07 / 01 / 2015, 39 : 06 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
محقق، مؤلف، أديب وقاص
|
عام الحزن
عُرف العام العاشر من البعثة عند المتأخرين بعام الحزن، ذلك أن هذا العام شهد وفاة أم المؤمنين خديجة وأبي طالب عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بين وفاتيهما أيام يسيرة. وذكروا أنه صلى الله عليه وسلم لشدة حزنه سمى هذا العام بعام الحزن.
وهذه التسمية لم تَردْ في شيء من الأحاديث الصحيحة، ولا في شيء من كتب السيرة وشروحها، إنما انفرد به أحمد بن محمد القسطلاني (ت: 923 هـ) في المواهب اللدنية بالمنح المحمدية 1 / 266 ط ، المكتب الإسلامي.
وصاعد: هو ابن عبيد البجلي، من إتباع التابعين، ليّن الحديث إذا لم يُتابع. وقول القسطلاني: (فيما ذكره صاعد) يُشعر أنه ذكره معلقاً دون إسناد، فيكون الحديث معضلاً، والخبر ضعيفاً لا يصح.
كما أنه بعيد أن يسمي الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه عام وفاة أبي طالب والسيدة خديجة بعام الحزن، لأنها مّرت على المسلمين الكثير من الشدائد، قبل الهجرة وما بعدها، كانت أقسى من وفاة أبي طالب والسيدة خديجة فما قال صلى الله عليه وسلم عنها إنها أيام شدائد أو نحو ذلك من النعوت: ففي حديث السيدة عائشة، وإسناده صحيح، أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة (والعقبة من مشاعر الحج في منى، تبعد عن مكة المكرمة بحدود 7 كم)، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كُلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب (فتح الباري، كتاب الخلق 6 / 312، شرح النووي 12 / 154 )، وقرن الثعالب: يبعد عن المسجد الحرام بمكة حوالي 7 كم، وهو اليوم القرن الذي يقابل ريع البابور شمال منى، وقد أزيل رأسه وسوي بالشارع الموازي لجسر الملك خالد على طرفه الغربي فصار أشبه بهضبة من الهضاب، ويسمونه (ربوة).
وفي خبر بعثه صلى الله عليه وسلم سبعين رجلاً من أصحابه يُسَمَّون بالقرّاء إلى أحياء من سُليم فقتلوهم، أوائل العام الرابع للهجرة، قالأنس بن مالك الأنصاري (ت: 91 هـ): فما رأيته وَجَد على أحدٍ ما وجد عليهم، بل كان من شدة حزنه عليهم أنه صلى الله عليه وسلم مكث شهرًا كاملاً يدعو على قاتليهم. قال أنس: دعا النبي صلى الله عليه وسلم على الذين قَتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحًا ( فتح الباري، كتاب المغازي 7 / 329 ).
وقد سبق هذه الحادثة بفترة قصيرة وقعة ماء الرجيع (وهو ماء لهذيل، قرب الهدأة بين مكة والطائف) استشهد فيها عشرة من الصحابة، منهم: خبيب بن عدي الأنصاري، وعاصم بن ثابت الأنصاري، وزيد بن الدثنة الأنصاري، ومرثد بن أبي مرثد الغنوي، وغيرهم. وكان المسلمون أصيبوا في شوال من العام الثالث للهجرة في غزوة أحد، باستشهاد سبعين رجلاً، منهم: حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومصعب بن عمير، وأنس بن النضر الأنصاري عم أنس بن مالك، وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر، واليمان والد حذيفة بن اليمان، وعبد الله بن جبير أمير الرماة؛ وشُجّ رأسه صلى الله عليه وسلم وكُسِرت رَباعيته ودمي وجهه الشريف (شرح النووي، كتاب الجهاد والسيرة 12 / 148 ).
كل تلك الحوادث وقعت في أقل من ستة أشهر، واستُشهد خلالها ما يقارب من مائة وخمسين صحابيًا رضي الله عنهم ولم يُنقل أنه صلى الله عليه وسلم على شدة حزنه سمّاه بأي اسم يدل على الحزن أو نحو ذلك من النعوت.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
|
|
|