التعريف بالقانون الدولي
[align=justify]
التعريف التقليدي للقانون الدولي:
مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقة بين الدول، ولكن تم تجاوز هذا التعريف خلال الثلاثين سنة الأخيرة للأسباب التالية:
· لأن الدول لم تعد اللاعب الوحيد في المجتمع الدولي فقد دخلت المنظمات الدولية كلاعب ودخل الأفراد أيضاً كلاعبين من خلال حقوق الانسان والحماية الدولية لهم في النزاعات المسلحة؛
· لم يعد القانون الدولي كما يعتقد البعض أنه يحكم العلاقات الخارجية للدول وأن ليس له تأثير في القانون الداخلي للدول.
التعريف الحديث للقانون الدولي:
مجموعة القواعد القانونية التي تحكم سلوك أشخاص القانون الدولي، فهو يحكم العلاقات بين أعضاء المجتمع الدولي بما في ذلك الدول والمنظمات الدولية والأفراد.
فمثلاً عندما نقول أن الكيان الصهيوني ارتكب جريمة تعذيب، فالتعذيب هي علاقة بين دولة وفرد. فالفرد له مركز قانوني ولكنه لم يغدو شخصاً من أشخاص القانون الدولي.
واذا كانت هذه القواعد قد نشأت في الأساس بغية تنظيم سلوك الدول وحماية مصالحها، الا أن القانون الدولي اليوم بات يتوجه لفاعلين آخرين مثل المنظمات الدولية والأفراد.
ونورد هنا الأمثلة التالية لفهم طبيعة القانون الدولي:
هناك اعتقاد خاطئ بأن القانون الدولي غير موجود ولا قيمة له بسبب انتهاك الولايات المتحدة الأميركية له بغزوها للعراق واحتلال الكيان الصهيوني لفلسطين، الا أن القانون الدولي متعدد المجالات ولا يقتصر فقط على مواضيع سيادة الدول واستخدام القوة، ومن أمثلة ذلك
· فحص جوازات السفر لدى انتقال الأفراد بين الدول على المعابر الحدودية والمطارات هو قانون الدولي؛
· انتقال الرسائل الالكترونية emails عبر شبكة الانترنت هو قانون الدولي؛
· التبادلات التجارية الهائلة بين الدول هو قانون الدولي؛
· حركة السفن في البحار هو قانون الدولي؛
· السفراء والقانون الدبلوماسي هو قانون الدولي.
فالقول بأن لا وجود للقانون الدولي على أرض الواقع - بسبب عدم احترامه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية- هو تعميم غير صحيح. وانتهاك القانون الدولي لا يعني عدم وجوده فنحن نستدل على القانون من خلال انتهاكه.
أيضاً من الذي يحتاج القانون الدولي، الضعيف أم القوي؟
طبعاً الضعيف من يحتاجه، فالقانون الدولي كان عبئاً على اسرائيل أثناء الحرب على غزة، ونحن ضعفاء وبحاجة للقانون الدولي ولا يجوز أن نحقق مآرب القوي بأن نقول أن القانون الدولي غير موجود ويتوجب علينا التمسك بالقانون الدولي لأن العالم يسعى الى احترام القانون الدولي أكثر.
هيكلية النظام القانوني الدولي
مقارنة بين القانون الدولي والقانون الداخلي للدول Domestic or Internal Law
لا يجوز فهم القانون الدولي من خلال نموذج القانون الداخلي، فنموذج القانون الدولي يختلف عن نموذج القانون الداخلي من خلال:
1. في أي دولة يرتكب عشرات الالاف من الجرائم سنوياً أي أن قانون العقوبات الجزائي ينتهك عشرات الالاف من المرات في السنة، بينما نستطيع عد حالات انتهاك القانون الدولي في السنة على أصابع اليد.
أي أن حالات انتهاك القانون الداخلي هي أكبر بكثير كمياً من انتهاكات القانون الدولي ولكننا نشعر بشدة ووطأة انتهاكات القانون الدولي لأن فظاعتها لا توصف.
2. النظام الداخلي للدول هو نظام مركزي والعلاقات فيه هي علاقات رأسية فهناك تابع ومتبوع: فالسلطات التي تباشر الوظائف القانونية داخل الدولة (السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية) تحتكر السيادة داخل الدولة، والمحكومين بالقواعد القانونية كالأفراد ليسوا على قدم المساواة كالسلطات العامة فهي أعلى لأنها تتمتع بالسيادة ولها الحق أن تفرض عليهم القانون رغم ارادتهم.
أما نظام القانون الدولي فهو مبني على التنسيق والتضامن وليس على الخضوع والتبعية والدول تصطف فيه أفقياً أمام القاعدة القانونية بسبب أنها ذات سيادة فهو نظام يتصف باللامركزية: فالرضا عنصر أساسي في القانون الدولي فلا يتم تطبيق قاعدة قانونية على دولة ليست ملتزمة بها الا الاستثناءات المتعلقة بالقواعد الآمرة في القانون الدولي التي أصحبت قواعد عالمية تتصف بالعمومية والتجريد.
سؤال من أحد الدارسين: ما مدى الزامية القانون الدولي اذا كانت العلاقات فيه أفقية وليست رأسية؟
الجواب: ان فكرة الالزام في القانون الدولي متأتية من ارادة الدول وليست متأتية من القصر والاكراه، والدليل أن الكثير من جوانب حياتنا كالإنترنت والرسائل والطيران والمرور بالبحر وسيادة الدول والمرور بالأقاليم تحكمها قواعد قانون دولي وهي محترمة ومبنية على فكرة التنسيق والتضامن. فيقال أن مصدر الالزام في القانون هو التقييد الذاتي self-limitation.
3. في النظام الداخلي للدول اذا اختلف شخصان قانونياً يستطيع أحدهما أخذ الآخر رغماً عنه الى المحكمة التي تقيّم قانونية سلوكهما بشكل موضوعي استناداً الى القانون. في القانون الدولي الأمر مختلف فلا يوجد سلطة موضوعية جبرية متكاملة على مستوى العالم تعمل بدون رضا الدول لتقوّم السلوك وشرعيته القانونية لأن بنيان القانون الدولي هو بنيان أفقي لا مركزي. وينتج عن عدم وجود تلك السلطة الأمور التالية:
· يترك للدول أن تقدم تفسيرات وتقييمات مختلفة لسلوك معين، فمثلاً ترى اسرائيل في قصف غزة دفاع عن النفس ونراه جريمة حرب؛
· اختلاف التبعة المترتبة على الانتهاك، فمثلاً ربما يتم التعامل مع انتهاك قامت به الصين عقوبات اقتصادية بينما احتلال العراق للكويت استخدام القوة؛
· فرض القانون الدولي يرتبط بتوازن القوى الدولية ومن هنا تأتي المعايير المزدوجة.
التفرقة بين القانون الدولي العمومي والقانون الدولي النسبي
القانون الدولي العمومي Public International Law [1]: ويشمل القواعد القانونية العامة والمجردة مثل تجريم التعذيب، جرائم الحرب، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وتلزم جميع الدول في المجتمع الدولي باحترامها. وعدد هذه القواعد العامة قليل.
القانون الدولي النسبي Particular International Law: ويشمل المعاهدات التي تعقد بين أشخاص القانون الدولي؛ والمعاهدات لا تلزم الا أطرافها فنقول أنها تتصف بنسبية الأثر، وكلما تعددت المعاهدات سيكون لدنيا قوانين نسبية كثيرة فهي الأغلب والأعم في القانون الدولي.
نلاحظ أن أغلب التزامات القانون الدولي متأتية من التزامات نسبية أي من قانون دولي نسبي، ولكن نبحث هل انتقلت القاعدة النسبية من مصدر لالتزام أطرافها الى قاعدة عمومية مجردة؟ فمثلاً "اسرائيل" ليست طرفاً في بروتوكول جنيف الأول المتعلق بحركات التحرر الوطني وتدّعي أنه لم يصبح جزءاً من القانون الدولي العمومي، لكن محكمة العدل الدولية قالت بأن قواعد البروتوكول عمومية وتطبق على جميع الدول.
تعدد مستويات الإلزام في القانون الدولي
ويقصد بها أن هناك -كما ذكرنا- قواعد قانونية نسبية لا تلزم الا الدول الأطراف بها وهناك قواعد دولية عمومية تلزم جميع الدول.
ظاهرة الازدواج الوظيفي في القانون الدولي
لم يشرحها الدكتور.
مصادر القانون الدولي Sources of International Law
مفهوم المصدر
يقصد به أين نجد قواعد القانون الدولي.
المصادر الرسمية أو الشكلية أو الوضعية Formal Sources
هي مصادر القانون منظوراً اليها من حيث الجهة التي أصدرتها، فيكون لدينا معاهدات دولية بين دول كمصدر، واذا كان سلوك دول نكون أمام العرف كمصدر، واذا كانت أحكام قضائية نكون أمام القضاء كمصدر، واذا كانت شروحات فقهاء نكون أمام الفقه كمصدر. فهنا ننظر الى شكل الصدور.
واذا أخذنا المصادر الرسمية وسألنا: لماذا أضحى
[1] ويسمى أيضاً بالقانون الدولي العرفي
[/align]Customary International Law