وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
شكرًا للأخ الغالي محمد الصالح الجزائري .. على المرور والتشجيع الإيجابي
شكرًا للأخ الغالي كذلك رشيد على مداخلته القيمة وسؤاله .. المحوري
عن أي ناقد نتحدث ؟ وهل نطلق كلمة نقد على أي تعليق يتضمن آراء تصب في صالح النص أو ضده ؟
سأقف أولا عند لفظ كلمة نقد و امتدادها اللغوي والدلالي في الزمان والمكان والإنسان ..
لأدرج قولا تاريخيا جامعا مؤطرا .. وهو لابن سلام الجمحي في - طبقات فحول الشعراء -
(( وللشعر صناعة وثقافة يعرفها أهل العلم ، كسائر أصناف العلوم والصناعات : منها ما تثقفه العين ، ومنها ما تثقفه الأذن ، ومنها ما تثقفه اليد ، ومنها ما يثقفه اللسان . من ذلك اللؤلؤ والياقوت ، لا تعرفه بصفة ولاوزن ، دون المعاينة ممن يبصره .ومن ذلك الجهبذة بالدينار والدرهم ، لا تعرف جودتهما بلون ولا مس ولا طراز ولا وسم ولا صفة ، ويعرفه الناقد عند المعاينة فيعرف بهرجها وزائفها وستوقها ))
لنجد كلمة نقد -من نون وقاف ودال
" تدل على إبراز الشيء وبروزه ... ... ومن الباب نقْد الدرهم ، وذلك أن يُكشف عن حاله أو جودته أو غير ذلك ... ودرهم نقْد : وازِنٌ جيد ، كأنه قد كُشف عن حاله فعُلم ... "(( ابن فارس في التأصيل ))
وتقول العرب " ما زال فلان ينقُد الشيء إذا لم يزل ينظر إليه "
**وهنا نجد إمعان النظر في المنظور.
ويقول ابن منظور في اللسان : " وفي حديث أبي الدرداء أنه قال : إن نقدت الناس نقدوك، وإن تركتهم تركوك ، معنى نقدْتهم أي عبتهم واغتبتهم "
**وهنا بمعنى ذكر العيوب والاغتياب أو نحوه
ويقول الزمخشري في الأساس : نقدته الحية لدغته
** وهنا بمعنى اللدغ وإلحاق الأذى بالمنقود
ونجد في القاموس المحيط : ناقده بمعنى ناقشه
وكم نحتاج إلى هذا المعنى ليحصل التفاعل البناء ونتفادى سوء الفهم وسوء التأويل
وتتلاشى الحدود الفاصلة بين الإبداع والنقد ، ولا ينحصر هذا الأخير في مجرد التحليل والتفسير بل أن يصبح جزءا من الأعمال الأدبية التي التي لا تكتمل صورتها إلا به ، ولا يحقق وجوده إلا بها..
فهو إذن من الناحية الفكرية إطار نظري للنظر والتأمل والتدبر المرتكز على التجريد والمثالية فهو تفكير ، من نوع خاص في الإبداع ، يحاول تحديد قوانينه ودلالاته ، دون حكم عليه.. أو تحكم فيه
وهو من الناحية العملية عمليات وإجراءات تنصب على مجال أو موضوع تعمل فيه قواعد وتجرب آليات تطبق تصورات.. وغير ذلك مما يتيحه هذا العلم بأمره وآلياته العلمية والموضوعية.
وبين كرسي الفكر وكرسي العمل والتطبيق نجد الناقد الأدبي لا هو في وضع الجالس و لا المستقر..!!.