الموضوع: الحزن
عرض مشاركة واحدة
قديم 29 / 06 / 2013, 51 : 03 AM   رقم المشاركة : [5]
هدى نورالدين الخطيب
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان


 الصورة الرمزية هدى نورالدين الخطيب
 





هدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond reputeهدى نورالدين الخطيب has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين ( فلسطينية الأب لبنانية الأم) ولدت ونشأت في لبنان

:more61: رد: الحزن

[align=justify]
تحياتي لك دكتور منذر أيها الرائع الإنساني الحساس الشديد الشفافية

أعذرني بداية لأني لم أنتبه من قبل ، لن أخجل من قول الحقيقة فأنا منذ أكثر من أسبوعين أعاني نوبات ربو متلاحقة وما يخلفه هذا من حالة إنهاك تامة وتشوش ذهني واضطررت للنوم في المستشفى أكثر من مرة وإجراء الحقن بالكورتيزون المركّز..

لا شك أن الحزن كما يقال من نصيب النفوس الكبيرة، وكلما ازددنا شفافية وحساسية ووفاء لمن نحبهم ازداد كم الألم وجرعات الأوجاع
بالنسبة لي شخصياً
عرفت الموت عن قرب منذ سنوات طفولتي الأولى وقبل أن أفهم وأستوعب ماهية الموت ، كانت المرة الأولى التي أسمع فيها بالموت حين وفاة جدي لأمي وبعده بأقل من سنتين جاء الموت الفاجعة - موت أبي - وبالسكتة القلبية المفاجئة، والذي ما زلت وسأبقى حتى آخر لحظة في حياتي أتجرع آلامه وأوجاعه التي لا تطاق وظمأه الهائل ، فاليتم للأسف والشعور باليتم حين يذبحنا أطفالاً صغاراً يلازمنا على طول العمر ، وبعد والدي بشهرين توفيت جدتي لأمي التي لم تحتمل الفاجعة التي حلّت بابنتها وحفيدتاها..
يتم الطفولة هو الشعور بأن نكون غصن من شجرة لم يعد لها وجود ، ومهما قالوا فيها لا أحد يعرف ما تتركه في النفس من آثار وذلك الإحساس المزمن بعدم الشعور بالأمان لا للقدر ولا للعالم من حولنا وملازمة الشعور بالخوف المرضي على كل من نحبهم...
ماذا لو صنفنا جميع من حولنا أننا نسخة طبق الأصل فقط وحصرياً من ذلك الكائن الذي كان معظم وجوده في غير زماننا وتحول إلى سراب؟!!
ربما ظلموني بهذا التصنيف والتأكيد الدائم بانتمائي للكائن الذي زال من الوجود، فلازمني الشعور بأني أستند إلى الفراغ وأنتمي إلى كائن لا يستطيع أن يكون الجدار الذي أستند إليه!!
أختي وأنا صنفونا شكلاً ومضموناً وطباعاً ، أنا لأبي وهي لأمي ، وأبي كائن لا وجود له في الحياة، ولم يتح لي الزمن حتى لتشكيل قاعدة من الذكريات الكافية معه!

أما الحزن الجديد فله حكاية قد يكون لها صلة بالحكاية الأولى..
أبي منذ ولد ابن شقيقته طلعت تعلق به تعلق خاص جداً ، لم يكن لسواه مثله وله وحده قال أنه لن يكمل رسالته وطلعت من سيكبر ويكملها، وبقي أبي كما كان يقول الجميع، روحه في طلعت...
وتزوج والدي فيما بعد وأنجبنا، وكنت خلال ذلك الزمن القصير جداً الذي عاصرته شديدة التعلق به، خصوصاً وأنه توفي وأختي ما زالت رضيعة.
تعودت منذ كنت صغيرة أن يكون لطلعت مكانة خاصة عندي لأنه كما كانت تكرر لي جدتنا - روح أبي - وربما لهذا كنت دائماً أنظر إلى طلعت بهذا الشكل، ورغم أنه لا يشبه أبي شكلاً ..
وكان هذا الشعور عنده أيضاً أكثر مني، إلى حد أظن والله أعلم أني لو أنا التي متّ لكان طلعت مات حزناً عليّ ، فأنا لست عنده مثل أي من بنات أخواله ولا أي إنسان آخر- أنا هدى - هدى الغالية جداً والعزيزة جداً، خصوصاً وأن أبي وربما لفراسته كان يوصي طلعت بي وأخبره أني حين أكبر سأتجه أيضاً للأدب والكتابة، ولا أذكر أنه أوصى أعمامي مثلاً كما يفترض، وجدتي كانت تؤكد لي أني يمكن أن أغضب منها ومن أعمامي أما طلعت فألف لا...
من جهة أخرى - طلعت وطني كما كنت أقول له، وصديقي جداً- والصداقة العميقة المطمئنة حين تكون بين من يرتبطون برباط الدم والجينات المشتركة، تكون بالفعل صداقة نادرة، والصداقة من هذا النوع حين تستمر طويلاً وخصوصاً في العشر سنوات الأخيرة حيث كنا - بفضل ما وفرته التقنيات الحديثة - نتواصل يومياً ودائماً حتى بتنا فعلاً وكأننا شخص واحد، وجاء أوراق99 ونور الأدب ليربطنا بمشاريع مشتركة..
مات خلال السنوات الأخيرة كثر وأعزاء عليّ، وعرفت طعم الحزن الشديد، لكن الحزن والشعور بالفقد مهما كبر فعلاً يختلف عن الموت الصادم الذي يترك أثراً هائلاً، المشكلة أني فعلاً شعرت أني يتمت للمرة الثانية وخُلعت من جذوري للمرة الثانية!!
للأسف أعترف وأقر ما زلت أبحث عنه وما زلت مفجعة لغيابه، وما زال نور الأدب موجع جداً بالنسبة لي وقد غاب عنه...
أما ما يفعله الآخرون بدل أن يطيبوا جراحنا - قلة هم الأصدقاء - وأنت منهم بالتأكيد، وكثر وللأسف الشديد شنوا علي وعلى نور الأدب حروب واستغلوا هذا الحزن والألم والصدمة وكشفوا عن وجوه لم تكن جميلة أبداً...

دكتور منذر ..
حياة كل منا ليست الذات فقط - ولا الإنسان منا يموت دفعة واحدة - فكل إنسان له مكانة بحياتنا هو جزء من هذه الحياة وبرحيله نفقد جزء من حياتنا نفسها..
أزمع أننا نموت على مراحل، وربما موتنا هو موت الجزء الأخير الذي يتبقى كحلقة أخيرة بعد اقتطاع أجزاء مع كل موت والوحيد الذي لا نتجرع مرارة كأسه...
نموت في كل مرة ونعيش أكثر مع الذكريات فنضحك ونبكي..
كل صديق له مكانة لا يملأها أحد غيره، أنا مستعدة أن أدفع سنوات مقابل احتضان عمتي مرة واحدة!
ليس القريب فقط ، قد تستغرب - أندريا لورنز - صديقتي الأميركية التي غادرتني بالسرطان عام 2009 ، وما زلت لا أجرؤ على الذهاب لأماكن كثيرة لنا فيها ذكريات مشتركة وما زالت دموعي تغسل صفحات وجهي كلما فتحت ألبوم الذكريات، ولم أعد أرد على اتصالات زوجها وتوقفت عن الاتصال بأهلها خوفاً فقط أن أسمع بارتباطه بسواها، فلا أحتمل أن يطوي حبيبها صفحتها ويفتح صفحة جديدة مع امرأة أخرى، ولأن هي ما زالت في أناي وفي داخلي جزء منها لا يحتمل حتى خيانة الزوج الحبيب لذكرياتها..
أنا لست كائناً واحداً وفي داخلي مجتمع كامل فيه كل من أحببتهم، أرحلوا عن هذه الحياة أم لم يرحلوا.. هي أرواحنا التي ترفض فراق من تحبهم أينما كانوا .. وحين يرحلون يتركون في دواخلنا منهم ولهم الكثير ونتمنى أن يعودوا لحظة واحدة لنحدثهم عن قدر محبتنا لهم ومشاعرنا تجاههم التي قد لا نكون عبرنا لهم عنها كفاية ...

الأديب دكتور منذر
ماذا عساني أقول لك غير أنك إنسان شفاف رائع وعزيز، تستطيع بسهولة أن تفتح مآقي حروفي لتذرف بصدق وغزارة على متصفحك...
كل الشكر والتقدير لك ولقلبك الياسمين

[/align]
توقيع هدى نورالدين الخطيب
 
[frame="4 10"]
ارفع رأسك عالياً/ بعيداً عن تزييف التاريخ أنت وحدك من سلالة كل الأنبياء الرسل..

ارفع رأسك عالياً فلغتك لغة القرآن الكريم والملائكة وأهل الجنّة..

ارفع رأسك عالياً فأنت العريق وأنت التاريخ وكل الأصالة شرف المحتد وكرم ونقاء النسب وابتداع الحروف من بعض مكارمك وأنت فجر الإنسانية والقيم كلما استشرس ظلام الشر في طغيانه..

ارفع رأسك عالياً فأنت عربي..

هدى الخطيب
[/frame]
إن القتيل مضرجاً بدموعه = مثل القتيل مضرجاً بدمائه

الأديب والشاعر الكبير طلعت سقيرق
أغلى الناس والأحبة والأهل والأصدقاء
كفى بك داء أن ترى الموت شافياً = وحسب المنايا أن يكن أمانيا
_________________________________________
متى ستعود يا غالي وفي أي ربيع ياسميني فكل النوافذ والأبواب مشّرعة تنتظر عودتك بين أحلام سراب ودموع تأبى أن تستقر في جرارها؟!!
محال أن أتعود على غيابك وأتعايش معه فأنت طلعت
هدى نورالدين الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس