رد: المسيحيون العرب: الواقع والدور
صادفت مقالا أعجبني ذكرني بهذا الملف وارتأيت أن أضعه هنا:
حوار الشعوب أم حوار الطرشان؟
بقلم آمال عربيد :
لن نفتح الستارة هنا على حديث ممثلي الشعوب في البرلمانات العربية الذين يتحدثون بما يخدم مصالحهم الشخصية، ولكن سننقل ما تتحدث به الشعوب فيما بينها، لتشرح همومها ومعاناتها من حكامها وأساليب حكمهم بعيدا عن آذانهم الصماء، وعيونهم المتربصة لنقل الادعاءات الكاذبة بما يثقل جيوبهم بالمال الوضيع الملوث بدماء الكثيرين من الابرياء على مر التاريخ الصامت.
نحن شعوب نعيش على أمجاد حضاراتنا الغابرة، والحضارات لا تصنع بالحروب والمنازعات الأهلية! هكذا بدأ الحوار مترئسه الشعب اللبناني، إذ انه أصبح خبيراً بتعدد الحوارات والمحاور وصناعة الأعلام وتعدد شعاراتها، قائلاً: أصبحنا جسداً مريضا يعاني من خلايا سرطانية تنهش به من كل جانب، كل ما نحرقه في مكان يفرخ في مكان آخر، وكل من يتدخل لعلاجه يقتطع منه جزءا حتى بتنا أشلاء تناضل للاستمرار في البقاء، نحن رواد الحضارة والعلم والتطور في كل الميادين، ولكن ما نفع تفرع أغصان الأرز وشموخها في العالي ان كانت جذورها بدأت تأكل بعضها؟ ها نحن غرقنا في دماء الطائفية والمذهبية! هنا تدخل الشعب العراقي مساندا له قائلاً: ومازلنا نقتل أجيالنا الشابة بالتهافت وراء زعماء وقادة الطوائف كالغنم، الذين يحولوننا إلى قضايا نازفة، يعقدون الصفقات ويقدمون مفكرينا ورؤساءنا قربانا لإعادة رسم خارطة الطريق، أو تقسيم اقليمي أو محور عربي ـ عربي، عربي ـ غربي، مسلم ـ فارسي ـ مسلم عربي، شرقي ويهودي، اسرائيلي ـ فلسطيني، لا أحد يسمع صراخنا، اجابه اللبناني: نحن منارة التنوع! ليزيلوا ذلك السرطان الطائفي عنا ويبتعدوا عن عقد الصفقات باسم العروبة والإسلام، وباسم الايديولوجيات التي يستترون بظلالها، وما هم سوى دمى متحركة يخدمون مصالح الدول العظمى في تقسيمنا واضعافنا.. هنا تنهد الشعب السوري محاورا كمن يلفظ أنفاسه! نحن حاربنا الاستعمار الفرنسي وحققنا حريتنا، ولكن ايديولوجيتنا قضت على آمالنا، بدكتاتوريتها وانعزاليتها عن العالم المفتوح والتطور الفكري، واصبحنا رهن أقلية ترمي مفكرينا وادمغتنا في غياهب السجون، أو الرضوخ للأمر الواقع من أجل أرضنا وأهالينا ولقمة عيشنا، ولكن أملنا كبير بالانفتاح والتطور الاقتصادي، ونهاية الاحتلال الاسرائيلي لجولاننا، والتفكير بحرية من دون قمع أو قتل أو سجن، فناجاه الشعب المصري مرددا: ماذا أعطانا الانفتاح؟ مازلنا في دياجير الجهل نتخبط، نلنا حريتنا بالثورة على الظلم، وحررنا أرضنا من جور الاستعمارين التركي والبريطاني، الا انهم قتلوا حرية فكرنا في مهدها وخدرونا بالكيف والافيون، وصنعوا قرارنا بالسكوت بتجويعنا، وأصبح همنا الاكتفاء الذاتي فقط والهجرة لطلب الرزق، ان مثقفينا نصدّرهم إلى الدول الأخرى لتنعم بعلومنا، متى نستيقظ وننفض عن عقولنا هذا التآكل السرطاني؟ لنتحرر من جديد برؤية الشباب المثقف ونعيد إلى مصر أمجادها غير الفرعونية؟! فصرخ الشعب السوداني متأوها: أنتم جميعكم لاهون عن جوعنا، فقرنا، أحلامنا، وعندما أتى الفرج من ظلم حاكمنا، تكاتف حكامكم على استعبادنا من جديد ونفوا التهمة عنه بابادتنا، ولم ترفعوا ولا راية صغيرة تقول لحكامنا دعوا ميزان العدل يحكم مرة واحدة! ثم أتى دور الشعب الخليجي قائلا: نحن غرقنا في الثروة بعد ان كانت محرمة علينا، وأصبح لنا مجد، ثم تحولنا إلى اسطورة يغازلها العربي والغربي، فكبرنا وصنعنا من مجلسنا امبراطوريتنا، وساعدنا كل من يهلل لنا، ولكن لم ندر بان الغرور اصابنا حتى بتنا لا نعرف العدو من الصديق، وفاقت أحلامنا تفكيرنا، وتهنا بين ان نتربع على قمة عروش الغرب أو العرب، وجعلنا من أنفسنا مطمعا لكل الدول البعيدة والقريبة، ولنحمي أنفسنا من هذه الأطماع بتنا رهينة لتلك القوى العظمى تتحكم في أمورنا السياسية والاقتصادية، وبدأت تزحف إلى عقولنا الطائفية والمذهبية، لنستتر بخوفنا بها، لتتحول سرطانا يأكل جسدنا، ويصبح مصيرنا مثلكم ونفقد الرأي والكلمة والأرض، ونضيع بين لغة التقسيم والتجزئة في لعبة الكبار إلى أي طرف نميل العربي، أم الغربي، أم الفارسي؟ ثم أتتنا الطامة الكبرى الأزمة الاقتصادية، وباستمرارها يفككوننا ويمرروا فتنهم بنا، نحتاج إلى الرؤية الواضحة لننهض من غرورنا، لنحافظ على بلادنا من التداعي.. هذا بعض هموم شعوبنا العربية، وليس كلها، ومازال الشعب الفلسطيني ينتظر توحدنا ليتوحد، ومازالت اسرائيل مختالة في أطماعها الاستعمارية للوطن العربي، طالما ان السرطان أكل أطرافنا، وسيصل إلى قلبنا رغما عنا، لأننا مازلنا ندمل جراحنا بالتباكي على أمجاد الماضي، فقدنا حاضرنا، حريتنا، وسنفقد مستقبل أولادنا ان لم نستأصل سرطان زعماء الفتن الطائفية من عقولنا وقلوبنا، ونتوحد بالفكر الحر لا بالحدود واللغة! ونختار ممثلينا من مفكرينا الذين يعيشون مآسيه وطموحه ويضعون الخطط العلمية للنهوض به، لا بمن يجمدونه في ثلاجة الماضي المتسرطن بطائفيته!
آمال عربيد
|