الحبّ تعرّض للظّلم...
[frame="13 10"] يصادف اليوم الجمعة، الرابع عشرة من شهر فيفري الميلادي، وهو اليوم الذي حاولت بعض الشعوب تحويله إلى عيد للحب، ليس بين المرأة والرجل فقط، وإنما حاولت إعطاءه بعدا حياتيا في شتى المجالات، فصار التايلانديون يزاوجون بين الفيلة والحيوانات النادرة لأجل تنمية ثروتهم الحيوانية، ويقيم الإماراتيون حدائق الورود المليونية المغروسة في قلب الصحراء، ويغرس الهنود عشرات الملايين من الأشجار في يوم واحد، بينما ينسى بعض المسلمين حبّهم الحقيقي وهو دينهم الحنيف المبني في كل أركانه على الحب، وينتظرون هذا اليوم المعجون بالأسطورة وبالمسيحية المُحرّفة، لأجل أن يبتعدوا مسافات عن الإسلام وعن المسيحية وعن الإنسانية.
ويتفق العلماء المسلمون قديمهم وحديثهم وجميع دعاتهم، على أن الحب في الله هو الحب الوحيد، فلا يمكن للرجل أن يحب امرأة أو العكس، إلا إذا بُنيت هذه العلاقة السامية على شرع الله..
وقصة الحب الكبرى بين الرسول (صلى الله عليه وسلم) وزوجته الأولى خديجة بنت خويلد، كمثال لا يمكن سوى السير عليه، بالنسبة لطالب الحب الحقيقي، فلا قيس وليلى، ولا روميو وجولييت الذين لم تكتمل قصصهم بالزواج، وإنما قصة واحدة صمدت عندما كان الرسول الكريم عائلا فأغناه الله بزوجته خديجة، التي أحبّته وهو زوجها الشاب، وأحبّته وهو نبي الله ووقفت إلى جانبه في محنته حين عاداه كل الناس، وظل يحبها عليه الصلاة والسلام بعد وفاتها بسنوات عديدة إلى أن توفاه الله.
وزواج الرسول (صلى الله عليه وسلم) بعد خديجة، كان لمتطلبات الرسالة، فأول عرض جاء رسول الله لأجل الزواج بعد وفاة خديجة قابله بردّه على الصحابية التي اقترحت عليه الزواج قائلا بعد أن بكى: "وهل بعد خديجة أحد؟.. كان رسول الله أمام دعوة ومحاطا ببناته الصغيرات، كما أن الله أمره بالزواج.
وتبقى قصته في فتح مكة رائعة من صور الوفاء والحب بعد سنوات من الفراق، عندما شاهد عجوزا طاعنة في السن قادمة فابتعد عن الجميع وراح يستقبلها، ثم نزع عباءته وافترشها وجالس العجوز، وذهل الصحابة واحتارت زوجاته اللائي رحن يسألن عائشة، عن هوية هذه العجوز التي منحها رسول (الله صلى الله عليه وسلم) كل اهتمامه وتركيزه، وبعد ساعة من الزمن عاد الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى زوجاته فسألته عائشة، فرد قائلا: "هذه صاحبة خديجة، وكنا نتحدث عن أيام خديجة"، فاحتارت زوجات الرسول، وسألته عائشة في دهشة: أما زلت تذكر هذه العجوز وقد واراها الله التراب؟، وأبدلك الله خيرا منها؟، فاختصر رسول الله حبّه لزوجته الراحلة قائلا: "والله ما أبدلني من هي خيرا منها، فقد واستني حين طردني الناس وصدقتني حين كذّبني الناس".
فعلينا أن ننسى كل علاقات الحب التاريخية، ونجعل من هاته الرائعة الحياتية بين خير خلق الله وزوجته قصتهم الوحيدة، فالحب الذي يستمر بعد الوفاة هو الذي لا تسبقه علاقات الحرام، لأن طاعة الله كانت هي الأصل في هذا البناء.
فكل الدعاة ورجالات الفقه والفكر، من مالك بن أنس وبن تيمية ومرورا بجمال الدين الأفغاني والشيخ بن باديس، ووصولا إلى أحمد ديدات والشيخ محمد الغزالي، تحدثوا عن الحب في معناه الواسع والهادف الذي لم يترك يوما أو مكانا، ومع ذلك ترك بعض الناس هذه الدنيا وفضّلوا هذا الحب الغريب.
[/frame]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|