03 / 08 / 2008, 19 : 09 PM
|
رقم المشاركة : [19]
|
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
|
رد: حدثيني يا أمي عن أعراس فلسطين
(21)
شهر رمضان
كان لرمضان جو مميز يتم تحضير المأكولات الخاصة به قبل أسابيع. ولم تكن تلك المأكولات نادرة ولكن حالة القلّة التي كان يعيشها الفلاح، كانت تجبره على طعام يومي لا يتجاوز الطبيخ المعتاد، المكوّن من البرغل والعدس كمادة أساسية في طبيخ أهل القرية. أما في رمضان فكانوا يحضرون بعض الطعام في البيت، فيجرشون العدس واالبرغل ليكون طازجاً، ويفتلون الشعيرية، ويحضرون من إنتاج البلد أيضاً الصبر والعنب والتين الأخضر واليابس، وكانوا يحضّرون الزلابية إذا كان الفصل في الشتاء وذلك لما تحتاجه من زيت لا يفرّطون فيه إلا في موسمه.
وكانوا يشترون قمر الدين والأرز، ونشير إلى انه لم يكن يخلو بيت من بقرة وحليب أو دجاج وبيض. وكان البعض يحضر القطايف الطازجة من عكا.
أما موعد السحور فكان توقيته يعتمد على النجوم، ولم يكن يعتمد على مسحّر للقرية، فكانوا يعرفون الوقت من النجم االذي كانوا يعتمدون عليه أيضاً في أسفارهم وصلاة الفجر وإخراج الطرش.
أما عند الغروب، فكان معظم أهل البلد يفطرون على أسطح المنازل إذا كان الجو صيفاً، لينظروا إلى غروب الشمس أولاً ويسهل عليهم سماع الأذان، وليتجنبوا الطقس الخانق والحرارة.
ويذكر أن أول هجوم لليهود عند احتلال ((شعب)) الأول كان في وقت الغروب وعند ساعة الإفطار في رمضان، حيث نزل إليها اليهود من ميعار المشرفة عليها، وأقاموا فيها ثلاثة أيام، قام اليهود بقتل بعض كبار السن الباقين في القرية، وكان ذلك بين 19-20 تموز 1948.
وتتذكر حنيفة الصالح (أم أكرم) ()وهي من مواليد عام 1936، في مقابلة معها في بيتها في مخيم برج الشمالي في صور – لبنان عام 2002، فتقول: كنا أطفالاً في أواخر الأعوام التي قضيناها في فلسطين، وكان بيتنا قريب من الجامع، وعند ساعة الغروب يكون الصيام قد فعل فعله بنا، وكان عنادنا يدفعنا لمقاومة الجوع، إلا أننا كنا نصعد إلى سطح المنزل ونراقب الشيخ في المكان الذي يؤذن فنه، سطح مقام سيدي أحمد العليمي الملاصق لسطح المسجد الذي كان على شكل قبة، كان يصعد قبل الأذان بأكثر من ساعة، ربما عند العصر، يتمشى على سطحه بانتظار غروب الشمس. ومن كثرة ما يمشي كنا نظنه يقصد إغاظتنا في هذا الأمر.
ما صيامنا، حين كنا أصغر من ذلك السن، فقد كان حتى أذان الظهر، وكنا نأخذ كوب الماء إلى مقام سيدي أحمد العليمي ونجلس عند الدرج الذي كان يصعد عبره المؤذن إلى السطح ليرفع الأذان، وما إن يرفع أذان الظهر حتى نشرب كوب الماء، وينتهي صيامنا عند هذا الوقت.
كان هذا الصيام بمثابة التدريب للأطفال الذين لا يستطيعون الصوم، وكان يسمى "صيام درجات الجامع".
وفي العشر الأواخر من رمضان، كانوا يوحّشون لوداع الشهر الكريم وينشدون فيها:
لا أوحش منك يا رمضان
لا أوحش الله منك يا شهر الصيام
لا أوحش الله منك يا شهر الرحمات
لا أوحش الله منك يا شهر البركات
وينتهي شهر رمضان، ويحين يوم عيد الفطر.
|
|
|
|