04 / 07 / 2008, 30 : 06 PM
|
رقم المشاركة : [3]
|
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )
|
رد: رحيل الموسوعي والأكاديمي عبد الوهاب المسيري
[frame="13 95"] [align=justify]
رحلة في عقل المسيري
بقي الصوت وذهب الجسد
محيط – شيماء عيسى/ كأي إنسان كان المسيري في شبابه يفكر بسبب الوجود ، وبدأ يتحول للإيمان ثم يبتعد عنه إلى أن استقر بصورة نهائية على إجابات لأسئلته الحائرة ، وفى المرحلة الجامعية وعندما انضم إلى الحركة الماركسية، كان يقول عن نفسه ماركسى سنى ، إلا أنه تحول عن الإتجاه اليساري الذي ظل محسوبا عليه طيلة ثلاثين عاما ، ليصبح من المفكرين الإسلاميين المستنيرين القلائل حقاً ..
روي الدكتور عبدالوهاب المسيري سيرته في حوار نشره موقع حزب العمل المصري ، فقد ولد ونشأ في دمنهور ، ومن مدارسها الإبتدائية والإعدادية والثانوية تخرج ، ثم انتقل للإسكندرية ، حيث حصل على ليسانس الآداب في اللغة والادب الإنجليزي 1959 ، ثم سافر للولايات المتحدة الأمريكية 1963 ، ومكث بها حتى عام 1969 حيث حصل على الماجستير والدكتوراة ، وكانت الدكتوراه عن الأدب الإنجليزى والأمريكى والمقارن، ثم عات إلى مصر حيث بدأ فى التدريس بالجامعة فى كلية البنات جامعة عين شمس, وذلك من عام 1969 حتى عام 1975، ثم سافر مرة أخرى إلى الولايات المتحدة, وذلك من أجل مرافقة زوجته للحصول على الدكتوراه من عام 1975 حتى 1979, وأثناء ذلك عملت كمستشار ثقافى للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة فى نيويورك.
عاد د. المسيري بعدها إلى مصر لمدة ثلاثة أعوام, درس خلالها بكلية البنات من عام 1979 حتى عام 1982، ثم سافر إلى المملكة العربية السعودية لمدة ستة أعوام للتدريس فى جامعة الملك سعود، ثم سافر للتدريس لمدة سنة واحدة فى جامعة الكويت،عاد بعدها إلى مصر، حيث قدم استقالته إلى الجامعة، لأنه كان قد بدأ العمل فى موسوعة (اليهود واليهودية والصهيونية) وأراد التفرغ لها وقد أخذت منه 24 عاما منذ عام 1976 حتى إصدارها فى عام 1999.
المعارض العنيد كان د. عبدالوهاب المسيري فاعلاً حقيقيا في قضايا وطنه مصر ، حتى أنه تم تعيينه كمنسق عام لواحدة من أشهر الحركات المصرية المعارضة للفساد والحكومة ، هي حركة كفاية ، وعديدة هي آرائه التي نشرتها وسائل الإعلام في الشأن المصري ، منها على سبيل المثال تأكيده أن قرار تصدير الغاز المصري لإسرائيل جزء مستمر من مسلسل بيع مصر وأنه ليس جديدا وإنما هو تنفيذ لإتفاقية مبرمة منذ سنوات بين الجانبين ، وانتقد في حوار له مع صحيفة المصري اليوم النظام المصري الذي ينظر لإسرائيل كضمانة أساسية لعلاقة قوية مع امريكا ، حيث يرغب النظام في الرضا الأمريكي ويتجاهل ما يجري في مصر من بطش وتزوير وتوريث للحكم .
وقال أيضا أن النخبة الحاكمة لا تكترث بمصلحة الشعب، ولا بتأثير هذه الاتفاقية علي الدور المصري في الملف الفلسطيني، وإنما تكترث فقط ببقائها في السلطة، وهو ما يفقد الدور المصري في المنطقة أكثر فأكثر.
وفي احتفالية حركة كفاية بمرور ثلاث سنوات على قيامها ، دعا د. المسيري إلى تغيير النشيد الوطني المصري بلادي .. بلادي لأنه وفقا لقوله خرع وإيقاعه بطيء، ويبعث علي النوم والتثاؤب، وطالب بإعادة نشيد والله زمان يا سلاحي، اشتقت لك في كفاحي الذي كان يحرك المشاعر الوطنية إن النشيد الوطني الحالي الخرع يخلو من نزعة الشرف والكرامة، والجهاد، وقال: إن مصر تتعرض لحرب اختراق صهيونية شرسة بدأت بتغيير النشيد الوطني الي المقررات المدرسية حتي ينزعوا من المصريين فكرة الكفاح ضد الاستبداد والنضال من أجل الحرية بهدف طمس ثقافة الاحتجاج.
ننتقل لندوة نظمتها لجنة الحريات بنقابة الصحفيين المصريين مؤخرا وقال فيها إن الشارع قد نفد صبره والنظام يعيش حالة هلع شديدة، إن قلة من أصحاب رؤوس الأموال باتوا يتحكمون في السلطة والثروة مما أعاد البلاد إلى أجواء ما قبل ثورة يوليو ، حيث تزايدت معدلات الفقر بشكل بات يشكل خطرا على مستقبل الحكم الحالي.
وتعقيبا على حركات الإضراب والإعتصام التي بدأ يشهدها الشارع المصري، اعترض د. المسيري في حواره مع صحيفة المصري اليوم على الطريقة الأمنية في تعامل الحكومة المصرية مع المواطنين ، ومصادرة الأحزاب التي أصبحت ورقية وأخرى مجمدة وأخرى مهمشة ، وقال لا يمكن أن يضع بلد مثل مصر عدد سكانه 70 مليون شخص، يواجه مشاكل كثيرة في مستوي المعيشة الآخذ في الانخفاض والحالة الصحية المتدنية، وكل هذه الأشياء، وسط حل أمني، وحتي الحل الأمني نفسه بدأ يتدهور بشكل كبير جدًا، فانظري ماذا يحدث في أقسام البوليس والأماكن الأخري التي من المفروض أنها في خدمة الشعب، وكل هذه الأمور طبعًا أدت إلي تزايد الغضب الشعبي .
كما رأى بخصوص مسألة إلغاء الدعم أن الحكومة تتبع السياسات التي يمليها البنك الدولي، والبنك الدولي غير مدرك الأبعاد الاجتماعية للتنمية علي الإطلاق، فهو ذو رأسمالية متوحشة يري أن الهدف من الحياة هو تحقيق المزيد من الأرباح حتي إذا أدي هذا إلي جوع الناس وانهيار القيم، وفشل هذا النظام في أمريكا اللاتينية، ولكننا في مصر نكرر أخطاء الآخرين مع الأسف، فقضية الدعم تتصاعد ولكن بحذر لأنه من الواضح أنه ممكن أن تكون الاستجابة الشعبية ضخمة جدًا .
أسطورة "إسرائيل" الزائلة مع احتفال "إسرائيل" بالذكرى الستين لإغتصاب فلسطين ، توقع د. المسيري في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام أن نهاية قريبة ستحدث للدولة العبرية ربما خلال 50 عاما ، واوضح أن الخبراء السياسيين بـ "إسرائيل" يعلمون ذلك ، فالفلسطينيون الذين يدافعون عن أرضهم لن يكلوا.
ننتقل لندوة كان ضيفها الدكتور المسيري وأقيمت بصالون العين الثقافي لمناقشة كتابه اليهود في عقل هؤلاء ويذهلنا بقوله تجربتي مع اليهود بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما خرجت عام 1963، اكتشفت أن المستهدف ليس فلسطين، بل مصر.
كما أكد – في الندوة ذاتها - إيمانه بالحوار المسلح، لأن الطرف الآخر لا يؤمن إلا بالكلاشينكوف، وأنه لا تفاوض أو مقاومة بدون سلاح، وأبدى أسفه لمحاصرة المقاومة الفلسطينية، التي مازالت الجماهير متعاطفة معها بشكل كامل.
وفي سلسلة مقالات له عن اليهود بصحيفة الإتحاد الإماراتية، كتب تحت عنوان تآكل المقدرة القتالية لالعجل الذهبي ، أن الوجود الصهيوني يستند إلى العنف إذ أنه يهدف إلى التخلص من أصحاب الأرض وإحلال آخرين محلهم ، وهي عملية لا يمكن أن تجري بالوسائل السلمية ، وان الكيان الصهيوني غٌرس غرسا في فلسطين ، لنقل الفائض البشري اليهودي من اوروبا إلى فلسطين وتحويله لمادة قتالية تخدم المصالح الغربية ، ولذا تكتسب كل الظواهر الصهيونية ابتداءا من الزراعة وانتهاء بالتليفزيون بعدا عسكريا ، ويذكر بما قاله نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ييجال آلون في مؤتمر القدس 29 يونيه 1969 : لا يمكن أن يتحقق الأمن الإسرائيلي إلا بالأرض ثم يعرف هذه الأرض بأنها القنوات (أي قناة السويس) والممرات والأنهار (أي نهر الأردن) والمرتفعات (أي الجولان). ثم يلخص الموقف كله بقوله إن الأمن يتحقق بالاستيطان بالمسلح. وقد أحرز الاستيطان المسلح في فلسطين قدرا لا باس به من النجاح وبالتالي حصل على قدر من الشرعية أمام يهود العالم وجماهير المستوطنين والعالم الغربي !!.
ويتابع المسيري في مقالته الهامة قائلا : ولكن ابتداء من حرب عام 1973 بدأ إيمان المستوطنين الصهاينة بالعجل الذهبي – أي "الجيش الإسرائيلي"– في الاهتزاز ثم في التآكل. ثم جاءت عملية غزو لبنان التي انتهت بانسحاب القوات "الإسرائيلية" دون أن تحقق ما كانت تهدف إليه، أي القضاء بشكل نهائي على منظمة التحرير. ولم تتوقف العمليات الفدائية البتة وكان من أهمها وتاجها عملية قبية التي بينت بشكل لا يدع مجالا للشك أن الذراع القوية لجيش الدفاع (!) ليست قادرة بالضرورة على حماية المستوطنين الصهاينة، وتوفير الأمن المطلق لهم. ثم جاءت ثورة الحجارة لتبين مدي عجز "جيش الدفاع" عن القيام بالعمليات الجراحية والضربات الإجهاضية التي تُسكِت الآلام مرة واحدة. وتبعتها انتفاضة الأقصى المسلحة ثم الانسحاب من جنوب لبنان، ثم أخيراً الحرب السادسة، التي فضحت جيش الدفاع الذي ادعى أنه لا يُقهر أمام نفسه وأمام المستوطنين الصهاينة، بل وأمام راعيه الإمبريالي، أي الولايات المتحدة.
ويمكن القول إن استمرار الاحتلال في الضفة الغربية وغزة ما يزيد عن أربعين عاما كان من الصعب الدفاع عنه ، باعتباره دفاعا عن النفس . ولذا شهدت "القوات العسكرية الإسرائيلية" لأول مرة في تاريخها ظواهر احتجاجية مختلفة ، جديدة عليها كل الجدة مثل رفض الخدمة العسكرية تماما، أو رفض الخدمة في الضفة الغربية وغزة أو زيادة نزوح أبناء الكيبوتسات، العمود الفقري للمؤسسة العسكرية واحتياطيها الحقيقي ، بل زيادة نزوح أفراد من القوات المسلحة ذاتها.
مع أمريكا .. الحوار المسلح هو الحل في مقالة للدكتور عبدالوهاب المسيري بعنوان فلنفاوض ولنقاوم اعتبر أن إيجاد تعاطف مع قضايانا العربية والإسلامية والإنسانية العادلة في أوروبا أسهل منه في الولايات المتحدة ، لأن الإنسان الأوروبي يتميز بقدر من الثقافة والوعي ، لكن مهمة خلف التفاعل والتعاطف حتى داخل الولايات المتحدة ليست مستحيلة ، على سبيل المثال في الحرب الأمريكية على فيتنام ، كانت الأغلبية الساحقة من الشعب الأمريكي تؤيد في البداية التدخل الامريكي في فيتنام ، تحت ذريعة ما سموه آنذاك بالخطر الشيوعي ! وبالتدريج مع وصول جثامين الجنود الأمريكيين إلى التراب الأمريكي وتزايد الخسائر الأمريكية المادية ، بدأت الجماهير الأمريكية تتراجع عن موقفها السابق وتخرج مطالبة الإدارة الامريكية بسحب قواتها من فيتنام ، إلى أن اضطرت الولايات المتحدة لسحب جيوشها وقوتها العسكرية من فيتنام وأن تنسحب صاغرة ! ، وفي المقالة ذاتها أبدى المسيري ملاحظة أن الفيتناميين كانوا يقاتلون وبتفاوضون في ذات الوقت .
تحدث عبدالوهاب في المقالة عن مصطلح الحوار المسلح الذي ينطلق من تصور أن الشعوب التي تدور في إطار علماني مادي استهلاكي لا تدرك العالم إلا بحواسها الخمس، ولذا فهي شعوب وثنية لا عقلانية لا يمكن إيقاظها من خلال الإعلام وحده، كما يتصور البعض، وإنما من خلال سياسة متكاملة فنبعث لهم رسائل مسلحة عن طريق المقاومة المسلحة المستمرة، ورسائل شبه مسلحة مثل التلويح بقطع البترول ونقل رؤس الأموال العربية. وتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، ومنع مرور السفن الحربية من قناة السويس. لكن لابد وأن يواكب هذا رسائل توضح وجهة نظرنا، مضمونها أنه يمكن للشعب الأمريكي التعايش معنا إذ لا يوجد مبرر للصراع أو للمواجهة المسلحة.
وكتب يقول : وكما أسلفت المواجهة مع الولايات المتحدة أصبحت صعبة، ولكنها ليست مستحيلة، بمعنى أن العرب لو قرروا ضرب مجموعة من السلع الأمريكية بعدم شرائها فإن أصحاب المصانع المنتجة لهذه السلع سيتحولون إلى لوبي يعمل لصالحنا. ويمكن استبدال هذه السلع بسلع يتم استيرادها من فرنسا أو ألمانيا أو اليابان أو الصين أو الهند، أو ربما تشجيع بعض رؤوس الأموال العربية على تصنيعها محليا. أما الثروات العربية في المصارف الأمريكية والتي تقدر حسب ما سمعت بـ 700 بليون دولار، مما يمثل دعما قويا للدولار الأمريكي، فيمكن سحب 10% من هذه الأموال في إشارة واضحة للغضب العربي والإسلامي، كما يمكن الاكتفاء بالتلويح بذلك، هذه كلها رسائل للشعب الأمريكي أن يعيد النظر في مواقف حكومته المتحيزة ضد العرب.
المسيري والإنسان والدين كتب د. عبدالوهاب المسيري عن ظاهرة عمرو خالد وأشاد به ، واعتبر أن المجتمع بحاجة لخطابه ، فهو يتوقع عن النهضة وعن التغيير ويربط الأمة بكل ما أمر الله ، من تأكيده على الآية الكريمة إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وأشاد بمفهوم خالد للنهضة باعتبارها ضرورية في كل المجالات وليست اقتصادية وسياسية فحسب ، وأنه أيضا يتحدث عن الحلم والمستقبل وعن النفس البشرية وضرورة الترابط بيننا ، في الوقت الذي تسيطر علينا فيه النزعة الإستهلاكية ونهرول لجمع المال.
وفي مقالة كتبها لقناة الجزيرة القطرية عن الهوية ، أكد أن علينا الحفاظ على هويتنا ونبدع نحن العرب، وقال : لماذا لا نطور تكنولوجيا الطاقة الشمسية ومساقط المياه، في منطقة معروف أنها ستواجه شحا في المياه، لماذا لا نطور مفاهيم جديدة في الإدارة، رجل متقدم في السن يحيط به مجموعة من الشباب الأذكياء، ولا يكون المدير هو الآمر الناهي، وإنما يستمع لمستشاريه، بحيث تصل المجموعة إلى شكل من أشكال الإجماع الذى لا يولد التوترات؟ هذا ما فعله اليابانيون ؛ فشركة مثل سوني على سبيل المثال تستخدم آخر ما توصلت له التكنولوجيا، ولكن هناك أعمال أخرى يمكن إنجازها يدويا، فترسل بها إلى الريف الياباني، فيقوم الفلاحون بإعدادها في منازلهم.
وفي المقالة ذاتها كتب .. ويدعي البعض أن التمسك بالهوية يؤدي إلى الحروب والمجازر، وهذه مبالغة غير مقبولة. فهل الحربان (العالميتان)، الأولى والثانية، تمتا باسم الهوية أم باسم المصالح الاستعمارية؟ وماذا عن فيتنام وغزو العراق وأفغانستان والحرب الباردة؟ هل التشكيل الاستعماري الغربي الذى أحرق الأخضر واليابس، والذى أباد الملايين ونهب ثروات الشعوب، هل تم تعبيراً عن الهوية الغربية أم تعبيراً عن طمع وجشع الطبقات الحاكمة؟.
[/align][/frame]
|
|
|
|