26 / 01 / 2016, 29 : 11 PM
|
رقم المشاركة : [35]
|
أديب روائي
|
رد: إحك يا شهرزاد
[frame="13 98"] إحك يا شهرزاد 18
أخبرني خلي أنها:
ركنت سيارتها الفخمة قرب البوابة وترجلت إلى الداخل، تسحب ابنتها الصغيرة من يدها، كانت في حالة من الغضب والتوتر الشديد، ودمعة خجولة تكاد تخنقها تمنعها عن الكلام، تتصرف مع صغيرتها الجميلة الهادئة بنوع من الغلظة والقسوة بسبب ماتكنه في قلبها من خنق، مما جعل الصبية تنفجر بكاء ما استدعى أحد الأفراد أن تحضر لها قطعة حلوى، محاولة تطييب خاطرها وإبقاءها معها في الاستقبال، لغاية ماتنتهي السيدة مما أتت بشأنه..
وبمناسبة تواجدها في مكتب التحقيق، فتح المحضر في ساعته وتاريخه، تحت إشراف النقيب ..../ والمحقق ..... وبحضور الملازم السيدة ...عن الشرطة النسائية
اسمك وسنك وهويتك ومهنتك ؟
...........
-أعمل سكرتيرة بمكتب المدير العام بالشركة العامة للأستثمارات النقدية، هذا الأخير الذي هو موضوع قدومي إلى هنا.
-ماموضوع شكواك؟
- زوجي بخوني
- كيف علمت ذلك ؟
- كل ثلاث أيام فالأسبوع بروح بالليل ومايجي إلا بعد الفجر
- لماذا؟
- بروح لعشيقته ترى مأجر لها سكن
- أين ؟
- برج 15شارع الزهور شقة 112 ...و كل يوم أحصل فسيارته علبة ماكياج .. وعطور حريم صدق مايسحي على ويهه.. ومايخاف من الله
- متى علمت بذلك؟
- من يوم ربيت الياهلة وأنا صابرة عليه كل يوم أقول الريال بيتوب لربه لكن مافي فايدة
- هل حدث بينك وبينه سوء تفاهم في العمل أو في البيت؟
- لا دوم يعاملني بالطيب ومايقصر معي ولا مع بنته
واللي قاهرني أن الحرمة اللي معاه تعرف كل التفاصيل عن حياتي..
- كيف عرفت؟
- كل اللي بيشتري لي من هدايا وملابس ومكياج ماحد يقدر يختاره إلا حرمة تعرفني وتعرف شو اللي يناسبني بالتدقيق
- هل لك سابق معرفة بتلك السيدة؟
-لا..
- هل سبق وناقشت مع زوجك هذا الموضوع؟
- بلا.. لكن مايرد.. ومرات يتعصب وينكر الموضوع
وانا شايفة بعيني ولو مومتأكدة ماييت أطالب بحقي
- مااسم زوجك الكامل؟
...............
- أنت تتهمين الرجل بالخيانة الزوجية ... ؟
- بلا ..وبيه يطلقني,, مو قادرة أعيش معاه فها الوضع
- موضوع الطلاق سيدتي..من اختصاص المحاكم المدنية الخاصة بالشؤون الأسرية -أفهمناها- ويمكنك اللجوء إليها بهذا الخصوص وليس من مهامنا
حينها تدخلت الملازم السيدة ,,,خارج نطاق التحقيق وسألتها شفاهة إلا أن المحقق أدرج سؤالها في المحضر حين قالت:
لو طلبت الطلاق من زوجك يرفض يطلقك؟
لا
بتعرفي أن الكلام اللي تتهمين بيه رايلك عقوبته أكثر من خمس سنوات سجن
احمر وجهها وبدا عليها التردد وهمت بإلغاء البلاغ، لكن النقيب أصر على مواصلة التحقيق ولمح للملازم بأن تكف عن التدخل..
- هل أخبرت زوجك أنك هنا في المركز لتشتكي عليه؟
-لا ..الريال أسبوع ماشفته جالس معاها فالشقة وما يرد عالتليفون وأضافت بعصبية مفرطة
- شو يباني أسوي لو ما أخاف الله أدش عليهم البيت واذبحهم الاثنين من القهر اللي فيني...
تليت عليها أقوالها، ووقعت بعد ان اطلعت على ما أدلت به ...
وقالت وهي تذرف الدموع قبل أن تنصرف:
لو كان يقولي أنه يبا يتزوج وحدة ثانية أنا ماعندي مانع بس الحرام ما حدا يرضاه..
لكن حين كانت تدلي بأقوالها صودف تواجد الضابط أحمد بالصدفة، وهو من فرع المباحث، وقد استمع إليها بإمعان، وكان يركز نظره إلى الفتاة الصغيرة وحركاتها وتعاملها الراقي مع الأفراد، ولغتها الأجنبية السليمة، ويركز نظره على مظهر السيدة الأنيق وملامح وجهها الذي أوحى له بمعرفة سابقة..
وهي تغادر المقر، احتضنت ابتنها وقبلتها شاكرة الأفراد اللائي قمن بالاهتمام بها، بحيث كان يبدو عليها الارتياح،
وكأنها ألقت بثقل عظيم كان جاثما على صدرها...
بينما سأل النقيب.../ الضابط أحمد:
- شورايك فالموضوع؟
- والله الموضوع خطير جدا، وانا من رايي تتريا أسبوع وتستدعي الشاكية عقب، وتشوف شو اللي بصير، قبل ما تحيل الأوراق للنائب العام...
-لا ..لآ يا صاحبي ما أقدر أخالف القانون، بكرة تحصل البلاغ فمكتبك، وسوي اللي تبا تسوي فيه وعفيني ياخلي من المسؤلية..
لأجل ذلك تم التدقيق على هوية الزوج في أجهزة المعلومات والأدلة الجنائية، وتبين أنه يعمل موظفا ساميا في أحد الشركات المالية الكبيرة، وليس مدرجا من ذوي السوابق، وبالبحث في سجله المدني بالمحاكم الشرعية، اتضح أنه متزوج من الشاكية فقط ، ولاوجود لأي عقد شرعي آخر لزوجة ثانية على ذمته، حسب ماهو متوفر في أرشيف العقود والوثائق الأهلية ، ولهذه الأسباب أرسلت الأوراق التحقيقية إلى النائب العام التي جاءت مقرراتها كالتالي:
1- تطلب تحريات الشرطة حول الواقعة
2-في حالة التأكد من صحة المعلومات الواردة في البلاغ، يتم إعلامنا في حينه.
وبناء على هذه التعليمات تم تكثيف البحث والتحري حول الرجل بالمراقبة والمتابعة، فتم التأكد بأنه يمتلك شقة مستأجرة باسم الشركة في أحد الأبراج، تقطن فيها إحدى السيدات، وتفيد المعلومات أن هذه الأخيرة لاتستقبل أحدا في المنزل سوى صاحب الشقة نفسه، ولم تشاهد في أي مكان مشبوه، أو لها علاقات مع آخرين، حسب المعطيات المؤكدة...
وبالمعاينة الميدانية والشهود العيان ذوي الصلة بالمكان، نما إلى علمهم بأن الرجل يأتي الشقة ليلا في أغلب أيام الأسبوع، ولا يغادر إلا بعد الفجر بقليل، لذلك صدرت أوامر بنصب كمين حول المكان وتكثيف المراقبة عليه،
وفي تمام الساعة الثانية ليلا، بعد أن دخل الرجل الشقة شوهدت السيدة تغادر المكان بعد ساعة من دخول المذكور، استقلت سيارتها الخاصة نوع ب م دوبل يو الحديثة الصنع تحت رقم ...تعود ملكيتها للمتهم نفسه، واتجهت صوب أحد الفنادق المجاورة لاقتناء بعض الأغراض وعادت إلى البيت، خلال لحظات من الترقب والمراقبة، صادق وكيل النيابة المناوب على أمر التفتيش والمداهمة المرفق بالمحضر، حيث أنه كان متواجدا وقائد العملية في عين المكان، والأمر يقضي الضبط والاحضار وتفتيش المكان، وتحريز أي مضبوطات يتم العثور عليها مخالفة للقانون...
إلا أنه رغم المراقبة اللصيقة، والمعلومات المتوفرة الدقيقة عن مداخل ومخارج الشقة، لم يكن فيها حين اقتحامها سوى السيدة فقط، وقد وجدت جالسة على الأريكة ترتدي فستانا للنوم تحتسي الجعة في غبطة وسرور وسط الردهة الفارهة، وترتشف الأرجيلة تفاح مستمتعة بأغنية تصدح كلماتها بقوة من التلفاز كن صديقي ، بينما المتهم لا وجود له، كأن الأرض ابتلعته أو تبخر في السماء، سوى الدشداشة والقطرة والكوفية والعقال المطروحة على السرير في غرفة النوم ... حين سئلت عن صاحب البيت كانت جد مرعوبة مما وقع، ولم تجب وبسؤالها عن هويتها لم تجب كذلك، ملتزمة الصمت
لكن الذي لم يكن ليخطر على بال، أن السيدة هي نفسها المعني بالأمر....
وقد تزامن هذا الاجراء بتلقي ألأمر من جهة عليا بالانسحاب من المكان فورا، وحفظ البلاغ والتشديد على عدم الخوض فيه نهائيا...
كان الصمت سيد الجميع أثناء توجههم إلى مقرهم الرئيسي، حتى الشرطية التي من طبعها لا تنفك عن الثرثرة والتنكيت، تعمدت النظر إلى النافذة غارقة في التفكير، كأن الموضوع برمته أشعرهم بالغبن، لم يتوقعوا أن يقعوا في موقف محرج كهذا وكأنه اعتداء صريح على حقوق الغير، وظل السؤال الذي جال في خاطر الجميع رغم تفاهة الموضوع بالمقارنة وحوادث تتسم بالخطورة من أجل الحق وتحقيق العدالة صالوا وجالوا في غمارها...لماذا؟ وكيف؟
بعد أسبوع من هذه الواقعة، علم أن الرجل استقال من عمله وطلق زوجته،وغادر البلاد إلى دولة أجنبية كان يقطن فيها مع طليقته قبل فترة طويلة ..
مرت سنة ولم يعد للموضوع أثر في الذاكرة، لكن عندما كان الضابط أحمد مع عائلته في سوق تجاري وسط المدينة، إذ بإحدى النساء المنقبات ناولته ورقة في يده
واختفت وسط الزحام.
كانت رسالة موجهة إليه من تلك السيدة التي حصلت على الطلاق، وقد ارتبطت بزواج آخر مع مديرها الجديد الذي حل مكان طليقها في الشركة، حيث أنه نجح في استدراجها للارتباط به ثم ضمها إلى زوجاته الثلاث، لكنها فوجئت بعد فترة قصيرة من الزواج بمنعها من الخروج أو العمل واستحوذ على كل مذخراتها وما كانت تمتلك، أما ابنتها الصغيرة صارت تعاني الأمرين من سوء الوضع والمعاملة ، إلى درجة أنها لجأت إلى الانتحارعدة مرات ولم تفلح، لهذه الأسباب طلبت منه لقاءها بأحد مقاهي كوفي شوب وسط المدينة للحديث معه لما آلت إليه حياتها البئيسة جدا، راجية منه يد العون والمساعدة...
تكلمت كثيرا أثناء اللقاء، اشتكت وبكت بمرارة، والنقاب يمنعها من استنشاق الهواء للتخفيف عما تعانيه من وضع كارثي بالفعل،مبدية ندما شديدا إثر تسرعها على ذلك النحو مع طليقها بعد أن علمت أنه يعاني من مرض ما وما كان يجب التخلي عنه في تلك الظروف .. إلا أن أحمد لم يقل ولا كلمة حيال الموضوع ولم يناقشها في أي شيء، لما أنهت مافي خاطرها، وضع على الطاولة مفتاحا صغيرا وقطعة ورق تتضمن بيانات دقيقة مكتوب على ظهرها لك الخيار فيما يجب عليك فعله وغادر المكان
اتجهت مباشرة إلى مكان صندوق الأمانات المشار إليه في الورقة، حيث فوجئت بجوازها الأجنبي الذي دخلت بجنسيته البلاد صحبة ابنتها قبل أربع سنوات هذه الوثيقة التي ضاعت منها منذ فترة، ولم تستطع حينها الابلاغ عن فقدانها كي لاتتعرض للمساءلة القانونية، ووجدت معه مبلغا من المال وتذكرة سفر لها ولابنتها..
بعد ساعات قليلة كانت مع صغيرتها في حرم المطار الدولي ببوابة المغادرة تستعد للصعود إلى الطائرة بزي جديد أنيق وهوية جديدة,,
بينما في المكتب بالطابق الثاني المطل على مدرج الاقلاع كانت من تراقب الطائرة وهي تحلق في الأجواء خلف نظارتها السوداء....
رن هاتفه النقال صادحا
أنا باتنفس حرية لاتقطع عني الهوا...
وضع السماعة في أذنه وغادر مرددا رنة الهاتف في الممر بين المكاتب
وددت أن أعرف منه,,,
لكنه أشار بيده كعادته:
بعدين بعدين باحاكيك دلحين مستعجل ياخلي
ومازالت شهرزاد تنتظر الجواب
[/frame]
|
|
|
|