[هدى نورالدين الخطيب]

[align=justify]
12-

في القلب دفتر ولا ممحاة

في القلب كما تعلمون ولا تعلمون دفترٌ أبيض الباطن، تمتدّ إليه أيدٌ كثيرةٌ، ترغبُ أن تطالَ الصفحة الأولى، لتخطّ حرفًا أو عبارة أو سيرة حياة وربّما قصّة حبّ أخرى.
في القلب دفترٌ ينتظرُ على أحرّ من الجمر انعتاقًا من حالة الصمتِ، يكتب ذاته عند الضرورة ولا حرج. يفتح ذراعيه لأقلام التلوين على اختلاف أطيافها وعقائدها، يملأ الفضاءات فرحًا وصخبًا، لا يملّ التطبيل والتزمير ودعوة القرّاء والكتّاب والعشّاق لارتداء ثوب الوصل واحتساء الشاي بالزعتر والمريميّة.
في القلب دفترٌ أنكر الممحاة وتأهب لحرب ضروس مع مروّجي مسح الكلام والذكرى تعبرُ كلّ ثانية حرمة الشرايين.
من ينكر استحقاق الألم؟ من يرغب بالمضيّ في سكينة الليل وحيدًا، ينام على الأريكة دون أذرع ترصد الحلم، تحتضن اللحظة المنفجرة في دفتر القلب المشرع صفحاته.
لا أخشى فيضك وغضبك واعترافاتك وخياناتك وحضورك وغيابك، لا أخشى ازدحام الكلام في فيك، وعينيكِ ملأى بذرف العتب ولا تعتذرين كأنّي رسمٌ دون رتوش دون إطار دون خطيئة وعنوان.
أخشى رحيلك وما زال دفتري مشبعًا برجع الحليب الأبيض ناصع البياض، نزق الهوى يتهادى في مرجل القلب، يرتجف خشية من حضرة الممحاة. لو تعرفين سيدتي، لو تعرفين، في القلب دفترٌ ولا ممحاة.
[/align]