الأخ الغالي الشاعر الأستاذ محمد الصالح شرفية الجزائري
أبكيتني .. أبكيتني والله يا أخي..
جدير أنت فعلاً وقولاً بأن يخصصك طلعت بزيارة .. بزيارة روح إلى روح..
حفظك الله وأدامك يا واحداً من أجمل الأدباء الذي عرفت قيماً أدبية صادقة
جدير أن تزورك روحه وتقول لك شكراً لأنك من أوفى وأخلص الناس .. أدباً وكمالاً وإيجابية ووفاء صادق..
أستحضرت طيفه أم زارتك روحه.. الاستحضار والإيحاء أظنه والله أعلم حضور الروح فعلياً..
بالأمس بقينا وقتاً طويلاً نتحدث عنه .. صديق عمره الأديب الباحث الأستاذ محمد توفيق الصواف وأنا..
في مثل هذه المناسبة بشكل خاص يشعر بفقده كما أشعر.. وأظنه سيسير في حوار معه قريباً .. سيخبر عن ماهيته أو يبدأ بنشره مباشرة..
لطلعت شفافية روح رائعة خبرتها كثيراً أثناء وجوده الفيزيائي وأشعر بها الآن أكثر وبشكل مذهل..
أخي الشاعر الأستاذ محمد الصالح
وكأني سمعت صوت طلعت.. تقول على لسانه:
(( ــ أنا بينكم..أنا لم أفارقكم..ولقد أتيتُ مرة من أجل عباءة جدّي..
أتيتُ وكانتْ عباءة جدّي
وكان الصباحُ..
ولحمي وجلدي
على صدر أرضي
وفي عمق أرضي
أسيل..أسيل إذا ما الشجرْ
وفي القلب منه
انهمار المطرْ..
وما بين ضلعي
يغيب المساءْ..
. ودليل وجودي بينكم..هدى ..وهذا الصرح ..النور..؟؟!!
ـ طلعتْ.. تركتَ فراغا رهيبا.. الفراغ الذي ردّده السياب قائلا:
هذا الفراغ أما تحسّ به يحدّق في وجوم؟!
هذا الفراغ أنا الفراغ فخفّ أنتَ لكي يدوم!!
ـ آه على السّياب !..أتمثّل هدى في قوله :
ليل ونافذة تُضاء تقول إنكِ تسهرين..
أني أحسك تهمسين..
في ذلك الصّمت المميتِ
ليل ونافذة تُضاء..
ويلوح ظلّكِ من بعيد وهو يومِئُ بالوداع
وأظلّ وحدي في الطريق..
ـ وأسأله: هل اشتقتَ إلينا ؟
ـ قلتُ لك أنا لم أفارقكم لحظة واحدة ! ورغم ذلك أعترف بأنّني اشتقتُ إلى النور وآله الطيّبين..وقبل أن أسافر أقول لك..آلمني كثيرا غياب بعض الأحبّة..آلمني كثيرا ما تعانيه هدى..لذلك أوصيكم بهدى خيرا.. وبالنور خيرا..وببعضكم خيرا..))
البديع هنا يا أخي جديد ما اكتشفته عنك.. لا يمكن أن يشعر بهذا إلا من يعرف طلعت ملياً ويحفظ مفرداته .. شعرت برعشة عند بعض الكلمات :
قلتُ لك أنا لم أفارقكم لحظة واحدة !
قلت لك - يقولها - بهذه الصورة تماماً..
آلمني كثيرا ما تعانيه هدى - كان يؤلمه حيناً أسلوبي في الحياة ويغضبه أحياناً - مع أنه يعطي كل نفسه وروحه - كنت أضحك وأدعوه أن ينصح نفسه.. وكان يضحك - كان يوصيني أن أتعلم محبة نفسي بقدر ما أحب غيري.. وأمنحها - وأدللها ولا أظلمها.. أوصيك يا هدى بهدى خيراً ..
كان يحب الجميع هنا فعلاً ويشتاق لهم ويفرح بكل إبداع..
الجميل هنا يا أخي أنك من هذه الطينة المعطاءة لهذا أجدت استحضاره واستحضار مفرداته وكأنها على لسانه أو بقلمه..
شكراً لك .. شكراً .. شكراً ..
جعلتني أذرف دمعاً ممتعاً وبين الكلام والاستحضار لمفردات طلعت وقصيدته: " عباءة جدي " عباءته .. مفرداته.. وصاياه.. سلاماته ومحبته للجميع..
شكراً .. شكراً..