عرض مشاركة واحدة
قديم 20 / 08 / 2008, 32 : 12 AM   رقم المشاركة : [1]
نجاة دينار
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية نجاة دينار
 





نجاة دينار has a reputation beyond reputeنجاة دينار has a reputation beyond reputeنجاة دينار has a reputation beyond reputeنجاة دينار has a reputation beyond reputeنجاة دينار has a reputation beyond reputeنجاة دينار has a reputation beyond reputeنجاة دينار has a reputation beyond reputeنجاة دينار has a reputation beyond reputeنجاة دينار has a reputation beyond reputeنجاة دينار has a reputation beyond reputeنجاة دينار has a reputation beyond repute

مهرجان الطوايط المغربي يؤاخي بين الأعراق

[frame="12 95"][align=justify]
مهرجان الطوايط المغربي يؤاخي بين الأعراق

بمغيب شمس هذا اليوم (الثلاثاء 19 غشت 2008) يسدل الستار على مهرجان يشكل استثناء بين غيره من المهرجانات التي يعرفها المغرب بكثافة عند حلول كل صيف، ويختتم مهرجان "الطوايط" اليوم بعد أن انطلقت فعالياته قبل خمسة أيام ويتميز هذا العام باستضافة قبيلة عربية تدعي "أولاد بورزين" بمنطقة أربعاء السهول التابعة لمحافظة سلا المحاذية للعاصمة الرباط، لقبيلة أمازيغية تسمى "جناتن" بمحافظة الخميسات (70 كلم شرق العاصمة).


يبدأ المهرجان بالقتال بين القبيلتين قبل أن يتصالحا

يتوج المهرجان أو "الموسم" كما يطلق عليه باللهجة المحلية سنة فلاحية ذات مردود زراعي جيد، لذلك لا يشترط فيه أن يعقد كل سنة فآخر عام حلت فيه قبيلة جناتن عند قبيلة "اولاد بورزين" كان عام 1982. وفيه تذوب تناقضات العرق والثقافة والاقتصاد فتنتج وصفة متفردة لا تعثر عليها إلا هنا. حيث تتجاوز طقوسه أحيانا حدود الخيال، وتكسر جدران المعقول، بعد أن اختارت القبيلتان طوعا ومنذ زمن طويل أن تحكمها قوانين صارمة وتتقيد بمحظورات وواجبات تتجاوز حدود الشرائع الدينية.

لا محبة إلا من بعد عداوة
تبدأ أولى فقرات المهرجان بتمثيل مشاهد حرب حقيقية بين القبيلتين، ففي أول ليلة أول يوم تحل القبيلة الضيف بربوة مطلة على مضارب القبيلة المضيفة فيبيت أفرادها في العراء. وعند حلول الصباح يهمون بشن هجوم على القبيلة المضيفة ويختطفون شخصا أو اثنين حاملين سيوفا وبنادق، ويبقون على ذلك الحال إلى أن يأتي فارس من القبيلة المضيفة فيحرر الأسير، وعند هذه اللحظة يسجد جميع أفراد القبيلة أو ينبطحون أرضا في اتجاه القبيلة الأخرى (انظر الصورتين 2و3)، ثم تقوم كل أسرة من القبيلة الضيف لتبحث عن الأسرة المضيفة وتسمى "ثاضا" وحين تجد كل أسرة "ثاظاها" كما قال الشيخ محمد أحباد متحدثا إلى إذاعة هولندا العالمية تبدأ الاحتفالات، وتتسابق الخيل وتذبح الذبائح إلى آخر اليوم الخامس، ولا يسمح لأفراد قبيلة جناتن بالمبيت ليلة اليوم الخامس، لأن القاعدة تشترط خمس ليال وخمسة أيام.


ثم يبدأ المهرجان بسباقات الفروسية والألعاب

"أخبرنا أجدادنا أنه كانت بين قبيلتنا (جناتن) وقبيلة (اولاد بورزين) حروبا طاحنة". يقول الحاج إبراهيم قصيوي (84 سنة) "لا نعرف متى كان ذلك بالضبط، فأنا سمعت ذلك من جدي، وهو بدوره سمعه ممن قبله، وذات معركة بين الطرفين هطل مطر كثير، اضطر معه المتحاربون للاحتماء ببعضهم من شدة المطر، وبعد أن خف الزمهرير أراد كل طرف العودة إلى قبيلته، فعاد المطر للهطول بشدة وعاد كل محارب لمعانقة عدوه للاحتماء من شدة المطر، وتكرر الأمر عدة مرات، ومنذ ذلك الحين اتفقت القبيلتان على تحريم الحرب بينهما، وليكون ذلك مستمرا في أبنائهما طلبوا من نسائهم المرضعات أن يرضعن الأطفال الرضع من القبيلة الأخرى. فكان أن أصبح أبناء القبيلتين منذ ذلك التاريخ المجهول إخوة من الرضاعة يحرم عليهم الزواج فيما بينهم إلى يوم الدين".كما يقول الحاج إبراهيم، ولا زال تقليد تبادل الرضع طقسا مستمرا الآن وفي يوم الافتتاح (الجمعة 15 أغسطس 2008) تبادلت والدتان رضيعيهما من أجل إرضاعهما (الصورة 1).
لكن الحاج غازي من قبيلة "أولاد بورزين" وهو مقدم فرقة "اعبيدات الرمى" للقبيلة يضيف على الرواية السابقة أن عبقرية المؤاخاة بين القبيلتين تفتقت عن فكرة أكبر من مجرد تبادل الرضع بين النساء من الطرفين، بل إن رجال تلك الفترة طلبوا من نساء القبيلتين المرضعات أن يضعن حليبهن في أواني وتم جمعه وإضافته إلى مرق الكسكس وأكل منه الجميع فأصبحوا منذ ذلك التاريخ إخوة يحرم بينهم ما يحرم على الإخوة من زواج ومصاهرة.
في أصل الكلمة
تنطق الكلمة بالأمازيغية "ثاضا" وينطقها العرب "طاطا" وتجمع "الطوايط"، وتعني بالأمازيغية الاتحاد والحلف، كما تفيد الإخوة من الرضاعة، وهي بالمعنيين معروفة لدى الأمازيغ في المغرب، يقول الحسين آيت باحسين باحث بمركز البحوث والدراسات الأنتروبولوجية التابع للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في حديث لإذاعة هولندا العالمية: "ظاهرة ثاضا قديمة في المجتمع الأمازيغي وهي صيغة قبلية لحماية المصالح المشتركة، وتشكيل اتحاد أو تحالف بين قبيلتين لتعزيز قوتهما العسكرية والتجارية، خاصة في المناطق المعروفة بندرة الماء والكلأ لرعي الماشية، أو القبائل التي لا تستطيع مواجهة الغزاة منفردة فتدخل في ثاضا أي حلف لمواجهة الأخطار المرتقبة من أعداء محتملين، فتلجأ القبيلتان إلى تعزيز تحالفهما بالرضاع ليسري على أبنائهما ما يسري على الإخوة من واجبات ومحظورات".


وتوجد طوايط بين قبيلتين أمازيغيتين كما هو حال قبيلتي "بولمان" و"آيت يكو" كما أكد صلاح أحنشي المنحدر من قبيلة آيت يكو بمحافظة الخميسات، وتكاد الطقوس تتشابه مع طوايط "جناتن" و"اولاد بورزين" حيث يمنع بين القبيلتين الزواج والمصاهرة"

أسبوع في المدينة الفاضلة
طيلة أيام المهرجان لا يعلوا صوت فوق صوت موسيقى فرق "اعبيدات الرمى" من القبيلتين، يختلط غبار حوافر الخيل مع رائحة البارود المنبعثة من أفواه بنادق الفرسان، مع رائحة الشواء المنبعثة من كل مكان.
وخلال هذه الأيام يمتنع الرجل أن يكون فظا مع زوجته وأبنائه، ويستوجب عليه أن لا ينادي زوجته أو زوجة "ثاضته" إلا بمسبوقا بكلمة "اللالا" أي سيدتي، ولأن جميع نساء القبيلتين يعتبرن أنفسهن أخوات رجال القبيلة الأخرى، فتجوز له تحيتهن وجها لوجه وبالعناق وترى ذلك أمرا عاديا بين جميع الرجال والنساء على خلاف باقي الأيام حيث لا يسمح للمرأة بذلك إلا للمقربين من أفراد عائلتها.
لعنة الخيانة
لا يقتصر الأمر على هذا النوع من النزوات التي لا تجد من يستجيب لها، بل حتى المال لا يضعف أمامه المشاركون في المهرجان، فكل من وجد مالا ضائعا قل أو كثر عليه أن يذهب به إلى حفرة معلومة من طرف الجميع، وعلى من ضاع منه شيئا أن يتوجه صوب الحفرة ليجد ما ضاع منه، وتساعد سلطة الحكي التوارث على أن تدفع الجميع للاستجابة الطوعية لإعادة ما وجد إلى الحفرة، لإنه إذا سولت له نفسه شيئا فإنه قد سمع من أبيه أو جده أن فلانا أخذ ما وجد فلدغته أفعى، وأن آخر رزئ عزيز عليه، وثالث حلت عليه لعنة طوال حياته، فتكون إعادة ما وجد أمامه أهون الشرور.
ومع مرور الوقت أصبحت "الحفرة" تحظى بما يشبه القدسية، وتحولت من مجرد فقرة من فقرات المهرجان، ومن مكان صغير توضع فيه جميع المفقودات والأشياء الضائعة بالموسم مهما كانت قيمتها، إلى مزار مقدس يفضح كل من عثر على شيء ثم لم يضعه فيها، وتقف عندها الفتيات الراغبات في الزواج لتتمنى كل واحدة لنفسها عريسا يأتي في قريب الأيام، ونساء عجائز يأخذن
التراب من تحت الحفرة ليمررنها على مواضع أمراضهن المزمنة.


أخوة وأخوات من الرضاعة فلايسمح الزواج بين القبيلتين

كما بدأت تعود
آخر فقرة في مهرجان الطوايط كما في أوله ينخرط أفراد القبيلتين في مشهد تمثيلي، يتصارع فيه الجانبان على طريدة، وهي في الواقع شخص يجعل من منظره الخارجي شبيه بخنزير، وتصاحب عملية حزم أمتعة القبيلة الضيفة ترقب خروج الخنزير (الحلوف) باللهجة المحلية، وما أن يسمع أن "الحلوف" خرج إلى الساحة حتى يتسابق الفريقان لاصطياده، مدججين بالهراوات والبنادق والسيوف. وحين تصطاده قبيلة من الطرفين يعلن اختتام المهرجان، ويطلق فرسان الخيالة آخر طلقات البارود، ثم ينخرط الجميع في رقصة جماعية بإيقاعات فرق اعبيدات الرمى، وقبل مغيب شمس ذاك اليوم سيكون أفراد قبيلة "جناتن" الأمازيغية قد غادروا مضارب قبيلة "اولاد بورزين" العربية في انتظار موسم فلاحي جيد بعد سنوات ليأتي الدور على القبيلة الأمازيغية لتكون ساحة لمهرجان الأخوة بين عرقين صهرتهما ثقافة واحدة، حيث تنتهي الحرب ويحل السلام، وتعم المؤاخاة والحب والرخاء.
مراسلنا في الرباط نورالدين بن مالك/ اذاعة هولندا العالمية
[/align]
[/frame]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
نجاة دينار غير متصل   رد مع اقتباس