النفس وخلودها عند ابن سينا
أولاً طبيعة النفس:
إن الغاية التي يسعى ابن سينا ورائها عندما عدد البراهين على وجود النفس كانت ترمي إلى إثبات حقيقة مغايرتها للجسم وتميزها عنه كل التميز.
يقول ابن سينا:(( ليس وجود النفس في الجسم كوجود العرض في الموضوع فالنفس إذاً جوهر)) لأنها تستطيع توجد دون الجسم لكن الجسم لا يقوم إلا بها لأنها كمال له ومتى فارقته استولت عليه المغريات الخارجية وانحل.
إن أرسطو جعل النفس صورة للجسم وهي مبدأ وظائفه الحيوية كالتغذي والنمو والتوليد والحس والتخيل والتذكر والنزوع والإدراك ومعنى أنها صورة جسم الحي أنها توجد بوجوده وتفنى بفنائه ولا تفارق الجسم وإلا بطل أن يكون الكائن ذا نفس في حين أن ابن سينا يذهب إلى أن النفس جوهر قائم بذاته مستقل عن البدن مغاير له.
ومذهب ابن سينا في الإنسان (إثنيني) أي أن الإنسان مركب من جسد ونفس فكما أن للجسد تأثيراً في النفس كذلك للنفس تأثير في الجسد قال ابن سينا:((إنظر أنك إذا استشعرت جانب الله عز وجل وفكرت في جبروته كيف يقشعر جلدك ويقف شعرك ))
ثانياً:حدوث النفس وخلودها :
آ:حدوث النفس: إن النفس عند ابن سينا "حادثة" وهو يوافق في هذا الرأي أرسطو ويخالف أفلاطون الذي زعم أن النفس قديمة فالنفس عند ابن سينا حادثة وهي تحدث كلما حدث الجسد الصالح لها ويكون الجسد مملكتها وآلتها ويكون في هيئتها نزاع طبيعي إلى الإشتغال به واستعماله والإهتمام بأحواله.
ب: خلود النفس: أما خلود النفس الإنسانية فيثبته ابن سينا ويقول :((إذا كانت النفس تحدث بحدوث البدن الصالح لها فلا تفسد بفساده والنفس خالدة لإنها ذات روحانية غير مركبة وكونها صورة للجسد لا يعني أنها تفسد بفساد الجسد)) فالنفس جوهر بسيط لذلك فمن غير الممكن أن تشتمل على أمرين متناقضين هما الوجود والفناء ولما كان الوجود صفة ذاتية للنفس فمن غير الممكن عقلاًُ أن يكون الفناء صفة ذاتية لها إيضاً لما كانت بسيطة ولأصبحت مركبة .