الجزء الثاني
(( الكتابة جسر وتواصل بين الكلمة والكاتب ، تمنح الإبداع وتأخذ الحب ))،
فالكتابة عند الأديب طلعت سقيرق نشوة ومتعة واحتراق من حطب من نوع خاص ، ونار لا تشبه أي نار ..
وما أجمل كلماته عن الكتابة ووصفه لها ،ولحالة الكاتب المبدع العاشق للحرف وللكلمة ..
يقول الأديب طلعت سقيرق:
((الكاتب المتمتع بموهبة العطاء الاستثنائي كاتب عاشق بكل معنى الكلمة .. عاشق للحرف والكلمة والصورة والمبنى والصياغة متداخل حد الجنون بكل دفء الجمل التي تصاغ فتطلع مضيئة ذات وتيرة عالية لا تضاهى.. وكل كاتب لا يكون عاشقا لكلمته والحرف الذي يتعامل معه هو كاتب دخيل على الكتابة متسلق جدرانها دون وجه حق ..فحب الكلمة بل الوله والولع بها زاد كل كاتب يريد أن يبدع ويعلو بكلماته ويحلق في فضاء غير محدود..الحرف عند المبدع روح،نبض يعطي ويجزل العطاء لمن يحب ويعشق..وهو ذاته جاف صلد ثقيل مع من لا يعرف حبه وعشقه .. تشعر الكلمة أنّ المتعامل معها لا يعطيها حقها من الحبّ فتجفل وتفرّ من بين يديه مبقية ظلها لتكون على الورق كلمات دون روح ، دون دفء ، دون كيان .. وحين نقرأ نكتشف فورا أنّ هذا الكاتب مبدع ، وأنّ ذاك غير مبدع .. من تواؤم الحروف والمفردات أو تنافرها نعرف .. من نغمتها ووقعها وحال صهيلها نفهم .. ولا يحتاج ذلك للكثير .. فالنص الذي أمامك يعطيك مباشرة هوية الكاتب وصفاته وملامح تعامله مع الحرف والمفردة وروح اللغة-1
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=14239--1
لا يمكن أن تكون الكتابة وردة للزينة ، وفي النتيجة لا يمكن أن يكون الإبداع في مجموعه من أجل المتعة ليس إلا ، لأن المتعة وإن كانت هدفا من الأهداف المشروعة في الحياة ، لا تكفي لأن تؤسس جوابا شافيا نهائيا .. فأن نقول نحن نكتب أو نبدع لنمتع الناس ، نقف عند حد واحد متجاوزين الكثير من الحدود ..فالكتابة في جزء منها متعة للكاتب والقارئ معا..وقد رأت بعض المدارس الأدبية كفاية واكتفاء بهذا الدور ، فاشترطت المتعة في الإبداع ورأت أن هذا كاف لا داعي لتجاوزه أو الابتعاد عنه، فأن تمتع القارئ أو المتلقي فهذا غرض يؤدي دوره ويصل إلى ما يراد منه ، وحين نصل إلى هذا فقد أدينا المطلوب ولا حاجة للذهاب أكثر أو أبعد من ذلك .. لكن هل هذا كاف ٍ حقا ؟؟..
.....لذلك كانت الكتابة للمتعة لا شك ، لكن هذا وحده لا يكفي ، إذ على الصورة أن تمتد حتى تكون ضمن الإطار العريض للحياة والوجود وإنسانية الإنسان .. وإذا كنت قد وضعت في عنواني " الكتابة ليست وردة للزينة " فقد كنت أعني أنها أكبر من ذلك وأوسع وأشمل ، إذ قد يكون من وظائفها الزينة والمتعة وبعث السرور في النفس ، لكن هناك بالتأكيد ما هو مضاف لكل ذلك ..هذا المضاف له وظائفه الهامة في حياتنا وفي أذهاننا ومعيشتنا كلها .. فالكتابة ، كما الإبداع ، ما كانت ولن تكون مجانية الوجود لأن هذا لا معنى له بأي شكل من الأشكال ..2-
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=9130---2
ما أصعب أن تكتب ، وما أجمل أن تنظر بعد حين إلى كتابتك وقد طارت بجناحين من نور وعشق إلى كل مكان .. فالكتابة تشبه الاحتراق حيناً حتى آخر عرق ، والنشوة حيناً آخر حتى الذهول . وفي هذه وتلك ، لا تكون الكتابة بأي حال خارج فعل الكتابة بالدم والأعصاب ودقائق العمر .. فليس سهلاً أن تبدع عملاً يتناقله الناس ، ويصير بعد حين في كل مكان ، ويسجل بصمته وصوته ليكون في كل عروق الزمن القادم ..
طبعاً ، لا يعني هذا ، أن كل من يكتب يحترق ، وأن كل من يبدع يذوق ألم الاكتواء بهذه النار المقدسة . فهناك من يكتب خارج زمن الكتابة ، وهناك من يبدع خارج زمن الإبداع . عندها تكون الكتابة حالة آلية لا معنى لها ولا طعم ولا رائحة . تكون كتابة يمكن أن تتصف بكل شيء ، إلا أن تكون متميزة ، أو قادرة على الخلود . فالاستمرار يحتاج إلى حطب من نوع خاص ، ونار لا تشبه أي نار ..
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=12079---3
.. فالكتابة فعل جميل لكنه حارق، ولذيذ لكنه جارف. فكيف أقول بكلمات بسيطة إنني أكتب على هذا الشكل أو ذاك؟؟ وهل يحق لي أن أنهي المسألة عند حد من الحدود؟ لماذا لا أقول ببساطة إنني أكتب في حالة فرحي وحزني، شجاعتي وخوفي، دفئي وبردي.. ولماذا لا أضع أمام القارئ أو السائل هذه الحالة الغريبة التي تعصف بي أحياناً فأشعر بالبرد صيفاً، وبالدفء شتاء.. هل يبدو ذلك صعباً على الفهم؟؟..
في أحيان كثيرة، وفي نوعٍ من الثورة على كل شيء، كنتُ أتمنى أن أخلع كل فصول الحبر والورق من حياتي.. لا أحد يستطيع أن يعرف تماماً كيف تصبح الكتابة سيفاً يقطع الأصابع والأنفاس في وقت ما.. ثم ودون سابق إنذار تتحول الكلمات إلى وردة تأخذك فيسكرك شذاها حتى الذهول، عندها تتمنى أن تتمدد على بساط من كلمات، لتكون الكتابة طريقك الأوحد. وفي كل الأحوال يكون فعل الكتابة فعلاً يخرج عن أي قانون أو ميزان أو تعريف. إنه الفعل الأكثر جمالاً وفاعلية وحركة وغلياناً..
4---http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=15953
عندما أفكر بفعل الكتابة، كفعل حياتي ووجودي وفكري وتعبيري، أربطه مباشرة ودون وعي مني بالحب أو لنقل بفعل الحب.. ولست أعني هنا حباً خارجاً عن كينونة الكتابة أو صيرورتها، بل أعني بالتحديد أن تحب الكتابة، أي تجعل فعل الكتابة جزءاً من كيانك وتفكيرك وسر قلبك.. وليست كل كتابة ناتجة عن حب لها، أو توحد بها.. لكن مثل هذه الكتابة، أعني الصادرة عن نسق آلي ليس إلا، تكون في كل مساراتها، كتابة غير فاعلة وغير قادرة على الحياة. هي كتابة جامدة ميتة متهالكة ساقطة.. صحيح أنها تملأ الورق، لكنها لا تملأ هذا الورق إلا بالسواد!!.. وهي النقيض والمعاكس للكتابة النابضة بالحياة والحيوية، والناتجة عن حب للكتابة.. وقد يسأل أحدهم وكيف يميز الكاتب بين هذا وذاك، ثم كيف للقارئ أن يعرف؟؟..
...........من هنا كان حب الكتابة والاستغراق بهذا الحب دليلاً حياً وحيوياً على أنها تأخذ وتعطي في الوقت نفسه.. أنت تحب الكتابة وتشعر أنها تحبك كما تحبها.. وكلما أورقت فيك الكلمات، ازددت قرباً من حبها وازدادت قرباً من حبك.. والنتيجة المنطقية نص رائع مليء بالنبض والجمال والحياة والعلو.. إنها العلاقة الدافئة الرائعة الجميلة بكل معنى الكلمة..
http://www.nooreladab.com/vb/showthr...p?t=12003----5