الموضوع: يا قدسي
عرض مشاركة واحدة
قديم 23 / 06 / 2008, 42 : 11 PM   رقم المشاركة : [1]
إيمان
ضيف
 


يا قدسي

اشتممت اليوم رائحة ترب غير الذي اعتدت ، نظرتُ للشمسِ و إذا هي قطعة ذهبية ليست كما أرى دوماً ، أما الهواء بفلٍ و ياسمين معبق ، استنشاقهُ يهبك روحاً لا يشبهها شئ ، قلت و نفسي " إنني لا أقف على أي أرض ، لابدَّ أني بحضنٍ هويتهُ كثيراً و حُرمت منه " فركت عيني بشدة ، تلفت باحثةً عن وجوهٍ أعرفها لأجد بطريق التفاتي كلماتٍ اهتز لها قلبي وازداد نبضه " مرحباً بكم في مدينة القدس " يالله ما إن لمحتها حتى بكيت و بشدة هل حقاً لامستُ ترب القدس أخيراً ؟ سجدت شكراً لربي ، أطلت السجود و عانقت الأرض بكل كياني ، رويتها أدمعاً ذَرفتُها كثيراً لأجلها ، نهضت من سجودي كمتلهفٍ لماءٍ في الصحراء و بدأتُ جولتي حملتُ معي كل عذاباتي و أنا بعيدةً عنها و أقسمتُ لن أغادرها و لن أترك شبراً دون أن يشهدَ خطاي ، المسجد الأقصى المكان الأول ركضت نحوه قلبي لهفتي و دموعي سبقوني إليه ، رأيته من بعيدٍ وكأن قلبي اجتُثَ من مكانه ، توقفتُ فجأة شعرتُ بهيبتهِ ورهبته ، ركضتُ ثانية احتضنته بروحي بكيتُ و بكيت اعتذرتُ له تقصيرنا ، لامستُ جدرانه أحسست تشققها من الأنين ، تسمرت قدماي كأنهما شُلت و لم أقوى على الحراك ، فهل يقبل الأقصى اعتذاري ؟ هل يسامحني ؟ تجرأت أخيراً و عبرته بحركةٍ لاشعورية وجدتني سجدت و بكائي كقدرٍ يغلي في صدري ، لم أفق من سجودي إلا على صوت المؤذن يعلنها " الله أكبر الله أكبر " وقفت انتظر الصلاة التي طالما تمنيتها ، صلينا و أطلنا الدعاء ، خرجتُ للساحة جلست بظلالها أتأمل ما أُخذ منا عنوة ، ما أقساه الظلم ما أقساه .
مررتُ بحارات القدس التي كثيراً سمعتُ عنها و مُنعتُ من زيارتها ظلماً ، طفتُ بكل الزقاق ، قمتُ برحلةٍ مطولة للسوق القديم ، كنت أسلم على كل من أرى ولم أخفي أبداً حبي لهم ، ذهبتُ للمساجد توضأت من مائها و صليت و دعوت ربي أن يرزق الجميع مثلي زيارة للقدس ، لعبت مع الأطفال ، أهديتهم تحايا و قبلات أطفال غزة ، زرت عوائل الشهداء و لم أنسى الأسرى و عائلاتهم فكان لهم نصيب من وقتي ، توجهت للمقبرة تلوت الفاتحة على أرواحٍ طاهرة تسكنها ، حدثتهم أن شعبنا العريق لم ينسى العهد ومازال صامداً على تلك الأرض ، رحلتُ عنهم و قلبي لم يرحل ، أكملت مسيري بشوارعَ كنت أتمنى أن ألامسها يوماً ، لم أصدق أني أخيراً أستنشق هواء عليل مذاقه يشفي الروح العليلة ، ظللتُ أجوبُ و أجوب دون شعورٍ بتعب ، أتنقل من هنا لهنا كفراشةٍ في بستان و أزهارٍ تخطف الأبصار أحتار أيها أنتقي ، بدأ الليل ينتشر في المدينة و إذا بسحرها يزداد و تألقت بألقٍ يأسر الألباب ، ذُهل عقلي و حزنت لسنواتٍ قاحلة سَلبت منا الاستمتاع بأحلى المدن ، نقشتُ على جدرانها تاريخ مروري و الساعة وحفظتهما جيداً فهما تاريخي و ساعة ميلادي الجديدين ، شعرت معها قطرات دمي تجددت و حياتي أصبح لها منحناً آخر جديد لن يشعره إلا من سيطأ ترب القدس ،
غريب مازلنا في ساعات الليل و أشعر بشمسٍ حارقةٍ تلفحني !!
فتحت عيني ، وجدتُ نفسي على سريري لم أبرح المكان علمت أن زيارتي للقدس لم تكن إلا حلماً ... بإذن الله سيتحقق يوماً.
[align=center][/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
  رد مع اقتباس