واذا أخذنا المصادر الرسمية وسألنا: لماذا أضحى العدوان جريمة محرمة في القانون الدولي؟
الجواب: لوجود نص يجرمها في القانون الدولي.
المصادر المادية Material Sources
هي فلسفة القانون الدولي ونقصد بذلك فهم تشكلات قانون معين من خلال فهم الوقائع والظروف المادية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية التي أدت الى ولادة قاعدة قانونية بعينها. فمثلاً تركيبة مجلس الأمن مرتبطة بنتائج الحرب العالمية الثانية.
واذا أخذنا المصادر المادية: لماذا أضحى العدوان جريمة محرمة في القانون الدولي؟
هنا نجعل من جريمة العدوان موضوعاً للتفلسف ونعمل المنهج والمنطق الفلسفي في جريمة العدوان. وهل يتطابق المفهوم القانوني للعدوان مع المشروعية وما كان يجب أن يكون؟
وهذا النمط من التفكير الراقي الغير مرتبط بالقانون وتقنياته هو الذي يخلق الاجتهاد فمثلاً في الشريعة الاسلامية لدينا نظرية المقاصد وحفظ المال والنسل.
ملاحظة: فلسفة القانون غائبة للأسف عن الكثير من الدراسات القانونية في العالم العربي.
المادة 38 من النظام الأساسي لمحكة العدل الدولية
وهو النص الوحيد في القانون الدولي الذي يتضمن تعداداً لمصادر القانون الدولي وهذا النص وضع عام 1921 في عهد عصبة الأمم عندما كانت المحكمة الدائمة للعدل الدولية ثم جاءت المحكمة الدولية وخلفتها وتبنت النص.
يقول نص المادة أننا نجد القانون الدولي في:
· المعاهدات الدولية، وهي مصدر أصلي يجب الرجوع اليه وجوباً.
· العرف الدولي، وهو مصدر أصلي.
· مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة، وهي مصدر أصلي.
· أحكام المحاكم والفقه (كتابات الفقهاء الكبار)، وهي مصدر احتياطي فيشترط أن يوافق أطراف الدعوة على العودة اليه.
· مبادئ العدل والانصاف. وهي مصدر احتياطي.
ولكن القانون الدولي تطور فلدينا مصادر حديثة في القانون الدولي مثل قرارات المنظمات الدولية والتصرف الانفرادي unilateral acts للدول كالاحتجاج والاعتراف وتقديم التنازل.
هل هناك تدرج بين مصادر القانون الدولي؟
هناك تدرج في الداخلي في القانون الداخلي للدول فالتشريع هو الأساس، فان لم نجد نصاً في التشريع نبحث عن عرف.
أما في القانون الدولي فلا يوجد تدرج من حيث المبدأ، ففي المادة 38 من النظام الأساسي لمحكة العدل الدولية وعلى الرغم من ورود المعاهدات أولاً هذا لا يعني أن المعاهدات الدولية تعلو على الأعراف الدولية. فالمعاهدة الدولية تكافئ من حيث القيمة القانونية الأعراف الدولية وهما متكافئان لأن كليهما يصدر عن شخص متمتع بالسيادة ووحدة المصدر تؤدي الى وحدة المنتج من حيث القيمة القانونية. ولكن نقول أن الخاص يقيد العام واللاحق ينسخ السابق أو يعدله ولنوضح ذلك من خلال المثال التالي:
ميثاق الأمم المتحدة يحظر استخدام القوة خارج اطار الدفاع عن النفس أو مجلس الأمن، الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تفسر وتقول أنها بحاجة الى دفاع عن النفس استباقي وبأنه هناك حالات جائزة غير موجودة في ميثاق الأمم المتحدة حتى أن بوش الابن قال بأن ميثاق الأمم المتحدة لا يصلح لمواجهة التحديات الجديدة. في الحقيقة الولايات المتحدة الأميركية تعلم بأنها تخرق القانون الدولي ولكنها أرادت أن يحصل توافق وأن يقر المجتمع الدولي سلوكها ويحذو حذوها فتقوم بتعديل ميثاق الأمم المتحدة. وعلينا كدول عند حصول انتهاك للقانون الدولي أن نحرص على التأكيد على أنه انتهاك ويجب أن نرفضه. لأنه اذا سكتت الدول عنه وأقرته وبدأت تكرره ففي هذه الحالة -ولأن العرف يساوي المعاهدة- قد ينشأ عرف يعدل المعاهدة.
نعود للفكرة الرئيسية وهي أنه لا يوجد تدرج بين مصادر القانون الدولي من حيث المبدأ، ولكن هناك تدرج في مصادر القانون الدولي من خلال التالي:
· القواعد الدولية الآمرة jus cogens تسمو على ما عداها من القواعد القانونية الأخرى فلا يجوز للدول أن تتفق على خلافها وعلى الدول أن تحترمها.
مثال: من القواعد الدولية الامرة عدم جواز احتلال أراضي الغير بالقوة، أيضاً في القانون الدولي الأراضي التي احتلت عام 1967 هي أراضي محتلة وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية، ولكن بموجب اتفاق أوسلو ورد أنه يحدد الوضع النهائي للأراضي بالمفاوضات خلال الـ 5 سنوات الانتقالية، فأوحى اتفاق أوسلو بأن الأراضي متنازع عليها وليست محتلة وهو بذلك يعارض قاعدة آمرة في القانون الدولي مما يؤدي الى أن يشوب أوسلو البطلان.
· التدرج بين مصادر أصلية يجب على القاضي أن يأخذ بها وأخرى ثانوية أو احتياطية.
· المادة 103 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أن اذا تعارضت الاتفاقات والمعاهدات التي يبرمها أعضاء الأمم المتحدة مع ميثاق الأمم المتحدة فالأولوية في التطبيق للميثاق. مثالاً عندما جاءت اسرائيل وأبرمت اتفاق وادي عربة مع الأردن وتضمنت المادة 8 منه أن الطرفان سيعملان على اعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين وايجاد حلول. وكما قلنا أن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين جزء من حقهم في تقرير المصير وميثاق الأمم المتحدة يؤكد على حق الشعوب في تقرير المصير وعلى مساواة الشعوب في تقرير المصير. وهنا ميثاق الأمم المتحدة أسمى من بند اتفاقية وادي عربة المتعلق بتوطين اللاجئين الفلسطينيين.
· الالتزامات الحجة على الكافة erga omnes: وهي التزامات تلزم جميع الدول وليس فقط الدول الأطراف في معاهدة أو عرف دولي معين. مثلاً دولة الامارات ليست طرفاً في اتفاقية العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وهذه الاتفاقية تحرم الرق لكن هذا لا يعني أن دولة الامارات ليست مُلزمة بقاعدة تحريم الرق لأنها ليست طرفاً في المعاهدة، فقاعدة تحريم الرق لا تحكم فقط أطرافها لأنها أصبحت قاعدة عرفية عالمياً فأصبحت تحكم جميع الدول سواء أكانوا أطرف بالعلاقات القانونية التي تنظمها أو لم تكون.
المعاهدات الدولية International Treaties (كمصدر من مصادر القانون الدولي)
مقدمة
هناك ثلاث اتفاقيات دولية تشكل قانون المعاهدات الدولي وهي:
1. اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عام 1969: وهي تنظم المعاهدات التي تعقد بين الدول فقط.
2. اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عام 1986: وهي تنظم المعاهدات التي يكون أحد أطرافها منظمة دولية.
3. اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عام 1978: وهي تنظم خلافة (توارث) الدول في المعاهدات، مثلاً الاتحاد السوفييتي أبرم معاهدات دولية ولكن الاتحاد السوفييتي انتهي وهذه الاتفاقية تنظم وضع المعاهدات التي أبرمها.
نحن سنركز فيما يتعلق بدراستنا للقضية الفلسطينية على اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عام 1969 المتعلقة بقانون المعاهدات بين الدول، وذلك على اعتبار أن فلسطين دولة وأن الكيان الصهيوني يسند له القانون الدولي صلاحية دولة.
ما المقصود بالمعاهدة الدولية؟
هو اتفاق (فهو يعبر عن التقاء ارادات) دولي يعقد بين دول في صيغة مكتوبة وينظمه القانون الدولي حسب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عام 1969.
ان المادة 3 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عام 1969 تنص على أن اتفاقية فيينا تشترط الكتابة في حكمها لمعاهدة دولية، ولكن الكتابة ليست شرط لوجود المعاهدة ولكنها شرط لخضوعها لاتفاقية فيينا، حيث أن الرسائل والاعلانات والتصريحات المشتركة اذا فهم منها اتجاه ارادة أطرافها الى تحقيق أثر قانوني تعتبر معاهدات دولية. وهذه النوع من الاتفاقات الشفوية يحكمها قانون المعاهدات العرفي.
[gdwl]
المادة 3 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات:
إن عدم سريان هذه الاتفاقية على الاتفاقات الدولية التي تعقد بين الدول والأشخاص الأخرى للقانون الدولي أو بين الأشخاص الأخرى مع بعضها البعض، أو على الاتفاقات الدولية التي لا تتخذ شكلاً مكتوباً لا يخل بـ:
(أ) القوة القانونية لتلك الاتفاقات؛
(ب) سريان أية قاعدة واردة في هذه الاتفاقية على تلك الاتفاقات إذا كانت تخضع لها بصورة مستقلة عن الاتفاقية؛
(ج) بسريان هذه الاتفاقية على علاقات الدول مع بعضها البعض في ظل الاتفاقات الدولية التي تكون الأشخاص الأخرى للقانون الدولي أطرافاً فيها أيضاً.
[/gdwl]