رد: ديكتاتورية العقل العربي وشركه المستفحل .. إني أتهم.. / هدى الخطيب
صديق لي منذ العام 1966 ، كان معلما في مدرسة ابتدائية في احد قرى جنوب لبنان وكان ينتمي إلى حزب وطني
شعاره الحرية والديمقراطية صار من أشد المناصرين للثورة الفلسطينية بل انه انخرط في صفوف المقاومة ردحا من الزمن وكان مقاوما في الحرب الأهلية اللبنانية وقاد بل جهز لأول عملية استشهادية قامت فيها عروس الجنوب " الشهيدة سناء محيدلي " بعد انتهاء الحرب وبعد اتفاق الطائف صار وزيرا يحسب له حساب . التقيته بعد تلك السنوات عدة مرات وحضرت معه مشاركا في ندوات كثيرة كانت تقام في بيوتنا مداورة وكان موضوع احدى الندوات عنوانه : الحرية والديكتاتوريات "
تحدث بعض الحاضرين وأجادوا في التنظير ومنهم من كاد يعلن نفسه " سسلوف " المرحلة تيمنا بالمنظّر الشيوعي الشهير ثم جاء دوري في الكلام فتململ بعض الحضور وتبسم البعض الآخر لأنهم يعرفونني لا أضرب إلا على الرأس فتوجهت للوزير الصديق ببعض الأسئلة منها : منذ كام سنة وانا أعرفك ، ولماذا هددت ابنتك ومنعتها من السفر لاستكمال دراستها العليا ، ولماذا ما زلت ترفع صوتك أمام أم ... أقصد زوجته إلى آخر هذه الأسئلة التي اعتقدها البعض انها أسئلة ساذجة ثم سألته أخيرا هل تغيرت بعد أن أصبحت وزيرا وهل ستتغير لو صرت رئيسا للبلاد فضحك وقال لا ! ثم أضفت : أنت في حزب علماني فهل تطبق العلمانية على بيتك ، بيئتك ، قريتك ، أو بلدك ؟! قال لا استطيع .. ! نظرت في وجوه المنظرين وقلت لا تأتوا إلى الندوات وأنتم في حال " إسهال " تنظيري أنتم تقودون مجتمع ملقح بمعظمه ضد الفكر وينتشر فيه السفلس الطائفي والمذهبي فعن أي حرية تتحدثون ..؟ أشرت إلى الوزير وقلت : هذا ديكتاتور في بيته وقريته وحزبه وديكتاتور في وظيفته !
اخوتي الأحباء إن المسألة تعود إلى أنماط حياتنا المتوارثة فشخص يدين شخص ويؤيد آخر لأن ميوله وأهواءه تلتقي مع أهواء ذاك الشخص .. انظروا إلى اطفالكم أو تذكروهم حين كان الأخ يخطف اللقمة من أخيه .. جميعنا نفعل .. نحن قوم لا نعرف معنى الحرية إلا انها حرية " جماعتنا " أنا أتفق مع أخي جاد الله في مضمون ما قاله حول الديمقراطية وإن أختلفت معه في الأسلوب الذي يعتبره هو انه أسلوب خال من المواربة .أتفق معه بأن الموضوع متشعب وأختلف معه في القول بأنه لا يستحق المناقشة وأعتقد انه كان من الأجدر القول بأن الموضوع متحيز ويتقصد جهة بعينها ..
أختلف مع الأخ جاد الله بأنه اكتشف " كم نحب مصر " أقول أيها العزيز إن مصر هي القلب النابض للعروبة حين توقفت عن ضخ هذا الفكر القومي صار العرب يتامى والمشكلة أيها العزيز أن معظم العرب لا يعرفون ما معنى الحب لأن معظمنا لا يمارسه بل أجزم إن البعض لا يؤمن به، أو نحب بشكل أعمى ، الذين يشتمون اليوم رموز مصر بالأمس احبوا مصر لأجل رموز آخرين وربما أحبوا نفس الرموز حتى لو بانت جميع موبقاتها .. عجيب !
سيدتي الفاضلة شكرا لك إثارة ما يحفز العقل على إظهار تناقضات متسترة حين خلعت ثوبها القومي بانت جميع عوراتها ..!
باختصار سيدتي الفاضلة ما زلنا نحمل عقلية قريش في بداوتها التي فرضتها على حضارتي مصر وسوريا باسم الإسلام وما زال العرض مستمرا.
|