03 / 07 / 2013, 40 : 07 PM
|
رقم المشاركة : [11]
|
يكتب الشعر والمقالة والأدب الساخر
|
رد: قراءة في قصيدة (سفر التكوين السوري)...
قرأت نقدك اللاذع لقصيدة الأستاذ الشاعر حسن سمعون (سفر التكوين السوري).. ثم عدت إلى نص القصيدة مراراً باحثاً فيه عما اعتبرته عيوباً فنية.. فكانت النتيجة أنني خرجت بالتالي:
قد أتفق معك أستاذي الناقد في عدم الانسجام مع نص شعري ما، أياً كانت مادته وموضوعه، وأياً كان قائله، ولكنني لن أتفق معك مطلقاً في تجاوز نقدك للنص إلى تجريح صاحبه.. فليس عيباً ألا يُعجِبُ نصٌّ ما قارئاً أي قارئ، مهما كان هذا النص جميلاً، بدليل أن المتنبي عملاق الشعر العربي، وُجِد في عصره والعصور التي تلته، من لم يستعذب شعره، ومن نَقَدَ هذا الشعر بقسوة تفوق قسوتك على نص الأستاذ حسن.. لكن ماذا كانت النتيجة؟ بقي شعر المتنبي بألقه وغاب نقد من لم يعجبهم تدريجياً حتى تلاشى أو كاد...
على أي حال، ولكي لا تسارع إلى اتهامي بالتملق للأستاذ حسن، دعني أقل لك: قد أتفق معك في بعض السلبيات التي أشرت إلى وجودها في نصه، ولكن ما لا أستطيع موافقتك عليه تجريح صاحب النص، وكأن بينك وبينه ثأر قديم.. فهذا لا يجوز في عرفي.. حتى وإن كان الغرض منه تنبيهه إلى ما حواه نصه من عيوب، وحتى إن كانت نيتك سليمة في دفعه إلى تلافي هذه العيوب في نصوص أخرى قادمة.. فهناك أساليب أكثر لطفاً في تنبيه الشاعر إلى عيوب نصه...
أرجوك يا سيدي، ويبدو لي أنك ناقد مرّ، أن تفهمني وتفهم قصدي.. فليس الغرض من كتابة هذا الرد على نقدك التقليل من شأنك، ولكن كما سمحت لنفسك باتخاذ دور الناقد الناصح للأستاذ حسن، أن تسمح لي باتخاذ نفس الدور في نقد مطولتك النقدية لقصيدته..
وأول ما أحب أن ألفت انتباه حضرتك إليه، أن لا تقسو على المبدع إن ابتعد مرة عن الإجادة، دون أن يعني قولي هذا موافقتك الرأي في عدم جودة قصيدة (سفر التكوين السوري)، لأن رأيي فيها غير رأيك... لكن حتى على افتراض عدم جودتها، عليك ألا تنسى قول أحد كبار نقادنا القدامى: (الشاعر كالبحر، مرة يلقي صدفة ومرة يلقي جيفة).. وهذا يعني، حسب فهمي المتواضع للنقد، أنه لا ينبغي أن يحكم الناقد على شاعر ما من خلال بعض ما اعتبره قصائد غير جيدة فحسب، بل من خلال جميع قصائده.. وأنا أظن أنك لم تقرأ للشاعر حسن غير هذه القصيدة، لأنك لو قرأتَ له غيرها، فلربما غيَّرتَ رأيك في إبداعه وشاعريته.. فللرجل، كما قرأتُ، قصائد في غاية الجمال والروعة، وأرجو منك العودة إليها علَّ قراءتها تقنعك بأنك قسوتَ عليه كشاعر، وليس على نصه الذي لم يعجبك فقط..
هذا يبقى مجرد رأي، ولا أقصد به الحطَّ من قدر نقدك أو نعته بما لا تحب.. ولكل منا يبقى رأيه المختلف الذي هو حر فيه.. ولا أقصد أبداً أن أدفعك إلى تغيير رأيك، بل إلى حصر قدرتك النقدية في النص الذي تتناوله، وأن تبقي صاحبه بعيداً عن قلمك المفزع، كما رأيته أنا على الأقل..
وأختم دون محاباة، ومع كل الرجاء بأن لا تُخطئ تفسير رجائي هذا لك على أنه وليد خوفي من أن يطال قلمك قصائدي المسكينة، أختم بالقول: لديك قدرة نقدية أحترمُها، ولكن أرجو أن تحصر قوتها في معالجة نصوص أي شاعر أو مبدع تتناوله دون أن تتجاوزها إلى شخصه، حرصاً على موضوعيتك التي لا أظن أنك تريد جَرْحَ مصداقيتها.)
|
|
|
|