رد: رسالة إلى صديقة
حاولت يا نصيرة أن أتهرب من قراءة هذه الرسالة قدر المستطاع لكن قلبي لم يطاوعني .
أنا حين كنت ألجأ للصمت كان ذلك في الماضي .. وذلك ربما لخيبة أمل عابرة ، أو سحابة كآبة أرخت ظلالها على عقلي وقلبي ومشاعري .. لكنني اليوم لم أعد أفسح المكان والمجال للكآبة أن تستولي عليَّ ولو لفترة بسيطة من الوقت .. ولم أعد أسمح لمساحات الانكسار أن تطغى على المساحات البيضاء في قلبي .. ووعدت نفسي ألا أبث أي موجات تحتوي على الطاقة السلبية لأي شخص أعزه وأكن له المحبة في قلبي .
ولكن ما لم يكن في الحسبان يا نصيرة أننا وفي أثناء ركضنا المتواصل ، والدؤوب في هذه الحياة لم ننتبه أن لأجسادنا علينا حق .. وأننا كما نراعي دوماً مشاعرنا وقلوبنا وأحاسيسنا وتفكيرنا يجب أن نراعي ذلك الجسد المسكين المتهالك الذي يحملنا على قدمين من ثبات وصبر ولعقود طويلة من الزمن .
تعب الجسد .. تعبت الجسد وأتعبنا معه لأننا لم نستجب لكل شارات ونداءات الاستغاثة منه ! تحاملنا عليه كثيراً ، وأمرناه كثيراً ، وهو المطيع الذي لا يعصي لنا أمراً .. حتى تعب وتعب كثيراً .
كم هو مؤلم يا نصيرة أن نخنق الفكرة في قلوبنا وعقولنا لأن اليد التي ستكتبها متعبة ؟!
قلت لك ووعدتك ألا أبث كآبة لو بين السطور .. لذلك أنا أهرب من رسائلك لأنني لا أحب أن أبقيها على لائحة الانتظار .. وكذلك لا أستطيع تجاهل نداءات الاستغاثة من جسدي المتعب أن استريحي .. استريحي .. استريحي .
سأعود يا نصيرة محملة بباقات الفرح لأقف إلى جوارك كما اعتدت .. ولكن ربما أحتاج بعض الوقت وإلى ذلك الحين نصيحتي إليك يا صديقتي ألا تدعي الهرم يتسلل إلى جسدك .. إمنحيه الراحة التي يشتهي كي يمنحك الأمان الذي تريدين .
في حفظ الله ورعايته أيتها الغالية .
|