قراءة لقصيدة نثرية للشاعرة هدى الخطيب
تهنئة ...... على إيقاع مختلف
هي الوردة المشرقة المزدانة بعبير الأيام ونور الوالد الحبيب........... الشمس التي تدفئ قلبي بأخبارها الجميلة دائما .. ..
أسلمي
طلعت سقيرق
دمشق في 24/1/2006
هي الأديبة الشاعرة ، على مسافة الوردة والشمس والعبير تقف شامخة بكلماتها الوردية ، وتضيئك فتشعر أنك تحتاجها لجمال قلبها وسريرتها الصافية ،ومن رجع الصدى وندائها ، يطل عليك نبض حرفها قائلا:
"يا حبيبي هل تسمع رجع الصدى؟؟!!..
إنه صوتي.. إنه صمتي.. نـدائــــــــي..
أذوب من الوجد و الحنين
من الخوف عليك من مجهولٍ يغتالني
من هذا الانقباض في صدري
فأحسّ بالعطش
أراك في أعماق نفسي.. في كلّ ما حولي..
أقترب لألمس وجهـك
فتدخل يدي في الفراغ
أخرج إلى الشرفة… أجلس تحت المطر..
أبكي.. و تبكي الطبيعة معي..
و تصبّ دموعها فوق جسدي..
أزداد عطشاً و أزداد خوفاً
أحسّ بالبرد.. بالقهر..
تعالَ حبيبي خذ بيدي..
أموت غرقاً..
أموت عطشاً
و يدي ما زالت تدخل في الفراغ
تحسّك أصابعها و لا تلمسـك
خائفةٌ عليك
و الخوف ريحٌ تكاد أن تقتلعني……….
03/06/06
ليحمل لك عبير وعطر مداد قلبها ، وتنهيدات جراحها ، نداءً يخاطبك -أنت أيها - المتلقي خطابا يعزف على أوتار مشاعرك فتتساقط عباراتها إلى الوجدان مباشرة بدون استئذان .
نداؤها ، نداء مختلف غير مكترث بالحدود ،ولا بالزمن ، ليس مقيدا بل محررا،ًنداء حقيقي (((ندائي)))وما تعنيه (ئي)))من ذاتية محضة ، ووعي للنداء وللمعنى اللصيق بالذات (( نـدائــــــــي-يغتالني-أبكي-معي-جسدي-بيدي-تقتلعني))).
نداءٌعميق ، ينطلق إلى روح الحبيب ، يخاطبه ، ليبوح بالوجد والخوف والحنين،، وفي جوهر هذا النداء تحضر صورة الخوف لترسم لوحة تنطق ألوانها العاتمة بالتساؤل المحكوم بالغيبي والمطلق .
ومن هنا تبدأنقطةُ القول الشعري ،وبين التعامل والانصهار مع هذا العالم الغيبي المجهول (((من الخوف عليك من مجهولٍ يغتالني))).
تولد لغة شاعرية تحمل دلالةَ المفارقة بين الملموس والمجرد (((فتدخل يدي في الفراغ، يدي ما زالت تدخل في الفراغ)))
تقول الشاعرة :
أموت غرقاً..
أموت عطشاً
ألمٌ ووجع ٌومعاناة ، على صعيد الذات ، إحساس مختلف ، وإبداع مختلف أيضاً ،
في البدء كان رجع الصدى ، ومع الصدى كان النداء الصارخ يحرك فضاء القصيدة بإيقاع جسدي صوتي ليتحول إلى كلمة شعرية نابضة ((إنه صوتي.. إنه صمتي.. ))
يأتي الصوت لينقل وجع الذات الشاعرة العاشقة التي لم تعد تطيق الصبر على هذا الفراق ، فالقلب ينادي والصمت مطبق ،مخيم على المكان، لكن إيقاع القصيدة أضفى حركة قوية بقوة إحساس النداء ، وبالعلاقة الوفية للمعنى والحبيب وللإيقاع .
(( الإيقاع - وحده - هو الذي يستطيع أن يحمل المشاعر والأفكار العميقة المتميزة )))-1-
لأنه إشارة طبيعية إلى عمق الانفعال ومتى تكلم المرء شعرا فكأن بذلك وحده يقول : إن ألمي وفرحي هو من القوة بحيث لايمكن أن أعبر عنه باللغة العادية ، وكأني بإيقاع الشعر ضربات القلب تسمعها الأذن وتنظم الصوت ، فإذا سمعها الآخرون أخذت قلوبهم تخفق هي الأخرى على هذا الإيقاع عينه )))-2-
والعلاقة بين المعنى والإيقاع واضحة جلية للعين والفؤاد ،
-(( إنه صوتي .. إنه صمتي )))جناس وإيقاع ومعنى .
-((أبكي ... تبكي الطبيعة معي ...)) ، فعل وحدث وتشارك ومع حدوث فعل البكاء تمَّ تجاوز حاجز الزمكان .
الفعل يعني الاستمرار والتوقع والإيقاع يجعل هذا التوقع قائما ممكنا.
تعالَ حبيبي خذ بيدي..
أموت غرقاً..
أموت عطشاً
تصوير لحالة انفعالية بفعل أمر (( خذ )) وسيطرة على الجملة بفعلها وفاعلها ((تعال حبيبي)) ،
أمر فيه رجاء واستعطاف للخروج إلى الحياة بعد يأس وظمأ .
وماذا أقول في تنكير كلمة ( صمت ) (صوت )و (نداء )(مجهول ) (و(ريح ) لم هذا التعميم دون التخصيص؟ ، ولم هذا الإطلاق دون التحديد ؟
أقول لابد من التنكير ، لأن الذات الشاعرة تنكر هذا الصمت تمقته ، ترفضه ،لذا تَوافَقَ التنكير مع محدد السياق النصي .فوقع لفائدة جمالية ، واستُعمِل بقصد، فكان أكثر ثراء في الدلالة والتعبير ،شأنه في ذلك شأن التعريف في عملية تشكيل نسيج لغوي متماسك ومتكامل للقصيدة، ولكن الملاحظ أن التنكير يحتل الحيز الأكبر في فضاء الكلمات ،وهذا كما أشرنا سالفا للتأكيد على المعاناة المستمرة التي لاتزول ولن تزول بفراق الحبيب ،
كما لجأت الشاعرة إلى التلوين الصوتي الذي يومئ بالدلالات الجمالية ، ويفجر أسرارها .
وهنا تحضر البنية الصوتية لكلمتي ( صوت ) (صمت) كلمتان تختلفان في المدلول الإيحائي ،ولكن تتفقتان في التنكير البلاغي الذي يوحي بمدلول علامات أخرى مشابهة صوتياً سواء من الناحية النحوية ،ومن ناحية التناسب الصوتي .
إذن التنكير يفيد المطلق والتعريف يقيد هذا المطلق
صوت #الصدى ، صمت #الخوف ، ندائي #الفراغ ، مجهول #القهر ،.......
تمازج بين المعنى والصوت بشكل محسوس ودقيق ، وهذا بفضل الإيقاع المنظم ، الموحد بين مشاعر الشاعرة ومشاعر المتلقي.
وتمازج بين البوح الشعري للذات الشاعرة وبوحها النثري في زفرات غريبة على جدار الصمت
من قسم : خدوش على زجاج العمر بتاريخ : 21-09-2012
هي مجرد زفرات لا تخرق حاجز الصمت
أشعر أني غريبة في عالم غريب، عشت ما عشت فيه لا ألفته ولا ألفني
أسير في درب طويل مظلم أزداد ارتعاشا وغربة كلما سرت فيه أكثر وطال بي المقام رهاب البشر يتنامى ويزداد بين جنبات نفسي ويزداد الليل سواداً ويتعاظم حجم غربتي.)))
والذي شدني كثيرا واستمتعت به وأنا في خضم هذه القراءة ، هذه المحاكاة الجميلة التي نادرا ما نجدها بين روحين لشاعرين يجمع بينهما الحب والمودةوالإخلاص ، في تراقص حيث تجاوب النداء الشعري مع النداء النثري للشاعر طلعت سقيرق :تركتُ البيت بعد أن شعرت بملل خانق.. في الشوارع سرت.. تمنيت أن يكون أحد الأشخاص إلى جانبي..كل واحد من الأصدقاء كان في مكان..أرسلت نداء هامسا أطلب فيه أن تأتي..وجدتها أمامي.. ذهبت.. أخذت يدها..ركضت معها في الشوارع..دخلت في الحارات الضيقة.. تبخر الملل..جلست البلابل عل درج و أخذت تعزف موسيقاها..وجهها ملأ الدنيا..أخرجت يدي من جيبي..رفعتها.. أردت أن ألامس شعرها الذي يشبه شلال الحرير..وقعت أصابعي في الهواء و سقطت دون سابق إنذار))
وعلى أساس هذه العلاقة الرائعة بين الشعر والنثر بين الفكر والجسد ، بثق نداء دفين، متفجر ، من جسد وفكر متكاملان، منسجمان يلتقيان في بحر الابداع ،فبرز الأمل رغم الخوف والألم هنا وهناك .
د. رجاء بنحيدا
1-[SIZE="3"]Combes. H: literature and criticism. Published in pelican books 1963p:20
2- جويو : مسائل فلسفة الفن المعاصرة ترجمة الدكتور سامي الدروبي ، دار اليقظة العربية بيروت -ط2-سنة 1965ص168
[/SIZE.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|