عمر بن الخطاب
( 584 – 644 م )
ثاني الخلفاء الراشدين وأول من لقب بامير المؤمنين كان في الجاهلية من أشراف قريش وأبطالها وله السفارة فيهم أسلم قبل الهجرة بخمس سنين وشهد الوقائع لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بالفاروق وكناه بأبي حفص بويع بالخلافة يوم وفاة أبي بكر الصيق سنة 13 هـ بعهد منه . وعمر بن الخطاب في التاريخ الاسلامي هو الرجل القوي الذي ترك اثاراً واضحة في أحداث هذا التاريخ واقترن اسمه بكثير من الانجازات العظيمة ففي أيامه تم فتح الشام والعراق ومصر وهو اول من وضع للعرب التاريخ الهجري وكانوا يؤرخون بالوقائع واتخذ بيت مال للمسلمين وأمر ببناء البصرة والكوفة وهو أول من دون الدواويين في الاسلام وله كلمات وخطب ورسائل غاية في البلاغة .
تعود صلة عمر بن الخطاب بفلسطين الى ماقبل الإسلام وهي صلة قومه من العرب فيها سواء منهم من كان يسكنها أو من كان خارجها إضافة الى علاقاته التجارية بها في الجاهلية أسوة بأهله من الحجازيين الذين كانوا يرتادونها للتجارة ثم بدأت فلسطين بخاصة وبلاد الشام بعامة تدخل منذ ظهور الدعوة الإسلامية في مكة وقيام الدولة الإسلامية في المدينة وبدأت المحاولات في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تتجه الى نشر لاسلام فيها وفتحها ولم يخف على المسلمين والقيادة والشعب توجه الرسول نحو الشام وفلسطين فأمضاه أبو بكر من بعد وفاة الرسول عليه السلام وخلفه عليه عمر بن الخطاب بهمة قوية وعزم بالغ المضاء
كان المسلمون قد نجحوا بقيادة عمرو بن العاص في دخول فلسطين وبخاصة بعد معركتي أجنادين وفحل بين المسلمين والروم سنة 15 هجري وشهدت خلافة عمر بن الخطاب اشد المراحل حسما في تقرير مصير فلسطين فقد اخذت الحشود البيزنطية بتحريض الامبراطور البيزنطي هرقل تتجمع في اليرموك للقضاء على المسلمين لكن ثقة المسلمين بالنصر كانت اكبر وقد عزل عمر بن الخطاب خالدبن الوليد وولى قيادة الجيوش ابا عبيدة بن الجراح وقال لاعزلن خالد بن الوليد والمثنى بني شيبان حتى يعلما ان الله انما كان ينصر عباده وليس إياهما ينصر وهزم البيزنطيون وارسل ابو عبيدة بالبشارة الى عمر فأرسل عمر اليه ان يوجه شرحبيل بن حسنة وعمر بن العاص الى الاردن وفلسطين وقد اصبحت مهمة الفتح بعد معركة اليرموك 13 هـ 645 م ميسورة ونجح المسلمون في تعقب فلول البيزنطيين في فلسطين وتحرير مدنها وأرضها من السيطرة البيزنطيية في وقت بعد اليرموك قصير إلا ماكان من مدينة قيسارية التي تأخر فتحها ثم فتحها معاوية بن ابي سفيان عام 19 في صحيح الروايات .
قام عمر بن الخطاب بزيارة بلاد الشام أكثر من مرة واجتمع بالجابية في بلاد الشام بقادة المسلمين وامرائهم وقسمت البلاد الى اربعة أجناد وجعلت فلسطين جنداً واتخذت مدينة لد عاصمة هذا الجند وفي الجابية استعد عمر بن الخطاب لزيارة بيت المقدس وقد خصها بالزيارة لمكانتها الدينية من الوجهة الاسلامية ثم عقد الصلح الذي ابرم مع أهل بيت المقدس سنة 15 هـ وعرف بعهد إيلياء أو عهد عمر وفيه أمان لأهل بيت المقدس على دمائهم وأموالهم وكنائسهم
يقول ابن البطريق ان عمر سأل عن موضع الصخرة فدل عليه فأمر عندها ببناء المسجد الاقصى وإقامته وشارك في اعمال البناء وإزالة التراب من الموضع وذهب الى بيت لحم وصلى فيها وقد تتابع بناء المساجد في فلسطين بأمر من عمر بن الخطاب واهتم عمر بالجانب الثقافي أرسل بعثة علمية بين الشام وفلسطين لهذا الغرض وحط أحد علمائها وهو معاذ بن جبل في فلسطين وراح ينشر العلم بين الناس ولما مات معاذ في طاعون عمواس حل بفلسطين صحابي بدري جليل هو عبادة بن الصامت وأخذ من بيت المقدس يواصل دروس العلم بين الناس وقد تحررت فلسطين نهائيا من السيطرة البيزنطيية قبل موت عمر ابن الخطاب وأخذت تشارك في أحداث المجتمع الاسلامي في الداخل والخارج ونشطت فيها حركة الثقافة بشكل خاص وتمكن العلماء من بعد أن ينشئوا المجالس المخصصة للدراسة وطلب العلم وأقبل الناس اليها وكثروا وبلغ عدد منابر فلسطين في مرحلة تالية عشرين منبراً .