ليس من السهل تعريف الأدب تعريفاً شاملاً , بسبب تعدد عناصره , وتداخل فنونه , وكثرة الآراء التي تدور حوله .
فإن كان الأدب هو التهذيب , وقد أخذ من التأديب , أو من التربية , فهل هذا التهذيب بلغته يشمل فصاحة الكلام ويشتمل على بلاغة القول , بالكلام الفصيح واللهجة على حد سواء ؟ ألم نجد الفصاحة والبلاغة والفائدة في كلام العامية ؟ وهل تدخل العامية في مدخل الأدب ؟
وإن كانت التربية , أولى بتعريف الأدب , فهل الكلام الخارج عن الأدب وخارج عن التهذيب نعتبرهما من الأدب ؟
وهل الغزل الإباحي الفاضح والكلام البذيء الموزون والممهور بالبلاغة والفصاحة , هل نعتبرهما من الأدب أيضاً ؟
لذلك فقد اختلط عليّ الأمر , وأصبح لديّ صعوبة قصوى في تعريف الأدب بشكله الشمولي الوعر , وبخاصة عندما أشاهد ألوان أدبية قديمة وحديثة مختلفة المنابت والأصول , قبل الإسلام باللهجات المتعددة , وبعد الإسلام بلغة قريش, وفي عصرنا الحالي باللهجات اللبنانية والعربية عامة , التي تخلط اللغة الفصيحة بالعامية .
وبما أن لكل شخص حرية التعبير عن رأيه فيما يتخيله أو يتصوره , فإنني أستطيع أن أعرف الأدب بأنه :
الكلام الجميل الهادف لصلاح المجتمع , وخيره , وسعادته , وتحذيره من الأضرار , سواء أكان هذا الكلام خيالياً , أو واقعياً صادقاً , ما دامت كتابته بلغة سليمة موزونة بالأدب النافع , بلفظ الفصاحة , ومنتهى البلاغة , به متعة للنفس , أو به إثارة المشاعر بحزن أو بفرح , أو ترح , بكلام يتمازج مع واقعنا الذي نعيش , فلكل أديب روضته الأدبية , وحديقته التي يتفنن ويبدع بزراعة أنواع الزهور التي يستخرج منها العطور لفائدة المجتمع .
وأما المتطفل على الأدب , فهو ليس بأديب , لأنه لو كان أديباً لما أحوجه ذلك للسرقة والادعاء الكاذب بالأدب . وما أكثر هؤلاء ,
والعيب هو عيب الناقد , الذي يتعاطف مع الآخرين , ويجاملهم فيزدادوا غروراً , ويظنون بأنفسهم بأنهم أدباء , وما هم كذلك , ويظنون بأنفسهم بأنهم شعراء وما هم كذلك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .