رد: تخــاطر الشمــوع/ نصيـرة تختوخ ـــ خيري حمــدان
[align=center][table1="width:95%;background-image:url('http://images2.layoutsparks.com/1/108934/all-wet-black-red-31000.jpg');border:2px inset red;"][cell="filter:;"][align=center]
من العمارنة إلى مشارف مواسم نامت وأخرى لم تأت بعد...
****************************************
نصيرة تختوخ:
انتظرت خدر الليل أرسلت حروفي للجنائن، ، تَسَلَّقَت الياسمين توزعت على الورد ونامت .
غادرتُ حينها المدن ذات المخالب والأمان ينتشر ليتبعني في العتمة.
هَجَرْتُ العيون الفضولية، خالية الوفاض مليئة الروح .
تنقلت كالنسيم البارد قليلا، المنتعش برذاذ البحر، المسافر فوق واحة تتحدى التصحر. عابرةً فساحة القصور المرتفعة أسوارها ، المخبئة أسرارها فَاتِحَةً كوني الشفاف لإسقاط بعض الخير على هوامش الطرق.
تحررت من ذوات الثقل، من الأصوات الناشزة، من ردات الفعل المتأخرة التي تأتي منتشية ظانَّة أنها تتقن دورها وهي المقتحمة خط النهاية بعد فوز خيبة الأمل بالذَّهب.
في ارتحالٍ كهذا سُمُوِّي واقعٌ وسمائي لاتقايضني، تسألني فقط ماأريد فآخذ قوس قزح لأوزعه على ربيع الكائنات ومفاتيحَ من سكاكر للعائدين لطفولتهم حين يحلمون.
تستيقظ حروفي قبل انبلاج الصبح وتَمَايُل الإوزات. تشهد تعديل نيفرتيتي لقلادتها و حك أخناتون لأرنبة أنفه وتوقف العبيد السمر عن التجديف على الجدارية الفرعونية.
تنسحب معطرة لتأتيني جماعة، خفيفة، مطيعة .
متفككة، ثم متآلفة تُرَكِّبُ كلماتها كالحكواتي تُفرغها في نسق مدهش وأخناتون و نفرتيتي يقفان بجانب بعضهما، يرفعان الأذرع يوجهان الأكف لملامسة الخيوط الواصلة من آتون وينشدان.
توت عنخ آمون صَاحِبُ الكنوز ستكون له وجهة نظر أخرى لايعلمانها، نحن الذين جئنا بعد أفول الحضارات الممجدة لقرص الشمس وهطول المطر نحسب أنفسنا أدرى.
نستكشف ألغاز السابقين ، نُعجب ونُفتن وبلؤم نسخر من بدائيتهم والسذاجة الأولى.
تحشر حروفي كليوباترا بكل طموحها في النَّسَق تتيح لها أن ترفل بدلال أمام مارك آنطوني لتسحق قلبه الروماني الشجاع.
كأخناتون كنفرتيتي كتوت عنخ آمون كانت الجميلة تجهل مصيرها ومازلنا لانعرف عن مصائرنا شيئاً ونهوى التبجح بالوصول إلى الحقيقة، نحن الواهمون.
نفرتاري نائمة في وادي الملكات لاتشغل بالها بنا تظن أن أنوبيس يحرسها وأنها ستصحو لتبارك صباح رمسيس العظيم ببسمة. وعليه فإنه من الأجدى أن أُعيد الحروف الناعمة لروحي ليتبرعم الكلام ولا أحرم غيري من ثرثرة الليلك.
******************
خيري حمــدان:
أنا والليل على موعد أبديّ، لا ينتهي ولا يرحم. لم تتمكن الجنائن وحدائق الياسمين من الحدّ من وطأة الليل. حين تخيّم العتمة وتضيء الشموع والأنوار الخافتة أجد نفسي وقد تهت في عالم لا يعترف بأنصاف الحقائق، والجمال يأتي دفعة واحدة كما العرس، كما الحلم، كما الحياء، كما التجلّي، كما المطر.
طال انتظار النسيم وسط عواصف الصحراء، لكنّ السحاب حين حضر إلى نهاري قهر ما تبقّى من مخاوف وانطلقت إلى محيط لا يعرف نهاية، فكلّ النهايات بدايات مؤجّلة. تهت في طريق عودتي إلى منزلي، وجدت المفتاح قد انكسر. قالت لي جدّتي بأنّها قد احتفظت به لما يزيد على نصف قرن، لكنّ صدأ المشاعر وطعم الخيانة كسر مفتاح البيت وبقيت الحاكورة وحيدة بلا راعي. نفرتيتي شعرت بالخجل حين فتحت عينيها ووجدتنا خارج حدود الهمّ العالمي، أنا لم أنغلق على ذاتي يا أخناتون لكنّ سماسرة التاريخ أحاطوني وسرقوا ما تبقّى لديّ من إرث سليمان. حرّرت اليوم ما تبقّى من عبيد، وحرّرت بهذا نفسي معهم ومضيت أبحث عن بقايا الذات.
عودة إلى النسق الأول، عودة إلى كلّ الألغاز التي سطرت فحوى جيناتي، أنا عائد للبحث عن مخلّفات النوى والعشق يرمي بكلّ ثقله الليلة، يتركني عند حدود الوهم ويمضي باحثًا عن أرملة فقدت زوجها في وهلة من الزمن، حين تضارب الموج والإعصار فاجآ سنام التلّة. كلّ ما تبقّى من أحلام الفراعنة نقلته هيروغليفيا إلى جداريات أحلامك ومضيت أتساءل عن سرّ جمال الليل، ألم تحن اللحظة لانعتاق مومياء كفراشة قبل أن ينفجر الفجر على حين غرّة.
ثرثرة لا تنتهي وفي قاع البيت تجمّعت الضفادع تؤنس الأرواح التائهة، من هنا مرّ أخناتون، هنا غنّى العندليب، هنا نصبت أعمدة خيمتي وأقسمت أن لا أمضي قبل موسم الحنّاء.[/align][/cell][/table1][/align]
|