إحك يا شهرزاد 11
لذكرى حياة امرأة، تلك الصديقة الجميلة، صديقة بيتر وجون وإفيت، مذ كانت الغوريلا كرة الشحم، تضع العقد الماسي تحت المظلة من قطعة الخيط ...
ذكرى صديق المهمشين والفقراء، ذاك الذي رسم بقلمه المجنون وحرفه البديع الآسر وجع المعاناة ,,,
أخبرني خلي أنه ....
كان واقفا أمام باب العناية المركزة، حين دخلا لسماع إفادة المجني عليها حول ما تعرضت له من إيذاء جسدي بليغ، حسب البلاغ الوارد من أحوال المستشفى، والتقرير الطبي الذي يفيد أن المعنية في حالة حرجة، والمتوقع أن تعود إلى حالة فقدان الوعي من جديد..
وبسؤالها عن الواقعة:
رفضت المريضة الإدلاء بأية معلومات أو الإجابة عن أي سؤال، سوى كلمة واحدة كررتها عدة مرات
إبني ,,,, إبني ,,, إبني
ثم غابت عن الوعي من جديد، ظل واقفا بجوارها، لم يبرح مكانه، إلى أن أعلن الطبيب حالة الوفاة بسبب نزيف داخلي، تعذر على إثره إنقاذها رغم كل المجهودات التي بذلها أطباء مختصين...
لأجل ذلك صدرت أوامر صارمة بضبط الجاني وإحضاره..
وبمناسبة جلبه إلى المركز، فتح المحضر في ساعته وتاريخه، تحت إشراف الرائد.../ والمحقق.../
إسمك وسنك وهويتك؟
.....
ماعلاقتك بالمجني عليها..../
زوجتي
ماذا وقع بينكما؟
رفض الإجابة مكتفيا بالقول:
زوجتي والشرع يأمرني بتأديبها
أين وقع ذلك؟
في المنزل؟
رغم عدم إفصاحه عن الأسباب،إلا أنه أقر موقعا على اعترفاته بالتهم المنسوبة إليه...
كان حاضرا أثناء التحقيق، يستمع إلىه.. تستحضر ذاكرته حجم المعاناة التي عاشها في تلك اللحظة العصيبة... لن ينسى أبدا حين خرج يطلب المساعدة من الجيران لنقل والدته إلى المستشفى ... لن يبرح قط من ذاكرته استجداءه له بأن يكف عن إيذاءها ...لن ينسى ألبته محاولته الإمساك بيديه الصغيرتين يد الجلاد الغليظة عله يكف عن رطم رأسها والحائط,,,لم ولن ينسى الجرح البليغ الذي أحدتثه هذه الواقعة في خاطره ...
كان حاضرا حين مثول الجاني أمام القضاء، شاهدا على الحكم الصادر بشأنه مدى الحياة .. رافقه أثناء ترحيله مخفورا مقيدا بالأصفاد والأغلال إلى زنزانته ... كان متواجدا في كل التفاصيل ,, كان يرافقه في كل مكان يتم نقله إليه، يجلس قبالته، يتأمل ملامح وجهه المتجعد الصلب، يتفحص شعوره البارد المتجمد كالصخر الأصم ، ضمير غائب لم ينتبه أي إحساس بالأسى والندم....
حينها عاد إلى مكانه، في نزل لرعاية الأيتام،عندما كان الصبي منشغلا في رسم صورة لأمه والمنزل الكبير المفعم بالدفئ والأمان، صورة للحب الأبدي الراسخ بشتى الألوان، يكتب على الجدار قصة سرب من العصافير العابرة في السماء الزرقاء، إلى ضفتي الحياة والأحلام والجمال...
إلى أمل العودة أيها الطيف الصغير المتنقل بين سطور الألم والأمل....
ومازالت شهرزاد تنتظر الجواب,,,,