ثالثاً: تقسيم قوى النفس:
النفس عند ابن سينا هي مبدأ الأفعال والحركات وإن هذه الأفعال إما أن تكون نباتية وإما أن تكون حيوانية وأما أن تكون إنسانية لذلك قسم ابن سينا قوى النفس هي :
-1- النفس النباتية: وهي تقوم بوظيفة النمو والتوالد والتغذية وهي موجودة في النبات والحيوان والإنسان.
-2- النفس الحيوانية : وهي ماتدرك الجزئيات وتتحرك بالإرداة وهي موجودة بالحيوان والإنسان.
-3- النفس الإنسانية : وهي النفس الناطقة التي تدرك الكليات وتمارس وظيفتها بالإختيار الفكري.
رابعاً دور النفس في عمليات الإدراك الحسي:
أما عن دور النفس في عملية الإدراك النفسي فأن الكلام ابن سينا يغلب عليه الطابع العلمي بعض الشيء وهو قريب بما قرره علم النفس الحديث لقد قرر أن النفس فيها قسم يدرك المؤثرات الحسية الخارجية وقسم آخر يدرك المؤثرات الداخلية في الجسم وهو يحدد لكل حاسة مكاناً معيناً إما في الدماغ أو في الجلد أو في بعض أعضاء الجسم الآخرى وبما أنه يفسر عملية الإدراك الحسي تفسيراً يكاد يكون عليماً فقد قرر أن القسم الأول من النفس يتلقى المحسوسات الجزئية المختلفة من العالم الخارجي لينقلها إلى النفس الداخلية الباطنة حيث تقوم هذه بعد ذلك بإدراك المعاني الخاصة بالمحسوسات وذلك بعد أن تجردها من حسيتها وتجعلها معاني كلية عامة. وفي المرحلة الأخيرة تقوم النفس بتخزين هذه المعاني الكلية في مؤخرة الدماغ وتحفظتها في خزانة يستعين بها الفرد وقت يشاء وكل عمليات الإدراك الحسي تلك تتم بنظر ابن سينا داخل الدماغ وفي أقسام محددة لكل منها..
وهكذا نجد أن علم النفس السينوي كما يطلق على مباحث ابن سينا في النفس صورة من صور شمول ابن سينا واسيتعابه في بحثه ودراسته فيؤاخي فيه بين الطب والفلسفة ويوفق بين افلاطون وارسطو ويجمع بين فلسفة الغرب وحكمة الشرق ..هذه لمحة موجزة عن هذه العبقرية النادرة المثال التي كان لها مكان متميزة لا في تاريخ الحضارة العربية والإسلامية فحسب بل في تاريخ الحضارة الإنسانية أيضاً ولا عجب أن يشيد المؤتمر العام لليونسكو بهذا المفكر الموسوعي الذي عالج جميع مناحي الثقافة المعروفة في عصره ويقر بالتأثير العظيم الذي تركه تراثه على التطور اللاحق للعلم في جميع بلاد العالم .