رد: بين يدي الآيات // عمرو بن أم مكتوم
صبرت فنلت يا ابن أم مكتوم, " وما يلقاها إلا الذين صبروا, وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " (فصلت 35), سمع غيرك بآذانهم وأبصروا بأعينهم , وسمعت أنت بقلبك وأبصرت ببصيرتك, فلم تك من القاعدين . وحين جاء أمر الله عز وجل لعباده المؤمنين أن هاجروا بدينكم , نبا الخبر إلى مسمع الأعمى , فذهب مستقصيا لدى رسول الله (ص) . وإذا الآيات تخلخل كيانه , وتهز أركانه , وإذا رب العزة ينزل على نبيه الكريم :" ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين " (فصلت 33)... أذن لرسول الله (ص) بالهجرة , فأرسل (ص) مصعب بن عمير , داعية في المدينة , ومحدثا بدين الإسلام , ومعلما للناس محكم الآيات من القرآن . يا له من فضل جسيم , ويا له من فوز عظيم , يسافر المسلم فيترك أهله وداره, ويسعى داعيا إلى الله ابتغاء أن يكون أحسن الناس عند رب الناس, فكيف بمن أكرمه ربه بأن أنزل في شأنه آيات العتاب , ألا يكون أول من سمع دعوة الله , فلبى واستجاب؟؟ والله لا يقعد الأعمى عن هذه مهما كان , وليذهبن داعيا إلى دين الواحد الديان, لا يضيره في مسعاه أن يكون من العميان .
ويدخل الأعمى على رسول الله (ص) ويقول : يا رسول الله , إأذن لي أن أذهب مع مصعب بن عمير , أدعو إلى الله . نعم الطالب والمطلوب . وكيف يرفض رسول الله (ص) طلبا لعمر بن أم مكتوم, كيف لرسول الله (ص) ألا يستجيب لطلب رجل نذر نفسه للدعوة إلى دين الله الوثيق, لا يقعده عن مسعاه عماه , ولا يمنعه عنت ولا مشقة طريق . بل يأذن له (ص) , فإذا بالأعمى من فرحه يكاد يطير , وإذا به إلى يثرب يحث الخطو ويسير , يطوي السهول والجبال على الأقدام , في رحلة مدتها شهر بالتمام, ساعيا إلى رضا الله العليم العلام ,فكان مع صاحبه مصعب بن عمير , أول من طلع على أهل المدينة , يختلفان على الناس, ويعلمانهم القرآن , ويدعوان إلى سبيل الهداية والغفران .
للحديث بقية
|