[align=justify]تحية نور أدبية طيبة وبعد..
إيماناً بأهمية الحوارات النقدية نبدأ هذا الحوار النقدي حول فن القصة القصيرة جداً والتي تختصر بهذا الشكل: " ق.ق.ج. " وعلى ضوء إطلاقنا لمسابقة تختص بها ولأن عدد غير قليل من الكتّاب أرسلوا لنما مساهمات للمشاركة في المسابقة تختص بالقصة القصيرة وليس القصيرة جداً، نجد من واجبنا فتح هذا الحوار النقدي للتعريف بها أكثر.
إذا كانت القصة القصيرة جداً انتشرت في الربع الأخير من القرن العشرين فإن الكاتب الأميركي ( آرنست همنجواي ) أول من أطلق مصطلح القصة القصيرة جداً عام 1925 حين كتب أقصوصته التي تألفت من ست كلمات فقط : " للبيع، حذاء لطفل، لم يُلبس، قط " وكان همنغواي يعتبرها أفضل ما كتب على الإطلاق..
ثم صدر كتاب " انفعالات " للفرنسية (ناتالي ساروت) عام 1938 والذي أثار جدلاً حول هذا الفن السردي الجديد ، دون أن تقصد لأنه لم يكن تبلور هذا الفن ، وسمي من قبل البعض " القصة الومضة " و " القصة الصدمة " ترجمه إلى العربية الباحث المصري ( فتحي العشري ) عام 1971 وتسميته بالقصص القصيرة جداً ، وكان قد أطلق القاص المصري ( يوسف الشاروني ) على بعض قصصه ما بين عام 1945 - 1969 تعبير: " قصص في دقائق "، أما القاص اللبناني ( توفيق يوسف عواد ) كان قد أصدر عام 1944 مجموعته القصصية: " العذارى " ضمت ق.ق.ج. لكنه أسماها " حكايات " .. ومجال البحث هنا طويل ومتشعب فقد يكون سبقه القاص العراقي السرياني ( نوئيل رسام ) عام 1933 إلخ...
نجمل التسميات بالتالي: القصة القصيرة جدا، لوحات قصصية، ومضات قصصية، مقطوعات قصيرة، مشاهد قصصية، الأقصوصة، فقرات قصصية، ملامح قصصية،خواطر قصصية، وقصص في دقائق، إيحاءات، اللوحة القصصية.
الجدير بالذكر هنا أديبنا وشاعرنا الغالي الموسوعي الأستاذ ( طلعت سقيرق ) رحمه الله ، يعتبر أحد أهم كتّاب القصة القصيرة جداً وللدارسين يمكنهم مراجعة بعضها هنا في نور الأدب إن في أوراقه أو في قسم القصة القصيرة جداً ، وسأدرج لاحقاً في هذا الملف ما كان كتبه عن هذا الفن.
إذا..
ما هي القصة القصيرة جداً وبماذا تختلف عن القصة القصيرة؟؟
يمتاز هذا الفن بقصر الحجم والإيحاء المكثف والنزعة القصصية الموجزة والمقصدية الرمزية المباشرة وغير المباشرة، بالإضافة لخاصية التلميح والاقتضاب والنفس الجملي القصير الموسوم بالحركية والتوتر وتأزم المواقف والأحداث، بالإضافة إلى سمات الحذف والاختزال والإضمار. كما يتميز هذا الخطاب الفني الجديد بالتصوير البلاغي الذي يتجاوز السرد المباشر إلى ماهو بياني ومجازي ضمن بلاغة الانزياح والخرق الجمالي.
هذا يعني أن من أهم مرتكزات القصة القصيرة جداً المساحة الصغيرة جداً في الإبداع والتي تقتضي التكثيف الذي يتطلب الاختصار والإيجاز فالكثافة والانزياح والترميز والتلميح والإشارة المقامية والابتعاد عن الحشو والزوائد ( الحلم ، اللغة ، القصر، الحكي..) بجمالية فكرية غنائية على نفس درامي ملازم ، ولا غنائية دون مداخل فلسفية وشعرية وتاريخية لإيجاد مزيج صقيل بحس رؤيوي وإلا سقط المبدع في متاهة ذاتية سطحية.
يتند هذا الفن إلى الخاصية القصصية التي تتجسد في المقومات السردية الأساسية كالأحداث والشخصيات والفضاء والمنظور السردي والبنية الزمنية وصيغ الأسلوب، ولكن هذه الركائز القصصية توظف بشكل موجز ومكثف بالإيحاء والانزياح والخرق والترميز والتلميح المقصدي المطمعم بالأسلبة والتهجين والسخرية وتنويع الأشكال السردية تجنيسا وتجريبا وتأصيلا.
بانتظار انضمامكم لهذا الحوار النقدي وسأضيف استطلاعاً أيضاً لمزيد من الفائدة
عميق تقديري للجميع[/align]
المراجع:
مجلة الجوبة ( عدد خاص رقم: 27 )