نعم أيها الحبيب الغالي زين العابدين
فمن القوم من طابوا بالله، وتوكلوا عليه، لا يرون للدنيا قدْراً في قلوبهم إن أقبلت،
ولا تنزعج لها هممهم إن أدبرت، دأبهم الرضا من الله وعن الله ،
فهو الرحمن الذي علم القرآن فغشى أنوار آياته بما تفقهه مداركنا وتغذيها وتحييها
بتعرفات الله العلي الكبير على عباده فمحبة العارفين انما نشأت من تعظيم واجلال قدر من يحبون
بما عدّد سبحانه وما أفاض على كافة الآنام من فنون نِعمه الدينية والدنيوية ، الأنفسية
والآفاقية، وأنكر عليهم إثر كل منها إخلالهم بموجب شكرها، وبدأ بتعليم القرآن ، لأنه
أعظمها شأناً، وأرفعها مكاناً، كيف لا وهو مدار السعادة الدينية والدنيوية وإسناد تعليم
القرآن إلى اسم ٱلرَّحْمَـٰن للإيذان بأنه من آثار الرحمة الواسعة وأحكامها
فالله الرحمن هو العطوف على العباد بالايجاد ثم بالهداية الى الايمان ثم أسباب السعادة والاسعاد بالآخرة ثم الانعام
فطوبى لمن كان توجه هممه وعزائمه إلى اللذات الأخرويّة واللطائف المعنوية الشريفة النافعة الكاملة
وما أجل لذة محبة الله تعالى ولذة العلم به وصلى الله على سيد الأولين والآخرين وآله الطيبين المكرمين