رد: حوار مفتوح مع الأستاذة بوران شمّا
الأخ العزيز الأستاذ مازن حفظك الله
تحيات وسلامات , أشكرك جزيل الشكر على تحيتك الرقيقة وعلى دخولك هذا الحوار مما يغنيه ويثريه قوة وفائدة .
والشكر موصول لك على هذه التقدمة الرائعة عن الوالد – رحمه الله – فأنت ياأخي مازن إنسان صادق ووفي ومخلص لأسرته ولعائلته , وأنت محترم ويحبه كل أفراد عائلته لدماثة أخلاقه ووطنيته الصادقة وحياته النضالية المليئة بالتضحية والعطاء . وأنا أعرف تماما قوة العلاقة التي كانت تربطكما أنت والوالد ولا أنسى السهرات والجلسات الجميلة التي كنا نقضيها في تلك الأيام .
وان كنت اختصرت الحديث عن الوالد رحمه الله , فاعذرني , فما ذلك إلا لصيغة السؤال ( ليتك تحدثينا قليلا إن أمكن عن الوالد ذاكرته عن فلسطين ونكبتها,بشكلمختصر حتى لانثقل عليك ) فعلا أرادت السيدة الرائعة هدى أن لاتثقل علي مع كثرة الأسئلة التي ستردني في الحوار , و التزمت بذلك . اليوم كتبت لي السيدةالأستاذة هدى تؤكد على كلامك هذا وطلبت مني التوسع مجددا عن ذكريات الوالد , فإن شاء الله سأعمل على ذلك في مجالات أخرى .
والآن اسمح لي أن أرد على أسئلتك القيمة :
لو أتيحت الفرصة مرة أخرى لإصدار موسوعة فلسطينية شاملة..
من وجهة نظرك ماهي الظروف المساعدة لإنجاح هذا الإصدار؟وهل الانترنيت سيساعد في البحث والتدقيق وسرعة الانجاز
إن إصدار موسوعة فلسطينية شاملة هو عمل رائد في حركة التأليف المعاصرة , عندما عملنا على إصدار موسوعتنا عام 1974لم يكن هنالك أي موسوعة شاملة على الساحة العربية باللغة العربية , ولكن اليوم نرى كثير من الموسوعات الشاملة وأهمها الموسوعة العربية التي تصدر بدمشق . أما لو أتيحت الفرصة مرة أخرى لإصدار موسوعة فلسطينية شاملة في الوقت الراهن , فهذا يحتاج إلى جهد عربي كبير وكبير جدا من حيث الإمكانيات المادية الضخمة , وإلى الجهود الضخمة والصادقة وإلى عزائم العشرات بل عفوا المئات من مفكري هذه الأمة ويحتاج ذلك أيضا إلى جهاز كبير من الفنيين والإداريين الأكفاء . وكل هذا ممكن , فلو توفرت هذه الظروف كلها يمكن إصدار الموسوعة المرجوة .
ولكن خطر ببالي وأنا أكتب : المؤرخين والنوابغ الكبار عند تأليف موسوعتنا الفلسطينية والذين رحلوا عن هذه الدنيا رحمهم الله , وأذكر منهم: المؤرخ الكبير الدكتور نقولا زيادة , والعلامة الكبير الدكتور إحسان عباس , والباحث الكبير الدكتور ادوارد سعيد ,وغيرهم كثيرون, أين نجد مثل هؤلاء الكبار , ومن بقي منهم أطال الله بعمرهم لم تعد تسمح ظروفهم العمرية والصحية بالتأليف والكتابة . لاأعرف لماذا خطر ببالي مثل هذا الخاطر لو تقرر إصدار موسوعة فلسطينية شاملة .
لست متشائمة في هذا المجال , بالعكس بل أنا متفائلة بجهود الكثيرين الغيورين على وطنهم وتاريخهم , ولكن أرى هنا من المهم, العمل على طباعة الموسوعة الفلسطينية التي بين أيدينا – بعد تنقيحها – طباعتها الكترونيا , وأن نعمل على تكملة مشاريع الموسوعة التي لم تر النور كالوثائق , والصور , والخرائط, والإحصائيات , والأهم من كل ذلك العمل على ترجمة الموسوعة إلى لغات أخرى كالإنكليزية والفرنسية .
طبعا أخي مازن من المؤكد أن للانترنت هذه الأيام أهمية قصوى في إنجاز الكثير من الأعمال والأبحاث والمشاريع , وسيساعد الانترنت في البحث والتدقيق عن المواد والمعلومات وسيساعد على سرعة إنجاز ذلك .
وكيف السبيل إلى تدوين مابقي من ذاكرة الأجيال التي عاشتالنكبة؟
سبحان الله أخي مازن , منذ أسبوع ونحن نتحدث في هذا الموضوع, لي صديقة جاءت من بيروت تطلب مني أن أساعدها على أن تلتقي ببعض كبار السن من عائلتي أو معارفي لتدون لهم ذكرياتهم عن النكبة وخاصة هي تحديدا تريد أن تدون لمدينة صفد وأهلها . في الحقيقة واجهتني مشكلة كبيرة ,لم أجد أحدا من هذا الجيل. في عائلتنا رحل جميع أفراد العائلة الذين يحملون في ذاكرتهم ماعاشوه في فلسطين , ولم يخطر ببالي إلا العم منير شما فهو في الحقيقة موسوعة ولكنه للأسف مريض ولم أشأ أن أتعبه بذلك , فلم يبق أحد . فالأجيال التي عاشت النكبة رحلت , من خرج من فلسطين وعمره عشرون عاما الآن أصبح ثمانون عاما فإما المرض هده وإما أنه لم يعد يتذكر شيئا. أتمنى أن نستطيع البحث في هذا الأمر والتنسيق فيما بيننا لنستطيع تجميع عدد من هؤلاء الأشخاص الذين عاشوا النكبة لندون لهم كل ذكرياتهم عن حياتهم أيام النكبة من الناحية الاجتماعية والحياتية المعاشية وغيرها كثير من الأمور .
|