06 / 04 / 2016, 46 : 01 AM
|
رقم المشاركة : [12]
|
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
|
رد: فارسة من حيفا
[align=justify] مياسة القدس يا صديقتي..
أجيئك متأخرة.. أو متأخرة جئت لأني أضعت بوصلة الزمن، أصعد على درج الكلام من غربة الحرف إلى نبض القلب.. متأخرة لأنك تفتحين لأشجاني معبراً للدخول إلى قلبك وقلوب عزيزة فأنكفئ على قلبي لأني لا أريد لأرواحكم أن تعوم أو تغرق في بحري أو تلتقط في مناقيرها المغردة شيئاً من ثمار أحزاني وتحط بحقول غصتي وأشجاني وتصطلي بناري فأنكسر.. ننكسر...
هل حان وقت التجلّي والبوح يا صديقتي؟
هل جئتِ اليوم تخرجيني من منفايَ لتحمليني فوق غمامة شفّافة من فيض البوح لنحط معاً على جناح نور القمر نحكي الحكاية فيطول السمر مجدداً ويمتد السهر؟؟
كنت أتمنى أن أحدثك عن كل شيء جميل يملأ الدنيا فرحاً، لكن هذا العالم سرق مني الفرح وأغرقني في جبّ الكوابيس.. سامحيني فأحاديثي كلها حزينة كابية...
أحدثك عن بريدي الذي لم يعد يأتِ وسلطان الشعر الذي توقف عن قرض الجديد ومحاورتي في قصائده، عن اليد الملائكية التي غادرتني ودخولي رحلة الفناء النفسي منذ توقفت عن غمر ملامح وجهي.. عن الخوف في كل يوم من الآتِ دون دعاء صباحها الذي كانت تمطرني به فيعشوشب حقلي وتزهر حدائقي.. عن حبل السرّة الذي لم ينقطع فغاص نصفه حياً تحت التراب وأقام نصفه الآخر ميتاً يتحرك فوقه ينتظر نومه ليحيا في اللقاء.. عن طفل لطيم يسكن مدينة نفسي ويرهقني طول بحثه عن صدر أمه فلا يستكين ولا يتركني أرتاح...
عن حيفا التي تزداد بعداً حتى تكاد تدخل عتمة المستحيل والقدس التي فقدتُ أو أكاد الثقة بالصلاة يوماً في مسجدها والسير فوق هضبتها وتلمس أبوابها والسير معك في أحياءها وفروسيتنا التي دفنوها حيّة وحطوا نعشها فوق كواهلنا...
عن فلسطين التي ضاعت وياسمين الشام المخضب بالدم وبغداد الرشيد الذي جُدع أنفه وأنفته... عن عروبتي التي تلفظ أنفاسها مهجورة من أبناءها لا تجد صديقا واحداً يمدها بقطرة ماء... عن إسلامي الذي يعبث به كل لصوص وشياطين الأرض يمسخون حقيقته وعوالم جماله وكماله بأقنعة خبيثة تنال منه وتعمل على تمزيقه إرباً بين ألف قبيلة ليضيع دمه...عن أحلامي التي استحالت كوابيس لأشلاء أطفال العروبة ومستقبلهم!....
عصفورة الشجن يا صديقتي..
كأنك تفتحين برسالتك الرائعة نوافذ ذاكرتي على رفيف أجنحة عصافير الشجن وتكسين الريح العاتية بضياء روحك وبأنغام قيثار دافئ وتنسجين من دفء الكلمات سترة لصقيع روحي... شكراً يا صديقتي فأنا خفت أن أتأخر عن مودة حروفك ومصافحة ورودك وعبير عطرها الأخاذ...
أنا ما اعتكفت يا صديقتي لكن صوتي المبحوح يضيع وسط كل هذه الرياح العاتية التي تغزونا ونيسان لم يعد يحفظ ملامحي لكن أناملك الدافئة زرعت حقلاً من الزهور في فصله مبعدة شبح الغربة التي نبتت على طرقاته.. شكراً لأنك صديقتي وشكراً لأنك في القلب وفي الذاكرة فصل ربيع ونيسان دائم...
سأكتب لك يا صديقتي حتى يصحو نيسان فصلاً ربيعياً دائم الإزهرار ، فاكتبي لي ولا تتوقفي فأنا بانتظارك... صديقتك هدى الخطيب
مونتريال 5 نيسان 2016[/align]
|
|
|
|