عرض مشاركة واحدة
قديم 23 / 05 / 2013, 18 : 10 PM   رقم المشاركة : [1]
د. منذر أبوشعر
محقق، مؤلف، أديب وقاص

 الصورة الرمزية د. منذر أبوشعر
 





د. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

خلافة علي بن أبي طالب


وُلد علي بن أبي طالب قبل البعثة بعشر سنين ، وربَّاه النبي صلى الله عليه وسلم من صغره ،فلازمه ولم يفارقه ، واشترك معه في جميع الغزوات النبوية ،عدا غزوة تبوك سنة 9 هجرية حيث خلَّفه رسول الله نائباً عنه في المدينة.(وتبوك تبعد عن المدينة المنورة 700 كم شمالا).
ولما قُتل عثمان بن عفان ، بويع له بالخلافة، ولم يتخلف أحد عن البيعة. قال ابن حبان (محمد بن حبان البستي ،ت:354هجرية): إن الناس حين هرعوا إلى علي بعد مقتل عثمان لمبايعته قال لهم: ليس ذلك إليكم ،وإنما هو لأهل بدر، فمن رضي به أهلُ بدر فهو الخليفة.فلم يبق أحدٌ من أولئك إلا أتى إليه..وطلب أن تكون البيعة على ملأ من الناس، فخرج إلى المسجد فبايعوه (الثقات 2 /268 ).
وقال ابن العربي (محمد بن عبد الله ،ت: 543 هجرية): ولولا الإسراع بعقد البيعة لعليّ لجرى على مَنْ بها مِنَ الأوباش ما لا يرقع خرقه ،ولكن عَزَم عامة المهاجرين والأنصار ورأى ذلك فرضاً عليه فانقاد إليه (العواصم من القواصم 142 ).
وقال ابن عساكر(علي بن الحسن ،ت: 571 هجرية)، من
حديث قيس بن عُباد الضبعي (ت: بعد 80 هجرية): بويع
علي بن أبي طالب بالمدينة يوم الجمعة حين قُتل عثمان
لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة، فاستقبل المحرم سنة ست وثلاثين ،وقال: إني لأستحي من الله أن أبايَع وعثمان قتيل الأرض لم يُدفن بعد. فانصرِفوا. فلما دُفن ،رجع الناس يسألوني البيعة ،فقلت: اللهم إني مشفق لما أقدم عليه. ثم جاءت عزمة ،فبايعت. فلما قالوا: يا أمير المؤمنين ،فكأنْ صُدِع قلبي ،وانسكبتُ بعبرة (تاريخ مدينة دمشق12/462).
وقال ابن تيمية (أحمد بن عبد الحليم ،ت: 728 هجرية) في
بيعة علي: هو متفق عليه بين الفقهاء وعلماء السنة وأهل
المعرفة والتصوف ،وهو مذهب العامة..وإنما يخالفهم في
ذلك بعضُ أهل الأهواء من أهل الكلام ونحوهم كالرافضة
الطاعنين في خلافة الثلاثة، أو الخوارج الطاعنين في خلافة
الصِّهرين عثمان وعلي، أو بعضُ الناصبة النافين لخلافة
علي ،أو بعضُ الجهال المتسننة الواقفين في خلافته (مجموع فتاوى ابن تيمية 35 /19).
وأول من بايعه طلحة ثم سائر الناس (تاريخ الإسلام 1 /178 للإمام الذهبي محمد بن أحمد ،ت: 748 هجرية ).
وفي تاريخ الطبري 4 /429 أن طلحة والزبير بايعا كرهاً ،
وهي روايات غير صحيحة ،مظلمة الأسانيد ،وفي بعضها
مجاهيل ،فطلحة والزبير بايعا طائعين غير مكرهين (المصنف 15 /274 لابن أبي شيبة عبد الله بن محمد ،ت: 235هجرية. المستدرك 3 /115 للحاكم النيسابوري محمد بن عبد الله ، ت:405 هجرية) كذلك عائشة ومعاوية ، لم يطعنوا في إمامة علي ،وإنما اختلفوا معه حول الإسراع بتفيذ إقامة الحد على قتلة عثمان، وكان هو يرى التريث حتى تستقر الأوضاع،فيستطيع محاسبتهم. ففي كتاب معاوية إلى علي عندما طلب منه الدخول في البيعة: فإن كنتَ صادقاً ،فأمكناَّ من قتلة عثمان نقتلهم به ،ونحن أسرع الناس إليك (الأخبار الطوال163 لأبي حنيفة الدينوري أحمد بن داود ،ت: 282 هجرية).
وقال ابن حجر (أحمد بن علي العسقلاني ،ت: 852 هجرية):وأما خروج الزبير وطلحة إلى البصرة، فلم يكن خروجاً على عليٍّ ، وخلْعاً له لأنَّ أحداً لم ينقل أن عائشة ومَنْ معها نازعوا علياًّّ في الخلافة، ولا دعوا أحداً منهم ليولوه (فتح الباري 13/ 41).
وقال ابن سعد( محمد بن سعد،ت:230 هجرية): الخلاف بين علي ومعاوية لم يكن حول الخلافة ومن أحق بها منهما، وإنما كان حول توقيع القصاص على قتلة عثمان، وليس هذا من أمرالخلافة في شيء(الطبقات الكبير3 /32).
وقال ابن حزم ( علي بن حزم الأندلسي، ت:456 هجرية): إنَّ علياًّ قاتَلَ معاوية لامتناعه من تنفيذ أوامره في جميع أرض الشام،وهو الإمامُ الواجبُ طاعته، ولم ينكر معاوية قط فضل عليٍّ واستحقاقه الخلافة، لكن اجتهاده أدَّاه إلى أنْ رَأى تقديمَ أخْذِ القَوَدِ من قتلة عثمان على البيعة، ورأى نفسَه أحقَّ بطلب دم عثمان..لسِنِّه وقوته على الطلب بذلك، وأصاب في هذا وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة (الفصل في الملل والنحل4 /160 ).
وهذه السياسة في تأجيل القصاص من قتلة عثمان، خشية
تحول الأمر إلى حرب أهلية داخل المدينة ،وافقت أيضاً هوى
السبئية - أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي- وإن اختلفت النية
من ذلك ،ولذلك حرَّضت السبئيةُ الأعرابَ على البقاء في
المدينة بعد مقتل عثمان، فأطاعتهم الأعراب وبقت في
أماكنها ،فقال لهم عليٌّ في اليوم الثالث بعد البيعة: يا معشر
الأعراب الحقوا بمياهكم .فأبت السبئية وأطاعهم الأعراب.
فقال الزبير: دعني آت الكوفة ،فلا يفجأوا إلا وأنا في خيلي.
وقال طلحة: دعني فلآت البصرة ،فلا يفجأوك إلا وأنا في
خيل. لكن عليَّ كان يرى التريث ،فقال لهما: حتى أنظر في
ذلك (تاريخ الطبري 4 /438 ) ،ولم يجبهما إلى مطلبهما.
ولما خشي من ازدياد شوكتهم في المدينة ، نقل مركز
الخلافة إلى العراق بعد ستة أشهر من البيعة ،مع أنَّ في
العراق الأهواء المتباينة والمصالح الذاتية،فأدرك كثير من
الصحابة خطورة هذا الوضع، فقال عبد الله بن سلاَّّم (وهو
من خواص أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ت: 43
هجرية): يا أمير المؤمنين لاتخرج من المدينة، فوالله لئن
خرجتَ منها لا ترجع إليها،ولا يعود إليها سلطان المسلمين
أبداً (تاريخ الطبري 4 /455 ).
** ** **
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أيام هذه الفتنة ،
بأن القتال سيقع بين فئتين من المسلمين في زمن الصحابة
،فبينا هو يخطب ذات يوم ،إذ جاء الحسنُ ،فقال: ابني هذا
سيِّدٌ ، ولعل الله أن يُصلح به بين فئتين من المسلمين
(صحيح البخاري،الحديث 7109 )، ففي الحديث إشارة أنَّ
الخلاف سيقع بين علي ومعاوية ،لأن الحسن أصلح بين
المسلمين في القصة نفسها بعد وفاة أبيه. كما أنَّ في
الحديث ردٌّ على الخوارج الذين كانوا يكفِّرون علياًّ ومَنْ
معه ومعاوية ، بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم
للطائفتين بأنهم من المسلمين.
وفي حديث أبي رافع (مولى الرسول صلى الله عليه وسلم
،يقال اسمه إبراهيم ت:40 هجرية) ،وإسناده حسن ،أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب :
إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر.قال :فأنا أشقاهم يا رسول الله ؟ قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها (مسند أحمد بن حنبل 6 /393 ).
وفي حديث عمار بن ياسر( ت: 37 هجرية) الصحيح ،أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ويح عمار، تقتله
الفئة الباغية (صحيح البخاري 1 /115 كتاب الصلاة).
وكان عمار في معسكر علي ،وقُتل في وقعة صفين. وذلك
يقرر أن علي بن أبي طالب كان إماماً ،وأنَّ كل من خرج
عليه باغ يجب قتاله حتى يفيء إلى الحق وينقاد إلى الصلح.
وفي الأحاديث الصحيحة المتعلقة بالخوارج ،قال صلى الله
عليه وسلم: تمرق مارقة عند فُرقة من المسلمين يقتلها
أولى الطائفتين بالحق (صحيح مسلم 7 /168 كتاب الزكاة).
والخوارج هم القرَّاء ،أي الزُّهاد ،الذين لم يفهموا السنن ،
وأخذوا النصوص على ظاهرها، وتأوَّلوها بتأثير الغلوِّ في
الدين، فكفروا المسلمين ،وسفكوا دماءهم ،واستباحوا
حرماتهم، وساهموا مع السبئية في تأليب الناس في الكوفة
على سيدنا عثمان، ثم اشتركوا في وقعة صفين فرفضوا
التحكيم ،وصار كلُّ من خالفهم ليس مسلماً ،وكان الرسول
صلى الله عليه وسلم قد حذر منهم ،حينما أهوى بيده قبل
العراق وقال: يخرج منه قوم يقرأون القرآن لا يجاوز
تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية
(صحيح البخاري 8 /52 كتاب استتابة المرتدين والمعاندين).
وقال: هم شر الخلق، طوبى لمن قتلهم وقتلوه ،يدعون
إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء ،من قاتلهم كان أوْلى
بالله منهم. قالوا: يا رسول الله ما سيماهم ؟قال: التحليق
(سنن أبي داود 4 /234 وإسناده صحيح).
وذكر عبيد بن رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
كاتب علي بن أبي طالب (واسمه في كتب الشيعة :عبد الله
بن أبي رافع)،أنَّ الحرورية (وهم من الناصبة الخارجة ،
نسبة إلى حروراء مركز خروجهم قرب الكوفة) لمَّا خرجوا
قالوا: لا حكم إلاَّ الله.فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل.إنَّ
رسول الله وصف ناساً إني لأعرف صفتهم في هؤلاء، يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - مِنْ أبغض خلق الله إليه (صحيح مسلم 7 / 173 كتاب الزكاة).
** ** **
ملاحظة:
ويُلاحظ أن الحرب في الجمل وصفين لم يشارك فيها إلا قلة
من الصحابة واعتزلها العدد الأوفر منهم،أشهرهم : سعد بن
أبي وقاص (ت: 55 هجرية ،وهو آخر من مات من
المهاجرين) ،وأسامة بن زيد (الكلبي ،حب رسول الله،ت:

54 هجرية آخر خلافة معاوية)، وعبد الله بن عمربن
الخطاب (ت: 63 هجرية)،ومحمد بن مسلمة الأنصاري(ت:
43 هجرية)، وسلمة بن سلامة بن وقش الأنصاري (ت: 45 هجرية)، وغير هؤلاء ممن يكثر عددهم .قال ابن تيمية
(أحمد بن عبد الحليم ، ت: 728 هجرية): وأما الصحابة ،
فجمهورهم وجمهور أفاضلهم ما دخلوا في فتنة. وفي إسناده عن ابن سيرين (محمد بن سيرين البصري ،مولى أنس بن مالك خادم الرسول صلى الله عليه وسلم ،ت: 110 هجرية) قال: هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ،فما حضرها منهم مائة ،بل لم يبلغوا ثلاثين.قال ابن تيمية: وهذا الإسناد أصحُّ إسناد على وجه الأرض ،ومحمد بن سيرين من أورع الناس في منطقه ،ومراسيله من أصح المراسيل (منهاج السنة 3 /186 ).
** ** **
وخرج علي من المدينة في نحو من تسعمائة مقاتل( فتح
الباري 13 /155 ) .وسار الناس في صحبة عائشة في
ألف فارس ،وقيل تسعمائة فارس من أهل المدينة ومكة
(البداية والنهاية 7 /231).
وخروج الإمام علي من المدينة بألف راكب أو تسعمائة
،يُعدُّ قليلاً بالقياس إلى عدد سكان المدينة وقتئذ. كذلك
خروج السيدة عائشة بألف رجل من أهل مكة والمدينة
قليل جداً، ومجموع ما خرج من الفئتين لا يمثل الرأي
العام لأهل الحرمين.
** ** **
ولم يكن كلا الفريقين حريصاً على قَتْل صاحبه، ويتعلق
الطرفان بأدنى سبب لمنع الاشتجار،لكن كان للسبئية
(وقود الفتنة) رأي آخر:
فالناس لما نزلوا منازلهم واطمأنوا ،خرج علي وخرج
طلحة والزبير، فتواقفوا وتكلموا فيما اختلفوا فيه، فلم
يجدوا أمراً هو أمثل من الصلح وترك الحرب.فافترقوا
على ذلك، ورجع علي إلى عسكره ،ورجع طلحة والزبير إلى عسكرهما. وأرسل طلحة والزبير إلى رؤساء أصحابهما، وأرسل علي إلى رؤساء أصحابه،ما عدا أولئك الذين حاصروا عثمان. فبات الناس على نية الصلح والعافية ،وهم لا يشكون في الصلح، وكان بعضهم بحيال بعض، وبعضهم يخرج إلى بعض ،لا يذكرون ولا ينوون إلا الصلح. وبات الذين أثاروا الفتنة بشرِّ ليلة باتوها قط، إذ أشرفوا على الهلاك، وجعلوا يتشاورون ليلتهم كلها ،وقال قائلهم: أما طلحة والزبير فقد عرفنا أمرهما ،وأما علي فلم نعرف أمره
حتى كان اليوم - وذلك حين طلب من الناس أن يرتحلوا
في الغد ،ولا يرتحل معه أحد أعان على عثمان بشيء -
ورأيُ الناس فينا والله واحد ،وإن يصطلحوا مع علي فعلى دمائنا (تاريخ الطبري 4 /493 ،505 ). وتكلم عبد الله بن سبأ وهو المشير فيهم فقال: يا قوم إنَّ عِزَّكم في خلطة الناس فصانعوهم ،وإذا التقى الناس غداً فانشبوا القتال ولا تفرغوهم للنظر (تاريخ الطبري4 /494 ).فاجتمعوا على هذا الرأي بإنشاء الحرب في السر ،فغدوا في الغلس وعليهم ظلة، وما يشعر بهم جيرانهم. فخرج مُضَريِّهم إلى مُضَريِّهم ، وربيعيِّهم إلى ربيعيِّهم ،ويمانيِّهم إلى يمانيِّهم ،فوضعوا فيهم السيوف،فثار أهل البصرة ،وثار كل قوم في وجوه الذين باغتوهم (تاريخ الطبري 4 /494)،فسمع عليٌّ وأهل الكوفة الصوتَ ،وقد وضع السبئية رجلا قريباً من عليٍّ ليخبره بما يريدون ،فلما قال: ما هذا؟ قال ذاك الرجل: ما فجئنا إلاَّ وقوم منهم بيَّتونا فرددناهم ، فقال علي:.. لقد علمتُ أنَّ طلحة والزبير غير منتهين حتى يسفكا الدماء ويستحلا الحرمة، وأنهما لن يطاوعانا (تاريخ الطبري 4 /507 ،الكامل في التاريخ 3 /242) والتحم القتال من الغوغاء ،وخرج الأمر عن علي وطلحة والزبير(دول الإسلام للأمام الذهبي 1 /15 )، وكان السبيئية في مقدمة العسكر ويأبون إلاَّ إقداماً وإنشاباً ،خوفاً من أن يجري الصلح (تاريخ مدينة دمشق 7 /88 ).
ورجع الزبير وترك الحرب بحالها ،وأتى طلحة سهم غارب
.. فصادف جرحاً في ساقه كان أصابه يوم أحد..فانصرف
ومات من وقته.وقُتل الزبير بوادي السباع بعد انسحابه من
المعركة (الفصل في الملل والنحل 4 /157).
وساق ابن سعد (محمد بن سعد البصري، ت:230 هجرية)
في الطبقات 3 /223، وابن شبة (عمر بن شبة النميري
المصري، ت:262 هجرية) في تاريخ المدينة 4 /1170،
وابن عساكر(علي بن الحسن، ت:571 هجرية) في تاريخ
مدينة دمشق 60 /423 ،وابن حجر العسقلاني(أحمد بن علي ،ت: 852 هجرية) في الإصابة (وقال ابن حجر إن أسانيد الأخبار صحيحة )، أنَّ مروان بن الحكم هو من رمى طلحة بن عبيد لله بالسهم .
والصحيح أن أسانيد خبر رمي مروان بن الحكم لطلحة بن
عبيد الله بالسهم فيها كلام ،وفي أسانيدها مجاهيل: فعمّ يحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن عياش القطان،
والحسين بن يحيى المروزي ،عدادهم في المجاهيل.
وفيها غرابة حديث جويرية بن أسماء وتفرده بحديث يحيى
بن سعيد.
كما أنَّ في رواية إسماعيل بن أبي خالد انقطاع.
وفي إسناد ابن شبة: عمرو بن ثابت الكوفي ،وهو خبيث
يروي الموضوعات.
ولذلك قال ابن العربي (محمد بن عبد الله، ت: 543 هجرية)
عن الخبر: لم ينقله ثبتٌ (العواصم من القواصم 158).
ومروان بن عبد الحكم :رابع خلفاء بني أمية ،ولد في حياة
النبي صلى الله عليه وسلم ،وعدَّه ابن سعد (محمد بن سعد
البصري،ت : 230 هجرية) في الطبقة الأولى من التابعين
،بويع سنة 64 هجرية، وتوفي سنة 65 هجرية.وهو عدل
شريف، روى عنه البخاري (محمد بن إسماعيل،ت :256
هجرية) في صحيحه، واعتمده الأمام مالك (بن أنس
الأصبحي الحميري ،ت :179 هجرية)في الموطأ.
وهكذا ساهمت السبئية في القتال بشكل فعَّال ،وكان عملها
إشعال نار الحرب، ومضوا في ذلك إلى نهاية حرب الجمل
،واستمر دورهم في الإفساد إلى ما بعد ذلك.
** ** **
وما ترويه كتب التاريخ في قصة صفين كله كذب وافتراء،
فهي تتندر بقصة علي بن أبي طالب وعمرو بن العاص ،
وظهور عورة عمرو ورجوع عليٍّ عنه، وهي قصة كاذبة
،لا إسناد لها ، ولا يصح متنها. كذلك كل ما نُقل عن
صولات عمار بن ياسر، فكله كلام قصصي ،ليس له واقع
تاريخي. كذلك ما يذكرونه أنَّ علياًّ قتل كذا وكذا بسيفه في
صفين ،وأنَّ عماراً فعَلَ ما فعَلَ، وأنَّ عدد القتلى في الجمل
وصفين كذا وكذا من عشرات الألوف..كل هذا لم ينقله إلينا
الرواة بسند صحيح ،ولذلك وجب علينا أن نكف عن مثل
هذه الأخبار ،فليس منها منقبة للصحابي أو التابعي الذي
فعلها، وليس في روايتها قدوة تُحتذى.
ولايعني بذلك أننا نلغي تاريخاً ،بل يعني أننا بذلك نلغي
تاريخاً كاذباً أو فيه شبهة الكذب، فما نرغبه من روايتنا
لصحيح التاريخ ،أن يكون لجميع الصحابة مكانة، كلٌّ
حسب سابقته وجهاده في الإسلام.
وفي الأخبار الكاذبة: أنَّ علياًّ كان يلعن في قنوته معاوية
وأصحابه،وأن معاوية إذا قنت لعن علياًّ وابن عباس والحسن والحسين.
ومن المعروف أنَّ الصحابة كانوا أكثر حرصاً من غيرهم
على التقيّد بالنهي عن سباب المسلم ولعنه :فلمَّا بلغ عليٌّ
أنَّ اثنين من أصحابه يُظهران شتْم معاوية ولعْنَ أهل الشام
، أرسل إليهما أنْ كُفا عما يبلغني عنكما،فأتياه فقالا له: يا
أمير المؤمنين، ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال:
بلى وربِّ الكعبة المُسَدَّنة .قالا: فلما تمنعنا من شتمهم
ولعنهم ؟ قال: كرهتُ لكم أن تكونوا لعَّانين، ولكن قولوا:
اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلحْ ذات بيننا وبينهم ،
وأبْعدْهم من ضلالتهم حتى يَعرف الحقَّ مَنْ جهله ،
ويرعوي عن الغي من لجَّج به (الأخبار الطوال 165 لأبي
حنيفة الدينوري أحمد بن داود،ت: 282 هجرية).
وقال ابن تيمية (أحمد بن عبد الحليم،ت: 728 هجرية):إنَّ
الذين قُتلوا من الطائفتين ،قَتَل هؤلاء ،وهؤلاء من هؤلاء،
وأكثر الذين كانوا يختارون القتال من الطائفتين ،لم يكونوا
يطيعون لا علياًّ ولا معاوية ،وكان علي ومعاوية أطْلَب لكفِّ
الدماء من أكثر المقتتلين،لكن غُلبا فيما وقع..وكان في
العسكرين قوم ينتصرون لعثمان غاية الانتصار، وقوم ينفرون عنه ،وقوم ينتصرون لعلي ،وقوم ينفرون عنه. وقتال أصحاب معاوية معه لم يكن لخصوص معاوية، بل كان لأسباب أخرى.وقتال الفتنة مثل قتال الجاهلية ،لا تنضبط مقاصد أهله واعتقاداتهم (منهاج السنة النبوية 2 /224 ).
وبالتالي ،فلا يصح التشكيك في نيات الصحابة، فلم يصرح علي بجوار قتل أهل الشام ،ولم يُنْقَل عنه وَصْفهم بكفر أو فسق أو فجوركما لم يُنقل عن معاوية إباحة دماء أهل العراق ،إلاَّ ما ذكروا من طلبهم قتلة عثمان لإيقاع الحق عليهم.فكلا الطرفين كان حريصاً على أن لا تراق دماءُ المسلمين :فعلي أمَرَ أصحابه ألاَّ يبدؤا بالقتال،وقَبل تحكيم كتاب الله تعالى. ومعاوية ،ومعه أهل الشام، رفعوا المصاحف طلباً للتحكيم لحقن دماء المسلمين ،ولجمع المسلمين على كلمة سواء وإطفاء الفتنة. ولو كان رفع
المصاحف خدعة ، لظهر ذلك في أفعالهم ،ولم يثبت أنهم غدروا بعد قبول التحكيم.
** ** **
والصحيح في قصة التحكيم أن علي بن أبي طالب هو الذي اختار أبا موسى الأشعري (عبد الله بن قيس ،ت: 52 هجرية)،قال خليفة بن خياط (العصفري، ت:240 هجرية):وفي سنة 37 هجرية اجتمع الحكمان: أبو موسى الأشعري من قبل علي، وعمرو بن العاص من قبل معاوية (تاريخ خليفة بن خياط 191).
فعَزلَ عَمْراً معاوية، أي قرر أنه ليس له في الخلافة شيء، وأن أبا موسى قال عن عليٍّ:أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.وحضر اجتماع الحكمين عدد من الصحابة منهم عبد الله بن عمر. فلم يكن الاجتماع سراًّ أوفي خلوة..لكن الأحداث التي أعقبت الاجتماع حالت دون التفاوض في الأمر، فقد ثار الخوارج عليه (وهم القُرَّاء والسبئية اليهود) فانشغل بحربهم (العواصم من القواصم 178 من حديث الحضين بن المنذر الرقاشي،ت: 98 هجرية من رواية الدارقطني علي بن عمر،ت: 385 هجرية وهي أصح ما روي في قصة الحكمين).
والقول أنَّ أبا موسى الأشعري ،في قضية التحكيم ،كان ضحية خدعة عمرو بن العاص، يغمط فضل أبي موسى وفقهه ودينه وحسن سياسته،فالرسول صلى الله عليه وسلم استعمله على زبيد (إقليم السهل الساحلي غرب اليمن) واليمن وعدن (تاريخ خليفة بن خياط 97 )،واستعمله عمر بن الخطاب على البصرة، وبقي والياً عليها حتى مقتل عمر(تاريخ خليفة بن خياط 154 ،تاريخ مدينة دمشق 9 /429 )، واستعمله عثمان على البصرة ثم على الكوفة ،وبقي والياً عليها إلى أن قُتل عثمان(تاريخ خليفة بن خياط 178) ،وأقرَّه علي (تاريخ الطبري4 /442 ).وقال الشَّعْبي (عامر بن شراحيل،ت: 104هجرية): كَتَب عمر في وصيته ألا لايَقَرَّ لي عاملٌ أكثر من سنة، وأقِرُّوا الأشعري أربع سنين( تاريخ مدينة دمشق 9 /522 ).
** ** **
ويُلاحظ أن التحكيم كان سبباً مباشراً في الخلاف بين علي بن أبي طالب والخوارج ،وقد انتهى أمرهم ظاهرياً حين هزمهم في موقعة النهروان (جنوب شرق بغداد) فبيَّتوا أن يقتلوه ،فاغتالوه في رمضان سنة 40 هجرية بيد عبد الرحمن بن ملجم المرادي أحد الخوارج.
** ** **
في حديث سفينة (مهران بن فروخ ،مولى أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ،ت: بعد 70 هجرية) وإسناده صحيح ،قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الخلافة ثلاثون عاماً ، ثم يكون بعد ذلك المُلك. قال سفينة: وأمْسَكَ،- أي الرسول- خلافة أبي بكر سنتين، وخلافة عمر عشر سنين، وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة ، وخلافة علي ست سنين (مسند أحمد بن حنبل 5 /220 ،سنن أبي
داود 4 /211 ،سنن الترمذي 5 /241 ).



نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع د. منذر أبوشعر
 تفضل بزيارتي على موقعي الشخصي

http://drmonther.com
د. منذر أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس