الموضوع: المتسولة
عرض مشاركة واحدة
قديم 22 / 12 / 2013, 14 : 04 AM   رقم المشاركة : [1]
نوره الدوسري
أستاذة تاريخ - أديبة وقاصّة
 





نوره الدوسري is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: السعودية

المتسولة

المتسولة






مثقلة الخطى تسير بين الأزقة تنظر يمنة ويسرة , تحك رأسها في حيرة وبلاهة رغم أنها تعرف ماتريد .


تترصد بعينيها هيئات البشر التي تغدو وتروح في هذا السوق الكبير ، وبسرعة تتسلل وتنصهر بين تلك


الأرتال ، وبخفة تمد يدها لأكثر من واحد في لحظات قليلة .


تهمس بكلمات وتتوسل باستكانة وضعف وهي تلح في السؤال ، عيناها تتشبثان بأعين المارة تارة وبأيديهم


واتجاهاتها تارة أخرى . تأخذ ماتجود به الجيوب والأنفس وتدسه بحرص ثم تهرول وعيناها ترقبان صيداً


آخر . حتى إذا شعرت بالتعب ارتاحت على الأرض قليلاً لتواصل ماتفعله وهي منتشية بالانتصار ، لأن ماجمعته


من مال يزيدها حماساً وإلحاحاً في الطلب .


- في الليل وعلى فراشها القديم المتواضع تعد وتدخر ماجنته هذا اليوم , وتبدأ في رحلة صعود لا تعرف لها

مدى ، فأحلامها أكبر ومد اليد للآخرين أسهل من عبودية العمل وقيد مواعيده وتسلط الكبار ،


وانتظار راتب الشهر الذي لايسد الرمق ..... وقبل أن تسلم جفنيها للنوم تمد يدها تحت وسادتها وتهمس لصورة شاب _


يقاربها عمراً _ بكلمات حب وعتاب ، ثم تصب عليه الشتائم من كل نوع فلولاه ما امتهنت هذه المهنة .



- تمد يدها هذا الصباح وتستبشر بضجيج المارة ، فالإجازة طالما كانت وجه خير وطالع حسن .



فالوجوه جديدة غير معتادة ، والكرماء كثر ....بدأت تمارس طقوسها اليومية بجد. تنتقل بخفة زئبقية ،لتصطدم عيناها


بوجه طالما عاشت بين ملامحه أحلام الاستقرار والدفء والعائلة ، بينما يمضي هو مع زوجته وابنيه محملين بالأكياس


وفي لحظات تجد نفسها _دون أن تدرك _أمامه ، فهي لم تعد قادرة على التحكم بقدميها .


شعرت بجذب فوق طاقتها جعلها تقف بين يدية بهيئتها الرثة ، ولكن ذكريتها والزحام والضجيج


أنساها أن تمد يدها وتتمتم بتوسلاتها ليمد يده إليها بما تيسر دون أن تنبس بحرف ودون أن يتعرف


عليها .


وفي لحظة تشيح بوجهها بنفس متقطع وخجل ، لا تعلم أين تدس عينيها وملامحها ولا أين تخبئ


ذكرياتها .


أعطاها المال دون تسول ، وعندما تسولت حبه ذات يوم نهرها .


- رفعت نظرها إليه وهي تستجدي ماء وجهها في هذه اللحظات المخجلة ، ودون أن تشعر


يُهدر ماتبقى من ماء عفة وحياء حتى بدت ملامحها باردة قوية لامعنى لها ،


تأخذ النقود وتدسها بحرص وبخطوات وئيدة ونظرات سريعة تبحث عن صيد جديد .




نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
نوره الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس