الكفاح المسلح، لتحرير الأرض الفلسطينية، وإقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على كلّ جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها". فلم يعد الكفاح المسلح طريقاً وحيداً للتحرير، كما وافق البرنامج لأول مرة على تجزئة مشروع التحرير خطوة خطوة، ورفض المنهج السابق الذي يؤكد على شمولية التحرير كأمر لا يقبل التنازل[35].

وقد أعطى هذا البرنامج انطباعاً لدى البلاد العربية والعالمية أن م.ت.ف قد أصبحت أكثر "إيجابية" وأكثر "واقعية"، وهو ما أعطى القيادة الفلسطينية مجالاً أكبر للمناورة السياسية. وقد تحققت نتائج ذلك عاجلاً في قمة زعماء الدول العربية في الرباط في تشرين أول / أكتوبر 1974 الذي اعترف بـ م.ت.ف ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني[36]، وفي دعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لـ م.ت.ف للمشاركة في أعمالها، وإلقاء عرفات لخطابه فيها في 13 تشرين ثاني / نوفمبر 1974[37]. وحققت م.ت.ف العديد من المكاسب السياسية على منابر الأمم المتحدة.

غير أن الحملات العسكرية الشديدة التي تعرضت لها المنظمة في الأردن ولبنان وداخل فلسطين، مُترافقةً مع التوجه العربي، وخصوصاً المصري، نحو التسوية، قد أضعف من إمكانات التأثير العسكري الحاسم الذي يمكن أن تقوم به م.ت.ف وفصائلها ضد الكيان الصهيوني ...، وهو ما فتح المجال أكثر لمزيد من النشاط السياسي على حساب غيره من خطوط العمل. ولأن أي تسوية سياسية هي عملياً انعكاس لحالة موازين القوى، فقد تضاءلت مع الزمن قدرة م.ت.ف على فرض شروطها وتصوراتها، وأخذت تتنازل تدريجياً عن مطالبها، كما سنرى لاحقاً.

وقد ترافق التحرك السياسي مع تنازل متعلق بالاتصالات السياسية باليهود (وخصوصاً داخل فلسطين) والتي كانت تعدُّ قبل ذلك نوعاً من الخيانة. إذ سمح المجلس الوطني الفلسطيني الثالث عشر (القاهرة 12 - 22 آذار / مارس 1977) بذلك مؤكداً على "أهمية العلاقة والتنسيق مع القوى اليهودية الديموقراطية والتقدمية المناضلة داخل الوطن المحتل وخارجه ضد الصهيونية كعقيدة وممارسة"[38].

اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر والكيان الإسرائيلي 1978[39]:
قام الرئيس المصري أنور السادات بزيارة مفاجئة إلى الكيان الإسرائيلي في 19 تشرين الثاني / نوفمبر 1977 وألقى خطاباً في الكنيست "الإسرائيلي" ودعا إلى تسوية سلمية. وبدأت بعد ذلك لأول مرة مفاوضات مصرية - "إسرائيلية" مباشرة وعلنية. وقد نتج عنها توقيع اتفاقيات كامب ديفيد في الولايات المتحدة في 17 أيلول / سبتمبر 1978 بين مصر (ويمثلها أنور السادات)، والكيان الإسرائيلي (ويمثلها مناحيم بيجين)، برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر. وقد دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 26 آذار / مارس 1979. والاتفاقية مقسومة إلى وثيقتين الأولى تتناول أسس علاقة الكيان الإسرائيلي مع البلاد العربية ومستقبل الضفة الغربية والقطاع، وأما الثانية فتحدد أسس معاهدة السلام بين مصر والكيان الإسرائيلي. وقد استرجعت مصر بموجب هذه الاتفاقية أرض سيناء وفق شروط تضبط وجود قواتها فيها. ووافقت مصر على إقامة علاقة سلام دائم، وتطبيع العلاقات سياسياً واقتصادياً وثقافياً ... مع الكيان الإسرائيلي.

وفيما يتعلق بالشعب الفلسطيني فقد دعت إلى مشاركة ممثلي الشعب الفلسطيني في المفاوضات، واقترحت حكماً ذاتياً فلسطينياً في الضفة والقطاع بحيث يشترك في المفاوضات بشأنه وشأن مستقبله مصر والأردن و"الكيان الإسرائيلي" وممثلون عن الضفة والقطاع يضمهم في البداية وفدا مصر والأردن. وقد يضم الوفد فلسطينيين آخرين "وفقاً لما يتفق عليه" أي بمعنى أن للكيان الإسرائيلي حق رفضهم أو قبولهم. كما تضمنت التصورات التفصيلية التالية:
1. تكون هناك ترتيبات انتقالية بالنسبة للضفة والغربية وقطاع غزة لمدة لا تتجاوز خمس سنوات.
2. تنسحب الحكومة العسكرية "الإسرائيلية" وإدارتها المدنية بمجرد أن يتم انتخاب سلطة الحكم الذاتي من قبل السكان عن طريق الانتخاب الحر.
3. تتفاوض الأطراف (مصر، الأردن، ممثلو الضفة والقطاع، الكيان الإسرائيلي) بشأن اتفاقية تحدد مسئوليات الحكم الذاتي التي ستمارس في الضفة والقطاع.
4. سيكون هناك إعادة توزيع للقوات الإسرائيلية التي ستبقى في مواقع معينة، وستتضمن الاتفاقية ترتيبات لتأكيد الأمن الداخلي والخارجي والنظام العام.
5. ستتم المفاوضات وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 بكافة أجزائه. وستعالج المفاوضات - من بين أمور أخرى - موضوع الحدود، وطبيعة الإجراءات الأمنية.
6. يجب أن يعترف الحل الناتج عن المفاوضات بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ومطالبه العادلة.
7. سيشترك الفلسطينيون بتقرير مستقبلهم من خلال:
أ. يتم الاتفاق في المفاوضات بين مصر و"إسرائيل" والأردن وممثلي السكان في الضفة والقطاع على الوضع النهائي للضفة والقطاع والمسائل البارزة الأخرى بحلول نهاية المرحلة الانتقالية.
ب. يعرض الاتفاق على ممثلي الضفة والقطاع المنتخبين للتصويت عليه.
ج. تتاح الفرصة للمثلين المنتخبين عن السكان في الضفة وغزة لتحديد الكيفية التي سيحكمون بها أنفسهم تمشياً مع نصوص الاتفاق.
د. المشاركة في عمل اللجنة التي تتفاوض بشأن معاهدة السلام بين الأردن و"الكيان الإسرائيلي".
8. سيتم تشكيل قوة شرطة محلية قوية قد تضم مواطنين أردنيين، وستشترك قوات "إسرائيلية" وأردنية في دوريات مشتركة، وفي العمل على ضمان أمن الحدود.
9. وعندما يتم إنشاء سلطة الحكم الذاتي (مجلس إداري) ستبدأ المرحلة الانتقالية من خمس سنوات. وستتم بأسرع ما يمكن، وبما لا يزيد عن السنة الثالثة من بدء هذه المرحلة، المفاوضات النهائية لتقرير الوضع النهائي للضفة والقطاع وعلاقتها بغيرها، والوصول إلى معاهدة سلام بين الكيان "الإسرائيلي" وبين الأردن مع نهاية المدة الانتقالية.
10. سيتم اتخاذ كل الإجراءات التي تضمن أمن "إسرائيل" وجيرانها.
11. خلال المرحلة الانتقالية تشكل لجنة من الأردن ومصر وممثلو الضفة والقطاع و"إسرائيل" للاتفاق على مدى السماح بعودة النازحين المطرودين من الضفة والقطاع سنة 1967. وستعمل مصر و"إسرائيل" والأطراف الأخرى المهتمة لوضع إجراءات متفق عليها لتحقيق حلٍّ عاجل وعادل ودائم لمشكلة اللاجئين.

وقد ذكرنا تفصيلات كامب ديفيد لأنها أول تسوية سلمية متعلقة بفلسطين يتم الاتفاق عليها بين "الكيان الإسرائيلي" وأحد الأطراف العربية. ولأن اتفاق أوسلو مع م.ت.ف فيما بعد (سنة 1993) سيشكل النسخة المعدّلة - وربما المشوهة - لهذه الاتفاقية.

لقد أثارت هذه الاتفاقية أحد أشد حملات الرفض والاحتجاج في العالم العربي، وانطلقت المظاهرات في كل مكان معبَّرة عن سخط جماهيري شامل. واتّهم السادات بأشنع أوصاف الخيانة وبيع الحقوق العربية. وقامت جماعة إسلامية باغتياله في 6 أكتوبر 1981، ولم تخف قطاعات واسعة من العرب والمسلمين فرحها بذلك و"شماتتها" به. وفي مؤتمر القمة العربية في بغداد 1979 تمَّ قطع العلاقات السياسية مع مصر، وجرى عزل مصر عن محيطها العربي. كما تم تشكيل جبهة الصمود والتصدي مع عدد من الأقطار العربية (سوريا، العراق، ليبيا، الجزائر، اليمن الجنوبي، وم.ت.ف) لمواجهة مشروع كامب ديفيد. وعدَّت م.ت.ف في بيان أصدرته هذا الاتفاق "أخطر حلقات المؤامرة المعادية منذ عام 1948" وأنه يمثل "استسلاماً كاملاً من جانب السادات لمشروع مناحيم بيجن" وأن السادات أعطى "تسليمه بكامل شروطهم لتصفية القضية الفلسطينية والعربية" وأن "الاتفاق بيَّن تواطؤ السادات التام مع الأهداف الصهيونية، في إنكار الحقوق الوطنية الفلسطينية بكاملها، وفي الاستعداد المشترك لضرب القضية الفلسطينية أرضاً وشعباً وثورة تحت إشراف وتخطيط الإمبريالية الأمريكية". وأكدّ البيان أن شعب فلسطين "لا يمكن أن يساوم أو يهادن أي مشروع تصفوي على غرار الحكم الذاتي ..." وأنهم لا يمكن أن يقبلوا أن يتقرر مصيرهم في "إطار خيانة كامب ديفيد"[40]. ومن العجيب أن قيادة م.ت.ف نفسها ستقوم بعد ذلك بخمسة عشر عاماً (إلا أربعة أيام) بالتوقيع على اتفاق شبيه وستتهم خصومها، بما اتهم به السادات خصومه، من عدم الواقعية والجهل، وستزجُّ كل القوى المعارضة والمجاهدة في السجون، وتتهمها بالوقوف ضد "المشروع الوطني"!!

وبالطبع فقد سقط الشق الفلسطيني من اتفاقية كامب ديفيد في ذلك الوقت لرفضه بالإجماع فلسطينياً، كما رفضته الأردن مما أفقده أيَّة إمكانية عملية للتنفيذ.




مشروع خالد الحسن 1982:

قدَّم خالد الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الفلسطيني في 14 مايو 1982 مشروعاً سماه أفكار للنقاش لحل النـزاع، حيث دعا إلى انسحاب الكيان الإسرائيلي من الأراضي المحتلة سنة 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية على تلك الأراضي، وأن تكون أحكام الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة هي المرجع القانوني[41].

والحسن بطرحه هذا يقترب كثيراً من المشروعات العربية - التي رفضتها م.ت.ف دائماً وبإصرار - التي تعترف ضمناً بالكيان الصهيوني وتقبل ما اغتصبه من أرض سنة 1948. وبالتأكيد فإن طرح الحسن (الذي ظهر وكأنه مشروعه الخاص) كان يعكس حالة النقاش الدائرة في صفوف القيادة الفلسطينية، وارتفاع أصوات التيار "الواقعي" المتراجع عن الثوابت ضمن م.ت.ف، وكان أقرب إلى بالون اختبار لجس نبض الشارع الفلسطيني والعربي وردود الفعل الدولية.

مشروع ريجان 1982:
مثَّل الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان، وتدميرُ معظم البنية التحتية لـ م.ت.ف، وإجبارُ نحو عشرة آلاف من مقاتليها على الخروج من لبنان في صيف 1982، مرحلةً جديدة في مسار التسوية السلمية. إذ وجدت القيادة الفلسطينية نفسها في تونس معزولة عن فلسطين، محرومة من أي قاعدة استراتيجية أو لوجستية في دول المواجهة مع الكيان الصهيوني. وساعد هذا الوضع على إيجاد أجواء عربية وفلسطينية جديدة تسير باتجاه متابعة منحنى التسوية الذي اختطته مصر. وأسهمت حالة العجز العربي وعدم جدية أو فاعلية برامج المقاومة والتحرير التي تُعلنها في طرح مشاريع تسوية تلقى قبولاً وتبنياً رسمياً عربياً، وتتضمن التنازل عن أرض فلسطين المحتلة عام 1948، والتعايش السلمي مع الكيان الصهيوني.

كان مشروع الرئيس الأمريكي رونالد ريجان الذي أعلنه في 2 من سبتمبر 1982 من أوائل المشاريع التي طرحت إثر الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان. وقد دعا إلى عدم تقسيم مدينة القدس والاتفاق على مستقبلها عن طريق المفاوضات. وتعهد بحماية أمن "إسرائيل". ويبدو أن هذا المشروع كان مقدمة لاستثمار الظروف السياسية التي نتجت عن الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وهو لا يختلف كثيراً عن الشق الفلسطيني في اتفاقية كامب ديفيد[42].

مشروع السلام العربي (مشروع فاس) 1982:
وكان في أصله مشروعاً طرحه الأمير فهد بن عبد العزيز قبل أن يصبح ملكاً على السعودية، وقد تبناه مؤتمر القمة العربية المنعقد في مدينة فاس بالمغرب في 6 - 9 أيلول / سبتمبر 1982، إثر الخروج الفدائي الفلسطيني من بيروت. وقد تضمن النقاط التالية:
1. انسحاب "إسرائيل" من جميع الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 بما فيها القدس.
2. إزالة المستوطنات التي أقامتها "إسرائيل" في الأراضي المحتلة عام 1967.
3. ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة.
4. تأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بقيادة م.ت.ف، وتعويض من لا يرغب بالعودة.
5. إخضاع الضفة الغربية وقطاع غزة لمرحلة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة لبضعة أشهر.
6. قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
7. يضع مجلس الأمن الدولي ضمانات سلام بين جميع دول المنطقة بما فيها الدولة الفلسطينية المستقلة.
8. يقوم مجلس الأمن الدولي بضمان تنفيذ تلك المبادئ[43].
وقد مثَّل مشروع فاس الخط السياسي العربي العام الذي ساد حقبة الثمانينات. والذي يجمع بين الاعتراف الضمني بالكيان الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة والقطاع.

مشروع بريجينيف للسلام 1982:
وهو مشروع يمثل التصور السوفييتي للتسوية. وقد طرحه الرئيس ليونيد بريجينيف في 15 أيلول / سبتمبر 1982. وركز على حق شعب فلسطين في تقرير مصيره وإقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة بما فيها القدس الشرقية. وأكد على حق جميع دول المنطقة في الوجود والتطور السلميين والأمنيين، وعلى إنهاء حالة الحرب، وإحلال السلام بين الدول العربية و"إسرائيل"، وعلى إيجاد ضمانات دولية للتسوية[44].
وقد رحبت م.ت.ف والدول العربية بهذا المشروع الذي لا يختلف في جوهره عن مشروع فاس. قد أيَّد المجلس الوطني الفلسطيني السادس عشر المنعقد في الجزائر عن 22 شباط / فبراير 1983 مشروع فاس ومشروع بريجينيف، ورفض مشروع ريجان[45].

مشروع الكونفدرالية الأردنية - الفلسطينية 1984 - 1985:
طرح الملك حسين لدى افتتاحه الدورة السابعة عشر للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقدة في عمَّان في 22 تشرين الثاني / نوفمبر 1984 الخطوط العريضة لمبادرة أردنية - فلسطينية مشتركة مبنية على قرار 242 كأساس للتسوية، وعلى مبدأ الأرض مقابل السلام، في إطار مؤتمر دولي تحت إشراف الأمم المتحدة.

وقد جرت مباحثات أردنية - فلسطينية مشتركة تم في ختامها إقرار الاتفاق الأردني - الفلسطيني في 11 شباط / فبراير 1985، وكان من أبرز أفكاره:
1. يتم التحرك الأردني - الفلسطيني على أسس الشرعية الدولية التي تمثلها قرارات الأمم المتحدة، التي تنص على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني مع مراعاة قرارات 242 و338.
2. يجب أن تتم عملية السلام من خلال مؤتمر دولي تشارك فيه م.ت.ف.
3. الاعتراف بمبدأ السلام مقابل الأرض، وانسحاب "إسرائيل" الكامل من الأرضي المحتلة عام 1967، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
4. تكون العلاقة المستقبلية بين الأردن وم.ت.ف علاقة كونفدرالية فيما إذا قامت الدولة الفلسطينية.
5. الاتفاق أنه في حالة نجاح مفاوضات الملك فهد في واشنطن وقبول الإدارة الأمريكية بمقترحاته، أن تقوم م.ت.ف بخطوات متقدمة نحو الاقتراح الأمريكي القاضي بالاعتراف المتبادل (مع الكيان الإسرائيلي)[46].
عكس هذا الاتفاق تحسُّن العلاقة بين م.ت.ف والأردن، والتي شابها التوتر الحاد معظم فترة السبعينيات. كما عكس استجابة أكثر من م.ت.ف للتعامل مع الضغوط الدولية (الأمريكية و"الإسرائيلية" بالذات) التي تفضل التعامل مع قضية فلسطين من خلال البوابة الأردنية، فضلاً عن تراجع م.ت.ف عن إصرارها على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وعلى أي حال، فلم يكتب لهذا المشروع النجاح إذ لقي معارضة فلسطينية داخلية من بعض الفصائل. وقام الملك حسين بإيقاف المشروع في 19 شباط / فبراير 1986.

مشاريع التسوية 1987 - 2000
تُمثِّل هذه الفترة مرحلة دخول م.ت.ف فيما كانت ترفضه من قبل، وتعدُّه من المحرمات والكبائر. ولقد سارت الأنظمة العربية خطوات من التراجع والتنازل حتى وجدت نفسها في مربع التسوية الذي ذهب إليه نظام الحكم في مصر منذ أمد. وكيَّفت نفسها مع الشروط الأمريكية - الإسرائيلية للدخول في المفاوضات.
عانت م.ت.ف خلال 1986 - 1987 حالة من الاستضعاف السياسي، وحالة متزايدة من محاولات التهميش. غير أن اندلاع الانتفاضة المباركة في 9 كانون أول/ ديسمبر 1987 وفَّر لها رافعة سياسية كبيرة، وكرَّس من جديد الهوية الفلسطينية. وأظهرت الانتفاضة الدور الريادي لأبناء الداخل في المقاومة (الذين تمسهم أساساً كل التسويات المطروحة) لتصفية القضية. وعادت الانتفاضة لتبرز من جديد الوجه القبيح للاحتلال الصهيوني، ومعاناة شعب يرزح تحت الاحتلال ويرفضه ويقاومه بكل ما لديه، حتى لو لم يكن ذلك بغير الحجارة. وتصدرت القضية الفلسطينية مرة أخرى جدول أعمال الأمم المتحدة والقوى الكبرى والبلاد العربية ووسائل الإعلام العالمية. وقد حاولت م.ت.ف اهتبال الفرصة لتقدّم نفسها طرفاً مقبولاً، ولا يمكن تجاوزه، لأية تسوية متعلقة بالقضية.

ولم تكن الرياح تجري بما تشتهي سُفُن المنظمة أو الشعب الفلسطيني، فقد كان هناك حالة عجز وتفكك عربي، وكانت العراق وإيران على وشك الخروج منهكتين من حرب الثمانية أعوام (1980 - 1988) التي دمرت اقتصادهما ومواردهما البشرية والمالية والعسكرية. وعانت البلدان النفطية من تراجع إيرادات النفط وانخفاض أسعاره. ثم ما لبث العالم العربي والإسلامي أن انقسم على نفسه إثر الاجتياح العراقي للكويت في 2 أغسطس 1990، وما تلاه من حرب الخليج التي أورثت وضعاً عربياً بائساً ممزقاً. ونضبت المساعدات المالية من البلاد الخليجية لـ م.ت.ف والفلسطينيين، بسبب استنـزاف مواردها المالية في الحرب، وبسبب وقوف م.ت.ف إلى جانب العراق. فيما فرضت أمريكا هيمنتها وتوجهاتها على المنطقة. وفي الوقت نفسه انهار الاتحاد السوفييتي، وانهار معه النظام العالمي ثنائي القطبية الذي سيطر على السياسة الدولية طوال الفترة 1945 ـ 1990. وضعفت بالتالي قدرة دول العالم الثالث - وضمنها البلاد العربية والإسلامية - على الاستفادة من لعبة موازين القوى الدولية لخدمة مصالحها. وزادت صعوبة التحرر من الهيمنة الأمريكية التي أخذت تمثل القوة "البشرية" الكبرى الوحيدة، وسعت إلى تحويل العالم إلى نظام يدور حول قُطبها (أحادي القطبية) ويخدم مصالحها. وأصبحت "شرطي" العالم، وقدَّمت مفاهيمها ومعاييرها للسياسة والاقتصاد بل والثقافة والحياة الاجتماعية لتكون الأساس الذي يحكم العلاقات الدولية وحياة الناس. وزاد الأمر سوءاً، أن النفوذ اليهودي - الصهيوني تزايد بشكل كبير ومكشوف في الحياة السياسية الأمريكية، وخصوصاً في إدارة بيل كلينتون (يناير 1992 - يناير 2001) الذي كان في جزء طويل من حكمه وزراء الخارجية والدفاع والمالية والزراعة وحاكم البنك المركزي، ومدير الـ سي.آي.إيه CIA وسبعة من أعضاء مجلس الأمن القومي الأحد عشر .. كلهم من اليهود!! رغم أن نسبة اليهود في أمريكا لا تزيد عن 2.2% من كل السكان. وقد مثَّل ذلك كله وضعاً مثالياً بالنسبة إلى الكيان الصهيوني لعقد أي تسوية سلمية.

مشروع السلام الفلسطيني (نوفمبر 1988):
حاولت م.ت.ف استثمار الانتفاضة المباركة سياسياً، فشكلت القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة لينضبط إيقاع المقاومة مع إيقاع تحركها السياسي. وصدرت عن بسام أبو شريف - المقرب من ياسر عرفات - إحدى مؤشرات الاستعداد للتسوية والتنازل في الرسالة التي نشرها في حزيران / يونيو 1988 ودعا إلى السلام والتعايش مع "إسرائيل". وقد أفادت م.ت.ف من قرار الأردن في 31 تموز / يوليو 1988 فك روابطه الإدارية والقانونية مع الضفة الغربية، فأكدت بذلك تمثيلها الرسمي الوحيد لأهل الضفة الغربية. وقد سعى الأردن من خلال فك روابطه مع الضفة إلى إفشال الاقتراحات والأفكار التي كثُر الحديث عنه "إسرائيلياً" والتي طرحت "الخيار الأردني"، وأن الأردن هي وطن الفلسطينيين، بل واجترأ بعضها ليتحدث عن إمكانية تغيير نظام الحكم في الأردن بحيث يتولى الحكم زعيم فلسطيني.

وعندما انعقد المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر في 12 - 15 تشرين ثاني / نوفمبر 1988 تم وضع برنامج فلسطيني جديد، بناء على نصائح عربية وسوفييتية، تَضَمَّن تنازلات جديدة، على أمل أن تجعل من م.ت.ف طرفاً مقبولاً (أمريكياً وإسرائيلياً) للدخول في أية تسوية سياسية. وفي هذا البرنامج:
1. اعترفت م.ت.ف رسمياً لأول مرة بقرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية رقم 181 الصادر عن الأمم المتحدة في 29 تشرين ثاني / نوفمبر 1947.
2. اعترفت م.ت.ف رسمياً لأول مرة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242 الصادر في 22 تشرين ثاني / نوفمبر 1967.
3. وكان الاعتراف بالقرارين عند م.ت.ف سابقاً من "الكبائر" و"الخيانات" التي لا تغتفر.
4. وحتى "يتجرع" الفلسطينيون عند م.ت.ف القرارين السابقين، فقد أعلن المجلس "استقلال فلسطين" الذي كان من الناحية الفعلية عملاً عاطفياً و"أملاً" أو "حلماً" لم تتراءى بداياته الأولى بعد. ولم تكن له أية إسقاطات حقيقية على أرض الواقع.
5. الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي تحت إشراف الأمم المتحدة، بمشاركة القوى الكبرى، وجميع أطراف الصراع بما فيها م.ت.ف. وعلى قاعدة قراري مجلس الأمن 242 و338 والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير.
6. انسحاب الكيان الإسرائيلي من الأراضي المحتلة سنة 1967.
7. إلغاء إجراءات الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع وإزالة المستوطنات.
8. حل قضية اللاجئين وفق قرارات الأمم المتحدة.
9. وضع الضفة والقطاع لفترة محددة تحت إشراف الأمم المتحدة، لتوفير مناخ مناسب لأعمال المؤتمر الدولي، ولتسهيل الوصول إلى تسوية سياسية، ولتمكين الدولة الفلسطينية من ممارسة سلطتها الفعلية[47].

وبغض النظر عن الشكل الاحتفالي الذي ظهر فيه إعلان الدولة الفلسطينية، والتي اعترفت بها خلال بضعة أشهر نحو 120 دولة في العالم، فقد كان هذا المشروع مجرد اقتراب فلسطيني أكثر من مُربَّع الشروط "الإسرائيلية". وهو اقتراب لم يجابه بأي اقتراب "إسرائيلي" من المطالب الفلسطينية. لكن الولايات المتحدة كانت معنية بالظهور كطرف وسيط، وبإغراء الطرف الفلسطيني لتقديم المزيد من التنازلات، فاعتبرت هذا المشروع بادرة إيجابية غير كافية. واستفادت أمريكا من مجمل الحالة العربية والدولية التي ترى أن أوراق حل القضية الفلسطينية بيد أمريكا، والتي دفعت م.ت.ف لإيجاد السبل لفتح البوابة الأمريكية لها.

وقد اشترطت الولايات المتحدة - منذ أمد طويل- للدخول مع م.ت.ف في أي حوار ثلاثة شروط، الأول: الموافقة على قرار 242، والثاني: وقف العمليات العسكرية ضد الكيان الإسرائيلي، والثالث: إعلان نبذ "الإرهاب". وحتى يسترضي أمريكا، قام عرفات بالتوقيع على وثيقة ستوكهولم في 7 كانون أول / ديسمبر 1988 التي تضمنت اعترافاً صريحاً بالكيان "الإسرائيلي" وقراري مجلس الأمن 242 و338 ونبذ "الإرهاب". ولم يشفع لعرفات مشروعه السلمي وكل تنازلاته في الحصول على مجرد "فيزا" من الولايات المتحدة لإلقاء خطاب في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، مما اضطر الأمم المتحدة لنقل اجتماعاتها إلى جنيف حيث ألقى عرفات خطابه في 14 كانون أول / ديسمبر 1988. وفي 15 من الشهر نفسه اضطر عرفات لإعادة الاعتراف بعبارات صريحة محددة اشترطتها أمريكا بنفسها. وبعد ذلك بساعات أعلنت أمريكا فتح الحوار مع م.ت.ف، حيث بدأ في 16 كانون أول / ديسمبر 1988 في تونس، ومثَّل أمريكا فيه سفيرها في تونس روبرت بليترو[48]. غير أن هذا الحوار كان أشبه بالتحقيق وجلسات الاستماع غير المجدية، ولم يرتفع بمستواه ولا بجديته إلى درجة المفاوضات الحقيقية. لكنه ظلّ "كوّة" أمّلت م.ت.ف توسيعها، بينما أمّل الجانب الأمريكي جرّ م.ت.ف إلى مزيد من التنازلات.

مشروع شامير للحكم الذاتي (مايو 1989):
لم يكن رئيس الوزراء الليكودي المتطرف إسحق شامير يرغب بتقديم أية تنازلات للفلسطينيين، وكانت سياسته العامة بالتعاون مع شريكه في الائتلاف الحكومي حزب العمل هي القضاء على الانتفاضة وسحقها. غير أن الانتفاضة شوهت الوجه "الإسرائيلي" دولياً، وكشفت زيف ادعاءاته وحقيقة احتلاله. كما كانت ظاهرة الانبعاث الإسلامي في العالم العربي، وتنامي التيار الإسلامي الجهادي في فلسطين، وظهور الأنظمة العربية الصديقة لأمريكا في وضع حرج تجاه شعوبها، كل ذلك كان ظواهر مقلقة لأمريكا والكيان "الإسرائيلي". وهذا دفع أمريكا لتحريك عملية السلام، فكانت مبادرة جورج شولتز وزير الخارجية الأمريكي في النصف الأول من عام 1988 وهي أقرب إلى الشق الفلسطيني في اتفاقية كامب ديفيد مع مصر. وعندما قام ياسر عرفات "بهجوم السلام الفلسطيني" وقدَّم مبادرة السلام الفلسطينية، اضطرت حكومة شامير لتقديم مبادرة "سلمية" تخرجها من زاوية الحرج السياسي، وتضع الكرة مرة أخرى في الملعب الفلسطيني.

وقد قدّم شامير خطته في عشرين نقطة، واعتمدتها حكومته في 14 أيار / مايو 1989، ووافق عليها الكنيست بعد أسبوعين من ذلك. ومثَّل مشروع شامير في جوهره - مرة أخرى - الشق الفلسطيني من اتفاقية كامب ديفيد مع مصر. فدعا إلى انتخابات في الضفة والقطاع (ما عدا القدس الشرقية) لاختيار فلسطينيين من غير أعضاء م.ت.ف، ليتفاوض معهم الكيان الإسرائيلي حول إقامة حكم ذاتي في مرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات، يتم بعدها الاتفاق على الوضع النهائي[49].

وقد ضغطت أمريكا على م.ت.ف للموافقة على خطة شامير ، وهددت بتجميد الوضع السياسي. وقد رفضت المنظمة مشروع شامير لتجاهله الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني. ووجدت م.ت.ف نفسها مرة أخرى في مأزق سياسي، لا تستطيع الخروج منه إلا بمزيد من التنازلات.
يتـــــــــــــــــــــــــــــــــــع>>>>>
[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس