عرض مشاركة واحدة
قديم 23 / 12 / 2013, 00 : 11 AM   رقم المشاركة : [1]
ياسر سالم
يكتب النثر و الشعر التفعيلي
 





ياسر سالم is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

أيها الملتاع جوى بحسنها ..



أيها الملتاع جوى بحسنها ..(*)

لم تزل تقترب من حسنها الذي خلب لُبك ، وأخذ بمجامعك حتى أذعنت لأمرٍ سَرَى بين خافقيك ، سريان قطراتٍ هادئة ، تنساب من فِيّ قنّينَةٍ ورديّةٍ ، أمالَتْها يد صادٍ كان يحلم بقطرة باردة ، ترطب يُبس أيامه التي جفت وتشققت ..


استنام حِسُّك لها .. فَحَويتها .. ورَقْرَقْتَ خمر الوصل في قدح العمر
وَأَنَلْتَ من رام خيرك أُذْناً غير واعيةٍ .. ومضيت لا تلوى ولا تتلفت ..

ألم تكُ تعلم أن هذه النهلة الصافية داء قد تداويت به ؟
ها قد رمتك أيامك من آثارها في وهنٍ حلّ بمضغةٍ منك هامت على أثر اللذات تطلبها.. والنفس إن يدْعها داع الصبا تهَمِ


كم حلمتَ بنبتةٍ تنجم في ثرى تربةٍ قاحلةٍ ألقيت فيها - مذ أدركتَ - بذرةَ وجدٍ وأعْيِاك انتظار بزوغ أَوراقها الناعمة..

ها قد استوت نبتِتُك على سُوقها .. ونشرت وُرِيْقَاتها ذراعات ممدودة مشرّعة إليك

هاأنتذا وقد اقتحمت قدماك الحبَاَلة .. ووقعت أصابعك في أنشُوطتها ..
ستمضي أيامك مضَاء ثكلى .. تجر أرجلها كما لو كانت رِجْل طفلٍ صغيرٍ في جسد رجلٍ كهل توالتْ على ظهره نوائبُ جمّة قد توزعت في أناسِي كثير وتجمعت فيك وحدك ..
أسلمت نفسِك لجرح عميق لم يَعْفُ رسمه ، ولن تندرسَ مع الأيام معالمه .

أيها الغِرُّ ... أزْرَيْتَ بنفسك .. لم يكن تنقص عقلك معرفةٌ بكُنْه أمر استجليته سابقا من ساحات تجاربٍ كانت تَحُل قريبا من مرابع عمرك..

كم مضى مثل الأولين أمام عينك .. وتلمحت بعين قلبك أدواءَهم التي كنت تحذرها وتخاف منها .. وتتمناها

آآلان وقد انْعَقَفَتْ (1) أيامك بعد أن نفذ فيك السحر وتعقلتَ في الشَرَك ...؟ ...

آآآآآلان وقد انطرحت وأحالَ وجْدُكَ لونَ بشرتك اصفرارا يشبه كثيرا لون نبتة خَفَت بريقُها في إثر آفةٍ ناوشَتْها وتركتها مَحْنِيّة مُصْفَرّة.. لا هي بهشيم قد انتهى أمره ، ولا هي بغصن يرتجى ثمره .. ؟

كيف لك الخروج من هذه المِهامِه (2) الممتدة التي تحاوط قلبك وسمعك وبصرك.. ؟

بل كيف لك بوثوب يعيدك إلى مساحاتك البيضاء التي كنت تقطعها برفق، وتقفز فوقها جَزِلا كطائر قَطَا (3) يختال مع نسمات باردة فوق بساط أخضر نما حول خيمة قرمزية يخرج من أخبيتها جدائل الأمل المُجنّح بِغَضّ عيشٍ كان مهتصراً نضراً ..؟

كان أولى بهذه العبرات التي تسيل على مسارب خديْك حسرة أن تسيل على وجه كان يغتسل بنور قلبٍ مُتَضَوّرٍ اضطرب وَجَلاً وعِزة وتذللا لله وحده ..

أذللت دمعاً كان من خلائقه الكِبر

أيها المائل قصدا ...
كم تضاحكت عندما كنت تبكي..
وتمنيت أن يطول عذابك ؟!

استحال حلمك الآن إلى أضغاث .. وأنزلت بُزاتك منازل البُغاث ..(4)

الآن وأنت تُرَاوِح بالليل بين قدمك وجبهتك , تحاول أن تسير القصد فيردك عن قصدك لوعات الهوى فتميل ..
هل جادك الغيثُ إذا الغيث همي ؟
هل ترى لك من باقية ؟! ..
أم ستطوي شراع عزمتك تحت لواء الوهن فتبيت منطرحا مرددا :

ولئن متَّ فاسترحتُ من البيْن .:. لقد أحسنت إليّ المنونُ





---------------

(1) المَهْمَه: القفر من الأرض، والجمع مهامِه ( جمهرة اللغة -ابن دريد ).
(2) مِلت وانحنيت واعوججت ، والشيخ المعقوف الذي احدودب ظهره والصليب المعقوف ( المائلة حوافه ) كان شعار النازية.
(3) هو طائر رشيق دون الحمامة بقليل يمشي متأودا يحذر مواطن الاضطراب ويعيش بمنأى عنها
(4) البزاة واحدها بازي وهو الجيد من الصقور .. والبغاث هو رديء الطير .


(*) تحوي هذه الخاطرة بعض التضمينات الشعرية التي يصعب نسبتها خالصة لقلمي .. وارتأيت أن أترك لمُكنة القارئ الواعي مهمة استشفافها دون إحالة مني حتى لا أشتت ذهنه بين متن وهامش..





نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع ياسر سالم
 
ياسر سالم غير متصل   رد مع اقتباس