[align=justify]رحمه الله .. لا شك أنه جزء من تاريخ أمّة ووجدانها وقامة كبيرة إن لم تكن الأكبر في الإعلام العربي.
لا شك أنه أصاب وأخطأ
أصاب في وقوفه ضد السادات في السلام مع العدو ، هذا السلام الذي جرّ علينا كل هذا الوبال ، وسجن لمواقفه من ذلك الاستسلام المهين الذي فتح الباب على مصراعيه علناً في الارتماء بأحضان أعداء الأمّة، وإن يكن هناك من استسلم سراً قبله بزمن وهو يرفع رايات العروبة بشهادة الزعيم جمال عبد الناصر...
وكان هناك أكثر من إيلي كوهين واحد بين ظهرانينا ، انكشف واحد منهم فقط.
كان صاحب خطة الخداع الاستراتيجي ضد العدو الصهيوني، وأسهم في عملية نقل الجدار الصاروخي إلى الجبهة، وهذه كانت مقدمة ضرورية للانتصار في حرب تشرين/ أوكتوبر عام 1973.
كان السبب الرئيسي في معارضته للسياسة التي اتبعها السادات في استثمار الانتصار في حرب اكتوبر. فقد اعتبر هيكل أن السادات أهدر قيمة نصر أوكتوبر بدلا من تعظيمه والاستفادة منه في تحقيق مصالح القضية العربية الأساسية، واستنكر تسرع السادات في إبلاغ وزير الخارجية الأميركي - حينئذ - هنري كيسنجر عزمه على وقف النار، وعدم تطوير الهجوم للاستيلاء على مضائق سيناء، ثم رفض نهج السادات في التقارب مع الولايات المتحدة عقب الحرب (باعتبار انها تملك 99 في المئة من أوراق الصراع) حسب تعبيره الشهير، وهو الذي انتهى به إلى توقيع اتفاق كامب ديفيد مع العدو.
وثّق وكان ذاكرة أجيال وجزء من تاريخ أمتنا الحديث ومؤرخ القرن العشرين وشريك في القرارات، حظي بمكانة واحترام دولي.
نتفق معه في نواحي ونحتلف معه في مناحي أخرى
شتّان بين زمانه الإعلامي العزيز الذي كان رمزه إذاعة " صوت العرب" التي كانت تستنهض الأمّة لتوقظها من رقادها - بين زمانه وهذ الزمان - هذا الزمان الذي نرى فيه في مصر الكنانة صحافة مهرجين و قنوات رصيف بائسة سوقية نزلت إلى أسفل درك من الانحطاط والتزوير والسفاهة.
كان راقياً وبعيداً عن أساليب اليوم برمي الآخرين بحجارة التهم والتخوين في الخلاف، فيصنف هذا عميلاً وهذا خائن إلخ..
أخطأ وخصوصاً في السنوات الأخيرة - نعذره ونقول لعله السن - حين وقف مع الانقلاب ومع الظلم في الوطن العربي ، وارتبط اسمه مؤخراً بالانقلاب وكان هو العراب وكاتب البيان الذي أوقف العمل بالدستور ..
الانقلاب نفسه أخي العزيز أستاذ رأفت الذي رفع الراقصة السوقية تلك فوق كل النساء وتوجها الأم المثالية على 90 مليون مواطن والذي سمح لأكياس النفايات الإعلامية تلك أن تحتل المشهد المصري الإعلامي الذي يمتدح الصهاينة ويروج لهم ويعادي ويثير الكراهية تجاه كل فلسطيني.
اتفقنا معه كثيراً واختلفنا مع بعض مواقفه في السنوات الأخيرة ، لكنه يبقى قامة كبيرة وعلماً كبيراً من أعلام الأمّة.
سبحان الحي الذي لا يموت …الرجل أفضى إلى ما قدم ، و هو اليوم عند رب كريم لا يُظلم عنده أحدا...
رحمه الله [/align]