[align=justify]شكراً لك دكتورة رجاء بنحيدا لما تفضلت به في تقديمك حول ما أكتب من مشاعر، وأنا الذي لم أفصح إﻻ عن اختلاجات أحس بها وخيال يخامرني فأسكب القافية حيث تتخصب الكلمات . والشعر إن أسميته ملكة.. فهو انشطار بين ملكة الخيال وملكة الواقع . والبرزخ بينهما كلمة وصورة.. الكلمة تتحول إلى حبر يراه الناس.. والصورة تتجزأ بين الشاعر وبين الناس..وأما صورة الشاعر المجزأة فهي سره المختزن في خلايا الدماغ. فالشعر إذن ، بوح يستلهم صورة من الخيال والوجدان.. وهو حقيقة تجسدها اﻷصابع عبر مداد القلم و عبر اختيار الحرف والكلمة والقافية. أما حدود التقاطع بين الخيال الشعري وبين الخيال العلمي. فهو كون ﻻنهائي..أي ﻻحدود لكل منهما . وعندما بدأت أكتب القصائد في سني اﻹبتدائية، وألقيها بين أتراب الدراسة، كنت أيضا أرسم مسائل الفيزياء والكيمياء والرياضيات بذات القلم وليس بذات الدفتر..كان الكون بالنسبة لي سماء تستضيف الشمس نهاراً لتمنحنا الحيوية والطاقة.. وتكرس ليلها لضوء القمر و التماع النجوم .. وإذا بالسماء مهبط الوحي والتفكير.. فيها أرى عظمة الخلق..وفيها أتخيل وجه من أحب .. ومن نعمة الله علي أنني أكتب الشعر في هدأة الليل.. وفي صخبه.. وفي لحظة التوق للفجر وضجيج النهار.. وقد تكون لي ملهمة ، فيحلو عنها الكلام..وقد يفتر ثغر الوطن أو يحزن .. وعندها يكون طعم الوطن بكاء أو فرحاً. ومثل ذلك تكون كل قضية وطنية أو إنسانية.. أما قضايا العلوم الكونية وتاريخ الحضارات فهي في الجانب المضيء جداً من اهتماماتي وولعي وقدعشقت اكتشافها والبحث فيها ، ولم ألتفت للذين حذروني من مغبة الخوض في العلوم الكونية وتاريخ الحضارات. لذلك كان الهدف أن أفعل شيئا أضيف من خلاله إلى هذه العلوم شيئاً جديداً..وأحمد الله تعالى، أنني حققت جزءاً من أحلامي في هذه العلوم ..وفي الشعر واﻷدب. وفي الفكر السياسي وعلم النفس البيولوجي. ولي فيها مؤلفات..كما خضت في أعماق تاريخ بيروت ﻷنجز أول موسوعة عنها بعنوان "الحنين إلى بيروت الطبعة الأولى".. وقريباً جداً، إن شاء الله، موسوعة "الحنين إلى طرابلس".
أما ماذا وهبتني طرابلس كشاعر، اقول لك يادكتورة رجاء، إن طرابلس هي العشق النهائي لوجداني وحياتي..وهي التي أمدتني بكل ما يريده الشاعر. كيف ﻻ ، وفيها نشأ حبي وترعرع وجداني واستمتعت برائحة ترابها وزهر ليمونها وعبق أسواقها القديمة وطيب ناسها..ويكفي أنني ولدت عند أسوار قلعتها وعشت في أبي سمرائها. وتقولين يا سيدتي :ماذا وهبتني طرابلس وما تأثيرها علي وعلى شعري وفيها كتبت أولى وأحلى قصائدي..
اسمعي ياسيدتي ماذا قلت مؤخراً عن طرابلس وقد غبت عنها شطرا من عمري :
طرابلس..
يا حلما تنامى في مقلتي، فرحا بيوم التلاقي..
يا أنموذجا من ألق الدنيا، شاع في
اﻵفاق..
قلعة السلام فيك، مكرمة ترصدها
المآقي..
أحبها والفؤاد نابض بفرح اللقاء
والعناق..
يا صحبتي في الفيحاء، كلكم أهلي ونعم
الرفاق..
دان العزم ، وولى زمن الغربة
والفراق..
خذيني طرابلس، ففي ترابك أنا متجذر
باقي...
[/align]