رد: الاعتداءات على غزة ومجرياتها والصمت المريب في خضّم جحيم الوطن العربي
استأذنك سيدتي وأساهم بالقول إن حماس تكون كبيرة حينما تكون لفلسطين كحركة مقاومة ، وتصغر عندما تحشر نفسها في اطار حزب سياسي له من يؤيده وله من يعارضه واسمحي لي بالقول إن حماس الآن تخرج من ذاك الاطار الضيق الذي أفقدها الكثير من شعبيتها حينما وضعت نفسها في خط سير الإخوان وسوف تشهد على ذلك قادمات الأيام .
أنا أوافق معك على أن هناك "توافق غربي - عربي - إسرائيلي ولكن لتصفية القضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية ككل سيدتي أما التنظيمات فهي في الأزمات تقوى وتتسع شعبيتها مهما كانت نتائج الحرب ولا دلالة أكثر من دلالة حزب الله في لبنان .. فالعدو دمر الجنوب والضاحية مع ذلك صار الحزب أقوى بغض النظر عمن يعارض سياسته .
وبصراحة وبصراحة مطلقة إن ما ورد سيدتي وعذرا فهو لا يفهم ولا يندرج إلا في ما نفيته بأنه ليس كلاما طائفيا .. ولا اتهمك سيدتي إنما أي قارئ لا يمكن إلا وأن يضعه في خانة ما يُشاع وما يُقال .. وإني أرى المسألة بخلاف ما ترينها سيدتي لأسباب موضوعية وتاريخية .. جميعنا يعرف من أيقظ هذا " الإسلام السياسي " أو بمعنى اصح الأحزاب أو الحركات التي ترفع راية الإسلام منذ أربعين عاما نعرف سيدتي من مول ومن سلح ومن حشد وأي إعلام ساهم في تأجيج هذا التوجه الذي بدأ بعد احتلال أفغانستان من قبل " الاتحاد السوفييتي " في أواخر السبعينات ، ونعرف كيف تطورت الأمور وكيف خدمت هذه الحركات مخططات أمريكا وحليفتها إسرائيل .. والذي أريد قوله هو انه ومن الطبيعي أن يموت العدد الأكبر ممن انضوا إلى تلك الحركات من لون طائفي واحد (لنعتبرهم ثوار ) .. من الطبيعي ألا يموت عدد من السيخ أو البوذيين أو الصابئة مثلا وهم لا ينتمون إلى تلك الحركات ، أما الأمر يُصبح مشكلة لو اعتبرنا أن هؤلاء يمثلون الإسلام وأن الغرب متوافق مع العرب وإسرائيل على ضرب هذا الإسلام ..! فالمشكلة سيدتي هي ناتج سؤال : من هم المسلمون إذن ؟
ودعوني أسأل سؤالا ثانيا وثالثا :
هل يدير الغرب سياسته على أساس الدين ؟!
وما هو النموذج الإسلامي " المخيف " لهذا الغرب ثقافيا حضاريا ومعرفيا حتى يدير معه الصراع على أساس الدين ؟!
نحن سيدتي من يعترف بأننا أمة متخلفة ولن أزيد .
أعتقد أن الغرب يدير صراعاته على أساس المصالح فهو كمثال يقف ضد لبنان العلماني ويقف حاميا لمصالح دول الخليج المسلم عموما فكيف نفسر ذلك ؟
في ستينات وسبعينات القرن الماضي معظم الذي كانوا يُقتلون ممن اعتبرناهم في ذلك الزمن " ثوار " كانوا بمعظمهم من الشيوعيين واليسار عموما ولم يُقتل " إسلامي واحد " .. في يوغسلافيا تحالف الغرب المسيحي مع " الإسلامي " ودمروا دولة كبرى!
هي المصالح ولا غير سيدتي ولا أميل مطلقا إلى اعتبار أن طائفة بعينها مقصودة فهذا ما يراد له أن يُشاع وهو لا يُشاع بقوة إلا في لبنان ولأسباب سياسية صارت مكشوفة لأن الذي أقنع - مثلا - فقراء طرابلس بهذه المقولة وسلحهم وحماهم لزمن عاد وتخلى عنهم ولا أظنك غائبة عن تصريحات هؤلاء المساكين .. اعذريني سيدتي ما كنت سأسهب في هذا الجانب لولا احساسي بخطورته فحين يقال كلمة " سني " يتبادر إلى الذهن كلمة شيعي ! فأنا أُجلك عن هذا المقصد .
أما بالنسبة لشعبنا الصامد في غزة سأقول جملة لعلي سأعود اليها يوما ما وهي :
إن غزة التي أعتقد البعض أن " أميرا قطريا" يديرها ، أظهرت للعالم
أن في وقت هدأتها كانت بركانا تغلي. ومن يعتقد أن الأمور- كما قيل - ستعود كما كانت فهو على خطأ فادح !
.. وقد تبين أن غزة في وقت هدأتها كانت بركانا تغلي ونفضت عنها اليوم كل لبس وتكتب بدم أبناءها كما
في السابق النصر الأكيد و أنها راية مرفوعة وهي رأس المقاومة وقلب المقاومة وهي بالتأكيد ليست وحيدة
ولا مقطوعة ولا مُتخلى عنها .. وما تفعله غزة العِزة اليوم يقول لنا ان معركة فلسطين ليس ببعيدة .. وأن العدو الذي يتشدق يدفع
الآن الثمن وسوف ترون بأنه سيدفع أكثر واكثر مما تتخيلون .. لقد بدأ العدّ العكسي تماما .
المقاومة بخير. والمقاومين متلهفين للقتال . ومعنوياتهم وصلت حد ممارستهم للحرب النفسية ضد العدو،
والمقاومين متحدين كما لم يتحدوا من قبل. ومن لا يعجبه الأمر نزيده قولا على قول بأن الحلف المقاومة من غزة مرورا بلبنان
ودمشق وبغداد حتى طهران سيكتشف أن هذا الحلف أقوى مما كان يتوقع ، وأصلب من أن تكسره خفافيش
الظلام خفافيش بني صهيون المتلحفين بشعارات ومذاهب .
وغزة منتصرة وسترفع جباهنا عاليا ..ف الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى
الذين يموتون هم أفراد والذين يجرحون أيضا افراد ومن قال انهم ميتون ورب العباد قال بأنهم عنده أحياء
لكن الشعب الواسع باق باق وأشهد بالله أن نسوة غزة الآن وفي هذه اللحظة التي اتكتب فيها هذا السطر هناك
مئات الأطفال الذين تولدهم نساءنا فماذا سيفعل هذا العدو .. ؟
والبيوت التي تهدم هي بيوت سترتفع مجددا أجمل مما كانت وأعلى مما كانت بأهلها وناسها ونسوتها الولادة
لجيل مقاوم يحسب له كيان العدو الف حساب .. ولن
التحية لك ولكل المقاومين
|