أشكر الأخت الدكتورة رجاء لاهتمامها وحرصها ونشاطها ,
وتحية إليك أديبتنا هدى الخطيب على المبادرة الطيبة , وعلى اختيارك لتحفة فنية شاملة بكامل صورها وألوانها , وبكامل روعتها وجمالها , لغة وبياناً وتشبيهاً وإيقاعاً , بجرسها الموسيقي العذب بقصيدة كاملة متكاملة على بحرها الكامل , البحر الراقص الذي ينتظر دائماً ضرباً بالدفوف ولمساً ناعماًً على الأوتار , بنغمات قصيدة ( قميص الروح ) قلّ أن تشابهها قصيدة بجودتها , لشاعر فذّ شامخ بأدبه وإنسانيته ونضاله ووطنيته . كيف لا , وهو ابن النكبة الفلسطينية التي أدمت قلوبنا وأوجعت كلاكلنا , وأدمعت عيوننا , وشردت أطفالنا . طوبا لك يا شاعرنا المغفور لك بإذن الله ــ طلعت سقيرق, لقد أبدعت حقاً بقصيدتك الرائعة , التي انسابت بإيقاعها كالنهر الثائر , واسترسلت بموسيقاها بأعذب نغم وأسلس كلمات , وتجولت بنا بين المرايا والزمان , وبين الآلام والإيمان بقضاء الله وقدره , فأنت عرفت بحق الموت , وأنت هيأت نفسك للقاء ربك , فأنت المؤمن , وأنت الصديق الوفي لكل طفل عربي وكل شهم غيور وطني , فجنات النعيم لك يا شاعرنا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لقد قرأت القصيدة بإيقاع الكامل العذب , فلم يتلعثم لساني بأي مفردة ثقيلة , ولم يستعمل الشاعر أي زحاف أو علة تعرقل الإيقاع , أو تثقل اللسان , فكانت قصيدة على تفعيلتين فقط , ( متفاعلن بتحريك التاء ) و ( متفاعلن , المضمرة) بتسكين التاء , ولم يستعمل من العلل إلا علة واحدة وهي ( المضمرة المقطوعة , في الكلمة ( مرايا الشوقْ ) وبالرغم من جوازها إيقاعياً لكنني تمنيت لو ربط هذه الكلمة إيقاعياً بما يليها , ليتخلص من التقاء الساكنين والتوقف عندها , لتلحق الكلمة هذه بكل القصيدة بسلاسة الإيقاع الذي انساب بنسيج مترابط , ثم مررت على كلمة ( في ساحة الناي انطفأتُ ) وأظن أن هذه الكلمة قد نقلت بطريقة خاطئة , ولا أعتقد أن الشاعر قد خلط بين تفعيلة الوافر , وتفعيلة الكامل . رحم الله شاعرنا القدير , وأسكنه فسيح جناته .
لا شيءَ سوف يعيدُ تفاحَ الصباحِ إلى زمانٍ عابر ٍ
في سلّةِ الوقتِ انكسارٌ باردٌ وظلالُ أغنية ٍ
وعند العابرين إلى ضفاف الشوق ما يكفي
من الودعِ المعبـّأ بالحكايات القتيلة كم ظمئنا ثمّ عدنا
عابرينَ إلى يدين تلوّحانِ بغير أجنحة الفضاء وغير معنى
تسقطانِ على صهيل الخيل في ليل ٍ بهيم جارحٍ
نقتاتُ من خبز الوداع جراحنا ونلمّ في خيط الحكايةِ
ما يردّ وجوهنا لملامح التعبِ المقدّد في سراديب اليمام ِ
الهاربِ المقتول فوق بداية الحمى
اشتريتُ ثيابَ أيامي من العشاق إذ راحوا حيارى
و ابتدأتُ أضمُ للخرز الملوّن شارعا في ساحة النايِ
انطفأتُثم نهضتُ في كفـّي بقايا من شراع ساخنٍ
حقلُ الكلامِ يمرّ في سكك البحار الغافيات على يدي
أرتدّ مجنونا وأحكي للعصافير الصغيرة عن مرايا الشوق
هل أنتَ من حمل السريرَ المستبدّ إلى خيالي وانطوى
أم أنتَ من رسم الحدود الغافيات وهزّني
في عروةِ التفاح ثقبٌ عابرٌ
لي خمسُ آهاتٍ وقلبٌ مثخنٌ بالأمنيات ِ
نفضتُ عن جسدي قميص الروح من تعبٍ
أفقتُ على خرير الماء من زهر الزمان يمرّ بين أصابعي
لا تكتبي شيئا على لوح الرحيل فقامتي جسر العبور إلى دمي
سأنامُ حتى ساعة القلقِ الطويلِ وأفتحُ العينينِ من أرقٍ
يدي إنْ أقفلتْ كلّ الأصابع كي تشدّ على السرابِ
أعودُ مقتول الشروع بغسل أحلامي الصغيرةِ
كم تمنيتُ الرجوعَ إلى الطفولةِ يافعا ويردّني
صوتُ ارتطامي بالزجاج المستحيل على المرايا
أشتري منكمْ صلاتي فامنحوني ما تبقـّى من زمانٍ
وامنحوني كأسَ أحلامٍ تشظـّى في الظلامِ
عبرتُ نحوي كي أردّ قميص وقتي للزمانِ
فتهتُ في وجع النخيلِ ولمْ أنمْ إلا قليلا ..
طلعت سقيرق