[align=justify]
غنيت مكة أهلها الصيد و العيد يملؤ أضلعي عيدا
فرحوا فلألأ تحت كل سما بيت على بيت الهدى زيدا
وعلى اسم رب العالمين علا بنيانه كالشهب ممدودا
يا قارئ لقرآن صل له، أهلي هناك وطيب البيدا
من راكع ويداه آنستا، أن ليس يبقى الباب موصودا
أنا أينما صلى الأنام رأت عيني السماء تفتحت جودا
لو رملة هتفت بمبدعها شجوا لكنت لشجوها عودا
ضج الحجيج هناك فاشتبكي بفمي هنا يغر تغريدا
و أعز رب الناس كلهم بيضا فلا فرقت أو سودا
لا قفرة إلا و تخصبها إلا و يعطي العطر لاعودا
الأرض ربي وردة وعدت بك أنت تقطف فإروي موعودا
و جمال وجهك لا يزال رجا ليرجى و كل سواه مردودا
يقول عن مولده:
وُلِدْتُ، سَرِيري ِضفَّة النّهْرِ، فالنَّهْرُ = تآخَى وعُمرْي مِثْلَما الوَرْدُ والشَّهْرُ
إشكالية أن نتحدث عن سعيد عقل بكل جنونه وعذوبة شعره ونرجسيته اللبنانية الغريبة!!
إشكالية أن نفتح نافذة على سعيد عقل الشاعر الذي أذهلتنا عذوبة شعره ، المسيحي الذي عشق الثقافة الإسلامية وكتب عن الإسلام والحج أجمل وأروع من أي مسلم..
الذي كتب عن مكة وفلسطين والقدس ودمشق كما لم يكتب سواه.. وكأنه رسام رسم بالكلمات ولوّن بالقافية على قماش الجمال أبدع الصور وأصدقها..
هل نمدحه أم نهجوه ، وهل ننصفه إذا مارسنا بحقه الهجاء بعدما ترك لنا من كنوز الشعر كل تلك الدرر ، وكيف لا نهجوه وقد سقط في بؤرة السواد فعادى الفلسطيني وصادق الإسرائيلي؟؟!!
هل خان وقد مارس الخيانة كلاماً وأطلق الرصاص من فوهة قلمه فأصاب نفسه وتاريخه بمقتل؟؟!..
نزق الشعراء ومزاجية المبدعين وجنون الفلاسفة وجموح شياطين الشعر !!
إنه سعيد عقل
الشاعر العبقري لم ينته اليوم ، بل منذ دخل في جحيم الكراهية أسدل الستار بنفسه على مبدع عبقري نادر مع بدايات الحرب الأهلية اللبنانية ، منذ أن قال وسط جنون الحرب الأهلية: ((على كل لبناني أن يقتل فلسطينياً))
هل كان يقصد ويعني كل مواقفه وانتقاله من النقيض إلى النقيض أم هو جنون العباقرة حين تغذيه نيران الحروب فيحيط به السواد ويفقد حتى نفسه ؟؟!
الشعور بالضعف والخيبة حين يشوه النفس فتختلط المفاهيم وتولد شوفينية مريضة !!..
حين يتحدث عن لبننة العالم ويعتبر العامية اللبنانية لغة يضع لها حروفاً لاتينية خاصة ويكتب منذ ذلك التاريخ بها
سعيد عقل بكل إبداعه وصوره الشعرية وأروع لوحاتها...
أروع لوحة شعرية تعبيرية لسعيد عقل.. كانت عمتي .. وكان طلعت.. يضحكان بسعادة.. أحدهما أو كلاهما كلما رددت لهما وما أكثر ما كنت أرددها لهما وكأنها التحية الخاصة بهما فقط عند بداية كل حديث، لما كنت أشعر به نحوهما ونحو المكان الذي ينهمر منه نور وجودهما المحبب على حياتي : (( وعليكِ عَينِي يا دِمَشـقُ، فمِنكِ ينهَمِرُ الصّبَاحُ ))
(( ياشَـامُ عَادَ الصّـيفُ ))
يا شَـامُ عَادَ الصّـيفُ متّئِدَاً وَعَادَ بِيَ الجَنَاحُ
صَـرَخَ الحَنينُ إليكِ بِي: أقلِعْ، وَنَادَتْني الرّياحُ
أصـواتُ أصحابي وعَينَاها وَوَعـدُ غَـدٌ يُتَاحُ
كلُّ الذينَ أحبِّهُـمْ نَهَبُـوا رُقَادِيَ وَ اسـتَرَاحوا
فأنا هُنَا جُرحُ الهَوَى، وَهُنَاكَ في وَطَني جراحُ
وعليكِ عَينِي يا دِمَشـقُ، فمِنكِ ينهَمِرُ الصّبَاحُ
يا حُـبُّ تَمْنَعُني وتَسـألُني متى الزمَنُ المُباحُ
وأنا إليكَ الدربُ والطيـرُ المُشَـرَّدُ والأقَـاحُ
في الشَّامِ أنتَ هَوَىً وفي بَيْرُوتَ أغنيةٌ و رَاحُ
أهـلي وأهلُكَ وَالحَضَارَةُ وَحَّـدَتْنا وَالسَّـمَاحُ
وَصُمُودُنَا وَقَوَافِلُ الأبطَالِ، مَنْ ضَحّوا وَرَاحوا
يا شَـامُ، يا بَوّابَةَ التّارِيخِ، تَحرُسُـكِ الرِّمَاحُ
***
ولد سعيد عقل عام 1912 في مدينة زحلة البقاعية. وكان عقل يعتزم التخصّص في الهندسة، إلا أنه وهو في الـ15 من عمره خسر والده خسارة مالية كبيرة، فاضطر الفتى للانصراف عن المدرسة ليتحمل مسؤولية ضخمة، فمارس الصحافة والتعليم في زحلة.
واستقر عقل في بيروت منذ مطلع الثلاثينيات، وكتب بجرأة وصراحة في جرائد "البرق" و"المعرض" و"لسان الحال" و"الجريدة" وفي مجلة "الصيّاد".
كما درّس في مدرسة الآداب العليا، وفي مدرسة الآداب التابعة للأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة، وفي الجامعة اللبنانية. ودرّس عقل أيضاً مادة تاريخ الفكر اللبناني، وألقى دروساً لاهوتية بعد تعمقه في اللاهوت المسيحي حتى أصبح فيه مرجعاً.
يذكر أن عقل درس أيضاً تاريخ الإسلام وفقهه. كما كتب شعر أغنية "غنيت مكة" التي غنتها السيدة فيروز. كما غنت فيروز عدة أغاني من شعر سعيد عقلها، أهمها: "زهرة المدائن" و"يارا" و"بحبك ما بعرف" و"أمي يا ملاكي".
ولسعيد عقل الكثير من المؤلفات الأدبية والشعرية، ترجم بعضها إلى الفرنسية والإنجليزية. وكان شعر سعيد عقل مفعما بالرمزية، وكانت قصائده خالية من التفجع، وكان شعره يتسم بالفرح ويخلو من البكاء.
وهو قال يوما: "في شعري شيء من الرمزية، لكن شعري أكبر من ذلك، يضم كل أنواع الشعر في العالم، هؤلاء الذين يصدقون أنهم رواد مدرسة من المدارس ليسوا شعراء كبارا، الشعراء الكبار هم الذين يجعلون كل أنواع الشعر تصفق لهم".
وكان شاعرا يؤمن بسلطان العقل، وهو وصل بالقصيدة العمودية الكلاسيكية إلى أعلى المراتب. غنى بالوطن، وتغنى بالمرأة بنبل وبعذوبة، ولم يكن غزله مبتذلا.
كان من أنصار ما كان يسمى بـ "القومية اللبنانية" أبان الحرب الأهلية، ودافع بقوة عن "الخاصية اللبنانية"، وكان يدعو إلى استخدام اللغة العامية اللبنانية، معتبرا أن المستقبل هو لهذه اللغة، وقد أثارت مواقفه هذه جدلا كبيرا.
وكانت لسعيد عقل مواقف سياسية مثيرة للجدل خلال الحرب اللبنانية، حيث كان ضد الوجود المسلح للفلسطينيين في لبنان، كما رحب في الصفحة الأولى لجريدته التي أصدرها باسم "لبنان"، بجيش العدو الإسرائيلي خلال اجتياحه للبنان عام 1982.
من دواوينه "قصائد من دفترها" و"رندلى" و"دلزى" و"أجمل منك؟ لا". وقد أصدر أيضا كتاب "لبنان إن حكى"، الذي يتطرق الى أمجاد لبنان بأسلوب قصصي، يتأرجح ما بين التاريخ والأسطورة.
وأنشأ عقل سنة 1962 جائزة شعرية من ماله، تمنح لأفضل صاحب أثر يزيد لبنان والعالم حباً وجمالاً.
رحل سعيد عقل اليوم .. رحل بشعره البديع وفلسفته العبقرية ، متمنية أن نفتح ملفه لنناقش سعيد عقل من مختلف المناحي
خيط بين العبقرية والجنون.. بين البشرية والإنسانية .. بين السلام والحرب.. بين الحب والكراهية.. فمن كان سعيد عقل برأيكم ومن الذي سيبقى وأيهما سنحتفظ به في مجلدات التاريخ؟
هو شاعر زهرة المدائن يا قدس
https://www.youtube.com/watch?v=tt8NlwzmOKg
لم تحرر القصائد يوماً بلداً محتلاً لكنها كانت تهيئ لمقاومة الاحتلال ، تساعد في تأجيج النار المقدسة في النفوس والاحتفاظ بالنبض حياً والالتفاف حول القضية والحياة والموت عشقاً في الوطن..
بانتظار مشاركتكم لرفد هذا الملف والعمل الجمعي لدراسة هذا الشاعر العبقري المثير للاستفزاز والجدل
هدى الخطيب [/align]