الموضوع
:
جعفر بن أبي طالبُ القرن الواحد والعشرين
عرض مشاركة واحدة
25 / 10 / 2014, 40 : 10 PM
رقم المشاركة : [
1
]
علاء زايد فارس
مهندس وأديب يكتب الشعر
بيانات موقعي
اصدار المنتدى
: فلسطين
جعفر بن أبي طالبُ القرن الواحد والعشرين
جعفر بن أبي طالب القرن الواحد والعشرين!
بقلم علاء زايد فارس
في ذلك الصباحِ الباكر البارد، كانت الأمطار تتساقط في كل مكان في أرجاء المدينة المنظمة المرتبة، كان القاضي يجلس في ذلك المكانِ الدافئ برفقةِ مترجمه يحضِّرُ لجلسةٍ عاجلة للاستماع إلى لاجئٍ عربي جديدْ انضم إلى قافلة المغامرين بحياتهم للوصول إلى السويد، ذلك البلد الذي أصبحت تشدُّ إليه الرحال من
ا
لمضطهدين في العالم الثالث وخاصةً العالم العربي الجريح!
طلب القاضي أن يسمحوا للاجئ بالولوجِ إلى قاعة المحكمة، وبدأ المترجم يحضر نفسه ليكون قنطرةَ اتصال فاعلة بين ذلك اللاجئ العربي والقاضي السويدي متذكراً أول جلسةٍ له قبل عشر سنواتْ، حيثُ كان يتمنى أن يكون المترجمُ في صفهِ إن خانتهُ الكلماتْ، حتى تمضي الإجراءاتُ سريعاً دون عقباتْ...
دخل اللاجئ القاعة مستغرباً، حيث أن هذه المحكمة تختلف عن المحاكم التي رآها في وطنه، كيف لا؟؟؟!
وهي قاعةٌ صغيرةٌ منظمة، لا فضيحةَ فيها أمام الملأ، لا صراخَ فيها، ولا يوجد فيها حرسٌ ولا قفصٌ معدني أو زجاجي ولا قيدَ في يديه ولا قدميهْ!
وبينما هو كذلك بدأت الجلسة بابتسامة من القاضي قائلاً له بلكنةٍعربيةٍ ركيكة:
- أهلاً وسهلاً بك في السويد.
- أهلاً بك سيدي!!
وهنا بدأ دور المترجم :
- هل عوملتَ معاملةً قاسية من أي أحدٍ هنا؟؟
- بتاتاً يا سيدي
- هل تناولت طعامك قبل أن تأتي؟؟
- نعم يا سيدي..
- هل أعجبك الطعام؟؟
- نعم لقد كان شهياً جداً ..
إذا تبدو الأمور على ما يرامْ، فلتبدأ الجلسة الرسمية..
وبدأ القاضي بسؤالٍ تقليدي:
-
عرفنا عن نفسكْ!
-
جعفرُ بن أبي طالب القرن الواحد والعشرين.
- هل جئت هنا يا جعفرْ بصفةٍ غير شرعية؟؟
! وكيف جئت؟؟!
-
نعمْ جمعت ما أملك من نقودْ، واستدنت مثلها، وخرجتُ في سفرٍ طويل، دفعت في الطرقات الكثير من الأموال كي أصل إلى هنا، تهربت من بلدٍ لبلدْ متخطياً أهوال السفر ومكائد الأمن العربي ونصب واحتيال القراصنة والمهربين العرب، وخاطرت في البحر 9 أيام كدت أموت فيها جوعاً وعطشاً، وجئتكم بجسدٍ منهك وأحلامٍ متعبة وجيوبٍ مفلسة حتى أطلب اللجوء
!
- لديك 22 بلد عربي أضاقت عليكَ كلها، لماذا جئت إلينا طالباً للجوء؟؟!
قال جعفر والمترجم يترجم كلامه تباعاً:
أيها القاضي !
كنا قوماً أهل إسلامٍ نعبد الله الواحد القهار ، ونأكل الحلال ، نتركُ الفواحش ، ونصل الأرحام ، ونحسنُ الجوار ، يساعد القوي منا الضعيف ، وكنا أغنياء نخرج الزكاة ولا نجد من يقبلها، فكنا على ذلك حتى أصبح لدينا زعماءَ منا، لا نعرفُ أنسابهم ونعرفُ كذبهم وخيانتهم للأمانة وسرقتهم وسوء أخلاقهم، فدعونا لعبادتهم من دون الله، وأغلقوا بل دمروا بيوت الله، نشروا الرشوةَ في ربوعنا، أمرونا بالكذبوخيانة الأمانة وقطع الأرحام
وسوء الجوار وارتكابِ الموبقات، وإراقة الدماء الزكية الطاهرة، داسوا على أهل العلم ورفعوا أشر الخلقِ إلى أعلى المناصب والمراتب، قلدوهم الأوسمة ومنحوهم أعلى الرواتب، أمرونا بقول الزور، وأصبحت مجتمعاتنا كالغابة المظلمة يأكل القوي منا الضعيفْ، وضاع الكيل والميزان
ُ بين الناس،
وأصبح القضاء سوطاً في يد الحكام، وأصبحت الواسطة والمحسوبية في كل مكانْ، تآمروا مع أعدائنا وحاصروا المحاصر،
ومنعوا عنه سبل الحياة،
فرفضنا هذه الحياة، فأرادوا أن يردونا عن نهجنا بكل السبل، فعذبونا وفتنونا عن الحق، ليردونا إلى ماهم فيه، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين الحق خرجنا إلى بلدك نطلبُ النجاة والعيشَ الكريم، واخترناها على من سواها، ورغبنا في جوارك ، ورجونا أن لا نظلم عندكم أيها القاضي.
- بكى المترجم وبكى القاضي السويدي وقال كما قال النجاشي قبل أكثر من ألف عام:
اذهبْ فأنت آمنٌ في أرضنا، من أعطاكم الأمنَ غنمْ، ومن أذاكمْ غرمْ !
م. علاء زايد فارس
25/10/2014م
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع
علاء زايد فارس
عَلَى أَيِّ أَرْضٍ أَحُطُّ الرِّحَالَ،
فَإِنّيِ مَلَلْتُ السَّفَرْ؟!!
وَكُلُّ الْعَوَاصِمِ مَلَّتْ أَنِينِي ،
وَحُزْنِي وَطُولَ السَّهَرْ...
أَجُوبُ ..عَلَى كَاهِلِي وِزْرُ كُلِّ الْقُرُونِ،
وفِي مُقْلَتَيَّ دُمُوعُ الْبَشَرْ..
الأديب الجزائري الكبير: محمد الصالح الجزائري
علاء زايد فارس
مشاهدة ملفه الشخصي
زيارة موقع علاء زايد فارس المفضل
البحث عن كل مشاركات علاء زايد فارس