رد: بين يدي الآيات // عمرو بن أم مكتوم
وجاء ذلك اليوم الذي توكأ فيه الأعمى عصاه, وقت الظهيرة يجر خطاه, وقصد المصطفى (ص) فقال :" السلام عليك يا رسول الله , علمني مما علمك الله , أنت قلت إن من تعلم القرآن وعلمه فهو خير الناس, وهو خير أصحابك, وإني لأحسبني من أصحابك...أين رسول الله؟؟ لماذا لا يرد ؟؟ لماذا لا يقول للأعمى نعم أنت من أصحابي , وأنت من خير الناس ؟ .. رسول الله يكلم عتبة , ويكلم شيبة وأبا جهل . رسول الله في أمر جسيم , إنه (ص) يراود أبا جهل وشيبة وعتبة , عساهم أن يكفوا أذاهم عن أصحابه من المسلمين . يمكن للأعمى أن ينتظر قليلا , فلا ضير في ذلك , وهاهو مايزال متبسما في شوق إلى رد النبي الكريم , عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم . السلام عليك يارسول الله , علمني مما علمك الله , قالها ثانية فلم يلق ردا يفيض , ولا جوابا يغيظ , قطع بها حبل الكلام بين كبار قريش وبين المصطفى الحبيب , فتلقاها (ص) في غير ترحيب . أثقل بها على رسول الله (ص) فعبس , ولو أنه درى بباطن الحال ما نطق ولا نبس .. ويعود الأعمى على أعقابه , يجر اللوم في ركابه,, أتراني أغضبت رسول الله ؟ أتراني لست من خير الناس عند الله ؟ . لا أيها الأعمى , بل أنت من غضب لك الله . أيها الأعمى , أنت من اهتزت لك السماوات والأرض , يوم أن عبس في وجهك محمد ولو لم تره, أنت الذي تكلم الله في علاه, والملائكة ساجدون إلى الأذقان, فقال في حقك الملك الديان:" عبس وتولى أن جاءه الأعمى, وما يدريك لعله يزكى , او يذكر فتنفعه الذكرى , أما من استغنى فأنت له تصدى , وما عليك ألا يزكى , وأما من جاءك يسعى وهو يخشى , فأنت عنه تلهى كلا , إنها تذكرة , فمن شاء ذكره , في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة , بأيدي سفرة كرام بررة " (عبس 01) . أيها الأعمى , أيها الأشعث الأغبر المخلف بالأبواب, هذا رسول الله (ص) خير البرية وسيد البشرية , يأتيه جبريل عليه السلام بست عشرة آية كلها عتاب من رب العالمين القاهر الوهاب, تنزل على سيد الأولين والآخرين , وتشهد لك أنك من خيرة عباد الله الصالحين . نعم ايها الأعمى , ما رآك أحد كما رآك الله , وأنت خارج من بيتك تريد أن تتقرب إلى الله , سعيت وما مشيت أيها الأعمى :" وأما من جاءك يسعى " وخشيت إذ سعيت أيها الأعمى :" وأما من جاءك يسعى وهو يخشى " , فحق على الله عز وجل أن يرفعك إلى مقامات الخاشعين , وأن يجعلك في دنياك من المبشرين , وهاهو رسول الله (ص) سيد الناس أجمعين , غدا يحفل بك ويكرمك في كل وقت وحين , فإذا هللت عليه قال لك (ص) :" مرحى , مرحى بالذي عاتبني ربي من أجله " .
للحديث بقية
|