الموضوع: الطابق الثالث
عرض مشاركة واحدة
قديم 10 / 06 / 2016, 52 : 04 AM   رقم المشاركة : [1]
Arouba Shankan
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف

 الصورة الرمزية Arouba Shankan
 




Arouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond repute

الطابق الثالث

الطــــــابق الثالث.

لم أكن على قدرٍ كافٍ من الدهاء، لأعرف كيف أُشعل نار الاهتمام في قلبه وبين ضلوعه،، كُنت أراقبه يومياً.. وهو بكامل أناقته.. وبهي طلته.. أعارني بعضاً من نظرات التساؤل.. صباح يومٍ حار..
حيث الاستلقاء إلى جانب أريكة صيفية.. تحت وسائل التبريد الحديثة، كافٍ ليمنحك الشعور بالرضا والتفاؤل.. كان عليّ الخروج في ذلك الصباح الحار..لأنجز بعض الأشياء.. فالحاسوب يحتاج لصيانة.. وهوايتي في فن الكروشيه تحتاج لمستلزمات جديدة.. المُجمع الذي لم يكن يبعد عن مسكني سوى بضع خطوات، فيه كل ما كنت أحتاجه وأبحثُ عنه.. حتى أيام الحر لن تجعلني أتقاعس عن زيارة هذا المجمع والتزود بما أُريد ..
دخلتُ صالة المبيعات،، كانت مُكيفة.. وتُغري بالتسوق.. والتجوال لساعاتٍ نظراً لرطوبة الأجواء، وتنوع
السلع، وإشراق ابتسام الاستقبال المجلات والأقمشة والخيوط الفائقة الجودة، كم تُغريك بشرائها وتحويلها إلى قطعٍ فنية رائعة، وأنت تتلمسها بشغف وإعجاب.. وسط الدهشة بروعة المعروضات، وضعفي أمام جمال ألوانها
وبعثرة النقوش ذات الألوان الباردة في هذا الجو الحار.. استسلمت لرغبة الشراء.
كان قد مضى علي شعوري بالانبهار حوالي الساعتين أو أكثر.. أجل فكل مافي الصالة كان جديداً وجميلاً.. أضف إلى أن التكييف كان كفيلاً بإشغالي عن النظر إلى الساعة.
أنهيت اجراءات دفع الفاتورة.. ولم تنته النزعة في داخلي لامتلاك المزيد والمزيد.. نزلت من سِلم المُجمع ببطئ وأسف.. كل مافي الصالة كان مُبهراً.. بعد دقائق طويلة وصلت الصالة الأرضية على يميني انتشر على مِساحةٍ واسعةٍ محل لتجهيز فساتين العرائس.. اتخذ وضع القُرفصاء اكثر من صانعٍ انشغلوا بتطريز ذيل فستان تجاوز طوله الثلاثة أمتار
كان كما جناحين حطا على الأرض، على طرف كل جناحٍ شكلُ بجعة ومُزركشاتٌ فضية وماسية اقتربت من أحد الصُناع كانت مهمته غرزة الروكوكو و العقدة المركبة.. كان يلف الخيط على الإبرة لأكثر من ثلاثة أو أربع أو ربما خمس مرات، ليقوم بسحب الإبرة من خلال اللفات أو العِقد ليملأ الفراغات بعدها بالخرز.. أثناء العمل لا يجيد الصُناع مهنة الكلام. ابتعدت على استحياء.. قاصدِةً المنزل. كانت الشمس قد علت كِبد السماء
فازداد الحر، إلا أنني وصلت المبنى ومازال إحساس البرودة يتغلغل بمسامي
كان باب العمارة واسعاً بعض الشيء بحيث يسمح لمرور أكثر من شخص بحرية تامة،، على بُعد أمتار يمين المبنى كان المِصعد، تقدمتُ ومازالت الرسوم والزركشات تملأ مُخيلتي، وأنا أعِدُ نفسي بعودة مُجددة وشراء ما تركته فوق الرفوف آسفة.. كان المصعد لا يعمل.. لقد تعطل بتلك الساعات القليلة التي أمضيتها
في المُجمع!
تقصيت وتحريتُ.. أُريد أن أصل إلى المنزل بسرعة. فأتلذذ بما جلبته معي.. وأُطلق عِنان الإبداع لأناملي.. أتتني أصواتٌ من سِلم العمارة.. الحارسُ لم يكن موجوداً.. على الأرض آثارُ سائلٍ ربما كان ماءً..
إلا أن رائحته تُشبه مواد التعقيم أو ربما الكحول!
مضت دقائقٌ كئيبة.. دخلت العمارة أم ثائر، تسألني أما علِمتُ بما حدث.. ـ مالذي حدث يا أم ثائر.. للحظة نسيت
فرحي يخيوطي الجميلة ، ومجلاتي التي ابتعتها..
ـ لقد هوى مِصعد العمارة من الطابق الثالث إلى الأرضي دفعةً واحدةً!
ـ سألتها بلهفة إن شاء الله لم يُصب أحدٌ بأذى؟!
ـ للأسف كان جارنا ظافر داخل المصعد!
ـ ظافر ذاك الأنيقُ، الذي صادفته صباحاً، كيف للمصعد أن يتهاوى دفعةً واحِدة ، وبداخله جارنا ظافر، لقد
التقيت به، وكان المصعد على خير ما يُرام..
ـ لا أعلم عزيزتي.. اتصل حارِسُ العمارة بالاسعاف فحضر فريقٌ طِبي حمل ظافر الذي كان فاقِد الوعي..
ـ لا حول ولاقوة إلا بالله، وأين حارس العمارة، ناديت (أبو أحمد) أين أنت؟!
خرج الحارِسُ (أبو أحمد) من باب العمارة المؤدي إلى السلم. وملامِحهُ بدت حزينة، يتبعه ظله تحت شمسٍ لاهبة.. كُنت كمن يتحدث إلى طيف إنسان، ووحدي أستمع لنفسي. تسمرت جارتي بمكانها، وأبو أحمد كئيب يضرِبُ كفاً بكف.. خسارة يا أ. ظافر
ـ كررت السؤال (أبوأحمد) كيف هوى المِصعد؟ لقد كان سليماً هذا الصباح..
ـ لا أعلم..
ـ أخيراً تكلم..وقال: لا يعلم..
ـ فجأة سمعنا دوياً هائلاً، إنه المصعد، حاولنا فتحه ولم نتمكن إلا بمساعدة فريق الصيانة، الذي اتصل به مدير المبنى.. هُنا دخل رجلٌ على ما يبدو أنه مِن رِجال الأمن،توجه إلى المِصعد، وراح يسأل( أبو أحمد) عن الأُستاذ( ظافر).
رُبما في الأمر شُبهةً جِنائية، لقد توفي الأُستاذ ظافر، أصابه احتشاءٌ في عضلة قلبه
لا إله إلا الله! هذا الصباح التقيت به.. رُبما نظراته كانت وداعاً لي، بينما فسرتها لنفسي، تفسيراتُ
أُنثى تريد أن تُشاكس عيون من حولها.
ـ أخبرت رجُل الأمن بما جرى صباحاً، وتوجهت إلى منزلي في الطابق الثالث، صعدتُ عبر السلم بحذروهدوء.. كان الجو قد ازداد حراً عبر الأروقة.. تبعتني أم ثائر حزينة مُكتئبة.. إنه القدر.. ما
أسرع الموت.. وماأقل فُرص النجاة!
دخلتُ إلى المنزل، وقد هربت مني طاقة الحماس التي اختزنتها صباحاً..ألقيت بأكياس المجلات والخيوط الملونة جانباً، ورحت أتفكر بما حدث.. ماذا لو كُنت أنا داخل المصعد، وماذا لو سقطت مني خيوطي الجميلة التي كانت تنتظر أناملي.. وماذا .. ثم ماذا.. تذكرت بأني نسيت الحاسوب! الذي يحتاج لبرمجة، لن أُغادر ثانية في هذا الحر! قُلتُ لنفسي و توجهت حزينة إلى المطبخ، لتحضبر قهوة، ثم توجهت إلى الصالة، وألقيتُ بنفسي فوق أريكتي تناولت المجلات وباقات الخيوط الملونة، أرشف من فنجاني رشفة قهوة، وأستهل النظر إلى المفارش المزركشة الجميلة،، فجأة انقطع التيار الكهربائي! تباً للحظ، مِن أول النهار كان النحس بمواجهتي و سرعان ما شدني طيف ظافر في زاوية الصالة،، فركتُ عينيّ غير مًصدقة! إنه طيفُ ظافر! هرعت إلى الشُرفة، فإذا بجُثمان ظافر داخل المبنى والمشيعين في ذهول لقد كان بينهم هذا النهار! لم أُطق فداحة الحر، والجُثمان المُسجى أمام ناظريّ، ترددت في الدخول إلى الصالة رُغم برودتها المغرية بالاستلقاء
كُنت أخشى طيف ظافر، أجل هاهو مُسجى أمامي! فكيف اخترق صالة منزلي؟ نظرت مِن مكاني إلى الزاوية التي تراءى لي فيها، فلم أجده، كبحت جماح خوفي، واقتحمت الصالة،، فإذا بطيف ظافر قد رحل كما جُثمانه، ومروره الصباحي، جلست حزينة أسترجعُ لقاءاتي القصيرة به مواعدة نفسي أن لا أُعجب بأحد بعد هذا اليوم!!وأن لا أدخل إلى المِصعد إلا بعد أن أتأكد مِن صيانته على الدوام، مسحت دمعة سقطت في وداع ظافر. وعُدت لألوان الخيوط التي تعد بالإبداع والبهجة والسرور..

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع Arouba Shankan
 

مازلت ابنة بلاط رباه في أعالي المجد بين الكواكب ذكره
أحيا على نجدة الأباة ..استنهض همم النبلاء.. وأجود كرما وإباءً

التعديل الأخير تم بواسطة محمد الصالح الجزائري ; 02 / 10 / 2016 الساعة 40 : 02 AM.
Arouba Shankan غير متصل   رد مع اقتباس