ودائماً حديقة غنّاء نقدك الجميل العميق يا أديبتنا وناقدتنا المبدعة د. رجاء
لفتني يا صديقتي ما تفضلت بإبداءه عن الروح التوأم ، الخلق والروح إعجاز وإبداع تعجز عقولنا عن فك طلاسمه.
سأروي لك قصة حدثت لي حين كنت على ما أذكر طفلة في الثامنة ، وأنا كنت أبدو أكبر من عمري وكنت أقضي بعض إجازاتي في منزل جدتي لأبي:
كان طلعت في مقتبل سن الشباب ، أخذنا عمي إلى البحر وحين ارتديت ملابس البحر غضب طلعت حتى كاد يضربني لولا عمي، حين رفضت ارتداء ملابسي مجدداً..
في المساء دخلت معي جدتي كالعادة ، كنت أنام وهي تحدثني وأحدثها ، فقلت لها: " أنا أكره طلعت "
وجاءت إجابتها لتترسخ في عقلي وروحي، قالت لي: " إلا طلعت "
وأضافت: (( كان نور روحه بطلعت وأنت من روح نور ونسخة منه، فاكرهي من تشائين حتى أنا ، إلا طلعت .. إلا طلعت .. ))
وبقي طلعت وسيبقى الأقرب لي بين الأهل وبقيت في أعماقي أكرر: " إلا طلعت ".
أما القصة الثانية التي لم ينسها طلعت وكان يتذكرها باستمرار، وكانت عمتي وبعض أفراد العائلة يحكونها، وهذه قبل أن يتزوج أبي على ما أظن:
أخذ أبي طلعت بين ذراعيه وكان طفلاً صغيراً، وقال له: (( ستكون شاعراً ، أنا سأرحل عن العالم باكراً وأنت من ستكمل رحلتي الإبداعية شعراً وأدباً )).
الغريب يا صديقتي أني أشبه والدي بالفطرة حتى بألوان الطعام التي يحب ، والأغرب أننا فعلاً نتشابه طلعت وأنا حتى بمفرداتنا حين نتحدث، وكنا ننسى حين نتحدث بشأن ما من قال هذا أو ذاك هو أم أنا!..
الجينات الوراثية وما يحتويه ذلك الشريط الوراثي والروح وطبيعتها ، كثيرة هي الأمور التي تبقى لغز محيّر بالنسبة لنا ..
صدقت عزيزتي ، الروح واحدة والطبيعة متشابهة مع أني أنا وأختي بيننا اختلافات كذلك بينه وبين اخوته ، لهذا ربما زائد عن المكانة والقرابة والصداقة ، رحيله مسني بالعمق وخطف مني شيئاً لم أستطع استرداده ولن أستطيع.
ملاحظة: الصديقة الأديبة الأستاذة نصيرة بتاريخ : 14 / 10 / 2009 كتبت نصاً بعنوان:
(( كل من يتأمل نور الأدب ويتوقف عند واحاته المختلفة يلاحظ التلاحم الشديد بين الأديبة هدىالخطيب والأديب طلعت سقيرق ومن يكتشف القرابة بينهما يظن ،وسأعترف هنا وأقول كما ظننت، أن المساندة والتقدير والثناء بين هذين الإثنين تنبع من رابطة الدم لكن الحقيقة التي ربما لن أجيد التعبير عنها أو أبخسها حقها هو أنه قبل أن تكون القرابة كان الوطن وأكبر من القرابة هي محبة الأدب وأشمل من الأسماء والأماكن فضاء الإنسانية وتجارب الحياة التي توثق علاقة شخصين بقيا على تواصل مستمر وكونا ذاكرة مشتركة.
يوافق الأديب طلعت سقيرق الأديبة هدى الخطيب على كلامها ويعيده قائلا:'الكتابة لك حاجة إنسانية ونزهة للنفس،لاصناعة ولامصنوعة ودائما عندي الكثير لأقوله لك".فيعبر عن الكثير ومن بين ماينبض به كلامه هذا تلك الرغبة بل والأمنية التي تسكننا جميعا بإيجاد شخص يصغي لنا ويفهم لغتنا ويستوعب كل كلمة فلا تسقط كلماتنا خارج إطار اهتماماته.
حين يراسل طلعت هدى فإنه ليس محتاجا للتنميق و التنسيق وتركيب الكلمات الحلو لصياغة رسالة متلألئة لأن زخم المشاعر الإنسانية الذي يجمع بينهما متلألئ في حد ذاته.
تقول هدى الخطيب:'من حقك أن تشعر بالفرح حين تحفر بإزميل الحروف إسم فلسطين لينتشر طيب عميق الإنتماء.." فنحس أن حضن فلسطين المفقود الذي يتوق إليه الإثنين يجمعهما بقوة في أمانيهما و تطلعاتهما وحتى في غربتهما ولست أقصد هنا بالغربة الإبتعاد عن الوطن الأم تحديدا لكن ذلك الشعور بالتواجد في عالم يتحرك على هوى غير هوانا بل وأعقد من ذلك تسوده فوضى تدمر الكثير مما نخشى عليه ونرجو سلامته وربما يكون في مخاطبة هدى الخطيب لطلعت سقيرق بهذه الجملة جزء مما أقصد:'ليعش أيها الغالي الحبيب حب الإنسانية ويسقط هوى البشرية'.
الموت الذي عرفه الأديبان في فقدانهما لأقارب مشتركين ،والذي وحدهما في عدة نصوص، حقيقة مهما كان قاتمة ومريرة إلا أنها قطعة نادرة تجعل فسيفساء الصداقة والمحبة بينهما متميزة عن غيرها إلى أبعد الحدود.
أقول :"طلعت سقيرق وهدى الخطيب مساحة غير قابلة للإختراق" لأن التقارب بينهما نما مع الزمن والأحداث وملامح شخصيتيهما و لأن ِوجدانَي الاثنين تذوقا التناغم وخبرا التحليق معا وحماية بعضهما عن قصد حينا ولاشعوريا أحيانا كثيرة.))
Nassira
------------------------
تجدينه على الرابط التالي:
http://www.nooreladab.com/vb/showthr...CE%CA%D1%C7%DE
تقبلي صديقتي د. رجاء أعمق آيات محبتي واحترامي