رد: التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي
لا شكّ بأنّ التطرّف الديني في الشرق الأوسط مرتبط بعوامل سياسية موجّهة، وقد ساعد في ظهور الحركات المتطرّفة التكفيرية عوامل كثيرة منها الفقر والتجهيل والأمية، وهناك فارق كبير ما بين المنظّمات الإسلامية المعتدلة وتلك المتطرّفة. الإسلام بالطبع هو دين التسامح وهناك علاقة ما بين هذه التسمية وكلمة "سلام" كما هو متعارف عليه. وكي نتمكن من إضفاء سمة التسامح على الإسلام ومكافحة التنظيمات المتطرفة المسيئة للإسلام، هناك ضرورة عاجلة لتعديل العوامل المذكورة والانتقال بالأمّة الإسلامية إلى الرقيّ الحضاري والتخلّي عن الاعتماد عن الغرب الذي حوّل عوالمنا إلى دول وشعوب مستهلكة بصورة شبه كاملة. كما توجد هناك ضرورة للتعامل مع الحدث والفعل وليس الاعتماد على ردود الفعل، حيث يمكن دومًا التنبّؤ بردود الفعل ورسم سياسات مغرضة تجاه عالمنا الإسلامي والعربي لقدرتهم على توقّع النتائج المتمخّضة عن الفعل وردوده.
نعم، هناك أزمة في الوقت الراهن بشأن هذه التنظيمات التي تعمل على حزّ الأعناق وتريد أن تفرض أجندة مخالفة للتسامح الإسلامي وإظهار المسلمين باعتبارهم شعوبًا ظمئة للدمّ والتقتيل. وعمل الغرب بسهولة على دعم هذه التوجهات بسبب الفراغ السياسي الكبير الذي يعاني منه العالم العربي، والسيطرة المطلقة للدكتاتوريات الجاثمة على صدور العباد، وحجب المفكرين وتكبيل أيديهم وإبعادهم عن المنصات ومراكز اتخاذ القرار.
لن يقوم الغرب وليس من الرجاحة مطالبته برفع الظلم عن عوالمنا، فهو كغيره من من الامبراطوريات السابقة يسعى لملء الفراغ وفرض أجندته السياسية والاقتصادية، ويبقى الأمر مرهون بين أيدينا، فنحن وحدنا القادرون على رفع كلمة الإسلام الحقيقي، ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي والحضاري في الغرب، والعناية بمجتمعاتنا، وتوزيع خيرات هذه الأمّة بطريقة عادلة كي يفكّر الإنسان العربي بالمستقبل وتحديث العصر والواقع والاستغناء عن الأفكار المتطرفة المدفوعة لصالح جهات مشبوهة.
لا شكّ بأنّ الإسلام يمتلك الكثير من البدائل الممكنة لإظهار الوجه الحقيقي السمح والمشرق لهذه العقيدة السمحة العظيمة، ولا بدّ من التوقّف عن غمر الرؤوس في التراب لتجنّب العواصف الآنية فهي كثيرة وليس من المتوقع أن تتوقف في الوقت الراهن أو المستقبل المنظور.
ملف شيّق وفي غاية الأهمية، وقد لجأت لتسليط الضوء على مشاكل وتعقيدات العصر، بعد أن رأيت توجهًا لنشر دراسات وآراء تاريخية، والشكر موصول للسيدة هدى على هذه المبادرة ولكافة الزملاء الذين ساهموا في إثراء هذا الملف.
|