قصيدة: أَأَرْحَلُ قَبْلَكِ أمْ ترحلين
للشّاعر عبد الله بن إدريس
قصيدة: ( أأرحل قبلك أم ترحلين ) كتبها الشاعر الكبير عبد الله بن إدريس مُخاطِباً زوجته ورفيقة دربه وهو على مشارف التسعين، عام 1429هـ، (2008م)، وكانت بشهادة عدد من النقاد « قصيدة العام »، ليس ذلك لجودتها الفنية فقط، بل لما هو أهمّ وأجود من ذلك، وهو موضوعُها غيرُ المسبوق وجدانيّاً في البيئة الّتي عاشها الشاعر، حتى إنّ الشّاعر الأبيّ والمفكّر المتميّز غازي بن عبد الرّحمان القصيبي رحمه الله قال مُعَلّقاً عليها: " إن هذه ربّما تكون أول وأجمل قصيدة رومانسية كتبها شاعر من صحراء نجد في زوجته، وهو على مشارف التسعين من عمره في بيئة ثقافية « نجدية »، لا يكادُ الإنسانُ يُسامرُ زوجتَه داخلَ بيته، فكيف يفعلُ ذلك شعراً وأمامَ الملأ ؟! ».
أما شاعرنا ابن إدريس فيقول عنها: « حصل بيني وبين زوجتي أمّ عبد العزيز توافُقٌ في المرض، كلٌّ منّا صار عنده الضعف الصّحّيّ، ولا ندري مَنْ سيرحلُ مِنّا أولاً ؟!، فخرجت هذه القصيدة »:
أأرْحَـلُ قَـبْلـكِ أمْ تـَرْحَـلين
وتَغرُبُ شَمْسي أمْ تَغرُبين
ويَنْبَـتُّ مـا بيْـنَنا مِنْ وجـود
ونسلُكُ دَرْبً الفِراقِ الحزين
ويذبُل ما شاقَنا من ربيعٍ
تـُؤرجه نفـحةُ الياسمـين
وتسْكُـبُ سُحُـبُ الأسـى وابـِلاً
على مرقدٍ في الثَّرى مُسْتَكين
فإنْ كُنْتُ بادئَ هذا الرّحيل
فيا حُزنُ رُوْحٍ براها الحَنين
وإن كُنتِ مَنْ قدْ طَواها المَدى
فـيا فـجـعـةً لـفـؤادي الطّـعيـن
لقد كُنتِ لي سَعْدَ هذا الوُجودِ
ويـا سَعْــدَنا بـصلاحِ البَـنـيـن
هُمُ الذُّخْرُ دَوْماً بهذي الـحَياةِ
وهـُم كنْـزُنا بامـتـدادِ السّنين
سلَكْنا سويّاً طَـريقَ الـحياةِ
وإنْ شابَها كَدَرٌ بعضُ حين
لـقـدكُنـْتُ نِعْمَ الرّفيقِ الوَفِيّ
وأنتِ كذاكَ الرّفـيقُ الأمـين
لكَ الحمْدُ يا ربِّ أنْ صِغْتَها
خـدينةَ ديـنٍ وعقْلٍ رصيـن
تٌسابِقُني في اصْطِناع الجَميل
وتـَغْبِطُـني في انْـثيالِ اليَميـن
فيا زخَّةً مِنْ سَحابٍ رهيفٍ
ويا نفحةَ مِنْ سنا المُتَقين
حــيـاتـي بــدونِـكِ حـَـرٌّ وقــرٌّ
وأنتِ على صِدْقٍ ذا تَشْهَدين
ويَـنْـفَضُّ سامِـرُنا موغِلاً
رَحيلاً إلى أكْرَمِ الأكْرَمين