عرض مشاركة واحدة
قديم 27 / 06 / 2016, 16 : 03 AM   رقم المشاركة : [7]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: تحليل النص الصحفي - محمد توفيق الصّواف - كلية الإعلام / قسم الصحافة

صفات العناصر التكوينية لنصِّ الخبر والمقال

تَتَشَكَّلُ البنية التكوينية للخبر من ثلاثة عناصر رئيسة هي: (العنوان، المقدمة، المتن)، ولكلٍّ من هذه العناصر صفاتٌ ينبغي توفير معظمها فيه ومعايير تنبغي مراعاتها في صياغته.. وفي تقديري، لا تختلف البنية التكوينية للمقال الصحفي عن بنية الخبر إلا بزيادة عنصر (الخاتمة) على عناصر الخبر الثلاثة آنفة الذكر؛ بالإضافة إلى أنَّ غالبية الصفات التي تَتَمَيَّزُ بها هذه العناصر في بُنيَةِ الخبر التكوينية تختلف قليلاً عمَّا تَتصف به نظيراتُها في بُنْيَةِ المقال، أيّاً كان نوعه..

صفات العنوان في كلٍّ من الخبر والمقال
لعل الاختلاف الرئيس، وربَّما الوحيد، بين عنوان الخبر وعنوان المقال ناجمٌ عن الاختلاف في مصدر استقاء كلٍّ منهما؛ فعنوان الخبر، يُفَضَّلُ أن يُستوحى من الإجابة عن أحد أسئلة الكشف الستة، أمَّا عنوان المقال، فيُفَضَّلُ استيحاء مضمونِه من الفكرة الرئيسة للمقال، أو من أحد محاوره الفرعية، أو من الهدف الذي يسعى إليه كاتبُه، ولا بأس في أن يكونَ استفهامياً ويكونَ المقالُ كلُّه إجابةً عنه.. وباستثناء هذا الاختلاف، نلاحظ أنَّ صفات العنوانين تكاد تكون واحدة، بدليل وجوب أنْ يَتَوَفَّرَ منها، في كليهما، ما يلي:
1) الإيجاز، فكلما كان العنوان قصيراً موجزاً كلما كان أقوى، ولذلك يُفَضَّلُ ألَّا يزيد عدد كلماته على خَمس..
2) جذب انتباه المتلقي وإثارة اهتمامه، دون تزييف أو افتعالٍ أو مبالغة.
3) قوة التعبير التي تُحققُها صياغة العنوان في عبارة واحدة، من ألفاظ بسيطة، لكنها قوية الدلالة على مضمونه..
4) موافقة مضمون العنوان لمضمون المتن، ولذلك يُفَضَّلُ أن يكون مضمونُه إجابةً عن أحد أسئلة الكشف الستة، إذا كان عنواناً لخبر، أمَّا إذا كان عنواناً لمقال، فيُفَضَّلُ أن يكون مضمونُه مُستوحى من الفكرة الرئيسة للمقال أو من هدفه..

صفاتُ مقدمةِ الخبر والمقال وأنواعها

أولاً، صفات المقدمة:
على غرار التشابه بين صفات العنوان الخبري وصفات عنوان المقال، نلاحظ تشابهاً مماثلاً في الصفات التي ينبغي تَوَفُّرُها في مقدمة كلٍّ منهما، وأهمها:
1) الاختصار والإيجاز، مع الإشارة إلى أنَّ مقدمة المقال يمكن أن تكون أطول من مقدمة الخبر، فإنَّ من المُستَحْسَنِ ألا يزيد عدد كلمات مقدمة الخبر على عشرين كلمة، وألَّا يزيدَ عدد كلماتِ مقدمة المقال على خمسين، مع جواز وصولها إلى المئة..
2) التمهيد لمضمون المتن، إِمَّا بتركيز أهم المعلومات الواردة فيه وتَضمينِها في المقدمة لعرضها على القارئ بدءاً؛ أو بتقديم الإجابة عمَّا يعتقد الصحفي أنه السؤال الأهم بين أسئلة الكشف الستة، إذا كانت المقدمة لخبر؛ ولا بأس في أن يكون مضمون المقدمة طريفاً يُثيرُ فضول القارئ ويدفعه إلى متابعة القراءة، سواء كانت مقدمةً لخبر أو مقال؛ وبالنسبة لمقدمة المقال تحديداً، يمكن أن يكون مضمونُها استفهامياً، شرطَ أن يُؤجِّل الصحفي الإجابة عن الأسئلة التي طرحها فيها إلى نهاية مقاله، لاستمرار إثارة فضول قارئه، لأن الفضول يدفع إلى المتابعة..
3) جذب انتباه المتلقي واهتمامه، سواء بطريقة صياغة المقدمة التي يُفَضَّلُ أن تكون بجمل قصيرة، سريعة الإيقاع، تتألف من كلمات بسيطة واضحة ومُعبِّرة في آن واحد؛ أو بمضمونها الذي يُفَضَّلُ أن يكون ممهداً لمضمون الخبر أو المقال لا مُلِخِّصاً له؛ ولإكساب المقدمة مزيداً من القدرة على الجذب، لا بأس في إدراج بعض الحِكَم في نصِّها، أو بعض الأمثال الشائعة، حتى وإن كانت عامية، مع محاولة تفصيحها ما أمكن...

ثانياً، أنواع المقدمات:
بعض الأنواع التالي ذكرُها يكاد يكون خاصاً بمقدمة الخبر الصحفي، وبعضها مشتركٌ بين مقدمته ومقدمة المقال، وستتمُّ الإشارة، حيثما تقتضي الضرورة، إلى خصوصية بعض الصفات بهذا النوع أو ذاك، وإلى المُشْتَرَكِ بين النوعين.. وفيما يلي عرضٌ لأهم أنواع مقدمات الخبر والمقال:
1) المقدمة الوصفية: يَتمُّ التركيز فيها على وصف الواقعة، وأكثر استخدامها يكون في الأخبار المُخَصَّصةِ لوصف الحوادث والكوارث، وفي المقالات التي تتناول مثل هذه الأخبار بالتحليل والتعليق. وفي هذه الحال، يَغلِبُ أن يكون مضمون مقدمة المقال هو نصُّ الخبر المُراد تحليلُه..
2) المقدمة المجازية: وهي التي يدخل في تركيبها بعض ألوان المجاز غير الغامض، من مثل (أدَّى فَتْحُ الصندوق الأسود لحكومة فلان إلى انتشار رائحة فسادها وجرائمها التي تزكم الأنوف). والأفضلُ أن تكون المقدمةُ المجازية مقدمةً للمقال لأنه أطول نصّاً من الخبر، مما يجعله أكثر احتمالاً وقابلية لتضمين المجاز في نصِّه، ثم لأنَّ المباشَرَةَ أفضلُ في صياغة مقدمة الخبر ومَتْنِه، في معظم الأحوال.
3) المقدمة الحِكَمِيَّة: وهي التي يتمُّ تضمينها حكمةً مأثورة ينسجم مضمونها مع مضمون الخبر أو يؤكده أو يدفع إلى السخرية من بعض ما يَرِدُ فيه، وقد يحلُّ المثل الشعبي السائر محل الحكمة... ولا بأس أبداً في تضمين المقال، أيّاً كان نوعه، بعضَ الحكم والأمثال، خصوصاً إذا أُحسِنَ توظيفها لتأكيد فكرةٍ فيه أو لتجميل مضمونه أو لأيِّ سبب آخر يُفيد في تحقيق وصوله إلى الهدف الذي يسعى إليه كاتبه.
4) المقدمة الظرفية: وهي التي تُهَيِّئُ المُتَلَقِّي للدخول في أجواء حدث ذي طابع حماسي ظرفي، كالمباريات الرياضية والمهرجانات والحفلات الفنية... ويندر اللجوء إلى هذا النوع من المقدمات، في كتابة المقالات، إلَّا إذا كان المقال تعليقاً على مباراة أو نقداً لمهرجان فني أو أدبي أو تحليلاً لمجريات ندوة أدبية أو فكرية أو سياسية..
5) المقدمة المُلَخِّصَة: غالباً ما يكون استخدامها في بداية ما يُعرَفُ بالقصة الخبرية، لأن مضمونها تلخيصٌ لأهم المعلومات التي سَيَرِدُ ذكرها في القصة تالياً، بقصد تهيئة قارئها للدخول في أجوائها؛ لكن، لا يُستَحْسَنُ، بالمقابل، أن تكون مقدمة المقال تلخيصاً لمضمونه أو مضمون إحدى فقراته، حتى لو كان الهدفُ من التلخيص التمهيد لمضمونه في مقدمته، لأن التلخيص يُلغي المفاجأة ويُضْعِفُ الرغبة في متابعة القراءة..
6) المقدمة الحِوارية: وهي التي تُستَهَلُّ ببعضٍ من حوار جرى أو سيجري بين طرَفَي صراع مُختَلِفَين، كأن يكونا طرفين سياسيين مُتعارِضَين، أو مُتَحَاوِرَينِ من مستويين مُتبَايِنَين (مواطن ومسؤول) وما شابه، تشويقاً للمُتَلَقِّي ودفعاً له إلى المتابعة.. ومن الجائز استهلال المقال الصحفي بمثل هذه المقدمة أيضاً، شرط أن يكون مضمونُها تعريفاً بطَرَفَي الحوار، تَلِيهِ نبذةٌ عن الموضوع الرئيس الذي سيتحاوران فيه..
7) المقدمة المُباغِتة: وهي التي تتضمن معلومة غير مألوفة عن بطل الخبر، سواء كان شخصاً أو هيئة أو مؤسسة..، والأفضل ألَّا تزيد على جملة واحدة تشدُّ الانتباه من مثل: (على نقيض التَّشدُّد والتزمت اللَّذَين يتظاهر بهما رجال الدين في بلد كذا، برزتْ معطياتٌ تُؤكِّدُ انتشار الفساد الأخلاقي في أوساطهم).. ويُسْتَحْسَنُ استخدام المباغَتَةِ في مقدمة المقال أيضاً، خصوصاً إذا كان مقالاً نقدياً صادراً عن جهة معارِضة سياسياً، أو كان مقالاً علمياً يعرضُ اكتشافاً جديداً، أو مقالاً اجتماعياً يُحلِّلُ سلوكاً اجتماعياً مثيراً للجدل، أو أدبياً يطرح ظاهرة أدبية غير مسبوقة، أو ما تزال مثار خلاف بين مؤيدٍ لها ومعارض..
8) المقدمة الغرائبية: وهي التي تتضمن معلومة طريفة نادرة الحدوث من مثل: (امرأة تضع أربعة توائم)، أو غير معقولة من مثل: (في مدينة لا يؤمن معظم سكانها بالمعجزات، وقفَ حشدٌ منهم في شارعها الرئيس ليراقبوا، باندهاش بالغ، كلباً يقود سيارة).... ومن غير المُسْتَحْسَن استهلالُ أيِّ مقال بمقدمة من هذا النمط، إلّا إذا كان محورُ مضمونه الرئيس فضيحةً غير مُتَوَقَّعَةٍ في وسط فني أو سياسي، يرغب كاتب المقال أن يصدمَ قارئَه بها منذ المقدمة لدفعه إلى مواصلة القراءة حتى الكلمة الأخيرة..
9) المقدمة المقتَبَسَة: وهي التي تتضمَّن اقتباسَ جملة أو تصريحٍ لمسؤول أو شخصية بارزة، يتمحوَّر حول أقوالها مضمونُ الخبر. ويمكن اللجوء إلى هذا النوع من المقدمات في المقالات التحليلية التي تتناول قضايا سياسية واجتماعية وفكرية معقدة ومثيرة للجدل كثيراً، من أجل تهيئة القارئ، ابتداءً من المقدمة، لقبول ما سيطرحه كاتب المقال في متنه من آراء ومواقف، يعرفُ سلفاً أنها لن تحظى بقبول سريع أو واسع من القراء، أو ليؤكِّد لهم فكرةً يعلم أنها موضع شكٍّ من غالبيتهم..


توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس