عرض مشاركة واحدة
قديم 27 / 06 / 2016, 57 : 03 AM   رقم المشاركة : [14]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: تحليل النص الصحفي - محمد توفيق الصّواف - كلية الإعلام / قسم الصحافة

[align=justify]

المقال النقدي

ربما ليس خطأ الزعم أن هذا النوع من المقالات يشمل ميادين الحياة كافَّة، على تَنوُّعِها واختلاف اتجاهاتها وألوانها، وهذا بديهي ومنطقي، لأن النقد، في مفهومه الشمولي الواسع، يُعبِّرُ عن آراء ومواقف أصحاب وجهة النظر المُعارِضة للسائد في أيِّ ميدان حياتي، ولذلك يُوجَدُ نقدٌ أدبي، وآخرُ فني، وثالثٌ فكري، ورابعٌ أيديولوجي، وخامس علمي يتناول ظاهرةً حديثة أو اكتشافاً؛ وثمة نقدٌ سياسي ونقدٌ للعادات والتقاليد الاجتماعية القديمة والحديثة على السواء، ونقدٌ للبرامج والخطط الاقتصادية وتطبيقاتها على أرض الواقع، ولغير ذلك من النشاطات الإنسانية الأخرى والكثيرة... وقد تتسع دائرة المقال النقدي لتشمل تقييم ما يصدر من كتبٍ في مختلف مجالات المعرفة والعلم والثقافة، بهدف توعية القارئ العادي وهدايته إلى ما يختار وما يقرأ من طوفان الكتب التي تلقي بها المطابع ودور النشر كلَّ يوم..
وهذا كله يعني في المحصلة أن على من يتصدى لكتابة هذا النوع من المقال الصحفي أن يكون ذا ثقافة واسعة ورؤية مُتَفَحِّصَةٍ مُتَرَوِّيَةٍ للأمور والشخصيات، وأن يمتلك حدّاً أدنى من الإنصاف ليكسب حدّاً أدنى من احترام الخصم وثقته، وحدّاً أدنى من الشجاعة لمواجهة ردود الفعل على ما يكتب لأنها، في غالبيتها، ردودٌ غاضبة ساخطة..
في ضوء هذا التعريف الموجز للمقال النقدي، يمكن تحديد أهم وظائفه بأنها:
1) عرضٌ موجزٌ، في مقدمة المقال، لِلمُنْتَجٍ الثقافي المراد نقده: (كتاب، صحيفة، مجلة، ظاهرة أدبية، نصٌّ أدبي، لوحة فنية، قطعة موسيقية... الخ..)، أو عرضٌ لموقف سياسي أو خطة اقتصادية أو شأن اجتماعي أو فكرة أو أيديولوجية....
2) تحليل ما تمَّ عرضُه في المقدمة أو السطور الأولى التي تليها عبر متن المقال، تحليلاً مُعبِّراً عن وجهة نظر كاتبه، لكن دون إسفاف أو تَجَنٍّ أو افتراء أو شتمٍ وسبّ، بل بكثير من الرَّوِيَّةِ واستخدام الحجة المنطقية والبرهان العقلي والشاهد الذي لا يُدْحَض، سواء أراد إقناع خصومه بوجهة نظره، أو حتى أراد إفحامهم..
3) أما الخاتمة، فمن الأفضل أن تَتَضَمَّن وجهةَ نظر كاتب المقال التي قد لا تكون معارضةً لِلمُنْتِجِ أو العمل أو الموقف الذي انتقده، وإن كانت كذلك غالباً..
ومن الناحية الفنية
يُسْتَحْسَنُ أن تجمعَ لغةُ المقال النقدي بين بساطة اللغة الصحفية ورصانة اللغة العلمية ولطف العبارة الأدبية إن أمكن، مع الحرص على الوضوح دائماً، وليس على المباشرة، لأن النقد يحتمل لغة المجاز شرطَ عدم تعقيده أو إيصاله إلى درجة الإلغاز والغموض.
وحرصاً على المصداقية، ينبغي على كاتب المقال النقدي الإشارةَ إلى مصادر اقتباساته بوضوح ودقة، لكي لا يُتهَمَ بالافتراء على من ينقده.
أما بالنسبة لحجم المقال النقدي، فالأفضل ألّا يكونَ طويلاً، إذا كان يعالج أمراً واحداً؛ ويمكن أن يطول إذا كان يعالج ظواهر مختلفة أو مواقف عديدة أو وجهات نظر متعارضة، وفي هذه الحال، تكون المجلة المُتَخَصِّصَةُ، وليس الصحيفة، المكانَ الأمثلَ لنشره..

المقال التحليلي
هو مقالٌ متعدِّدُ المضامين كسابِقَيه، أي يمكن أن يكون علمياً أو أدبياً أو فكرياً أو سياسياً أو اقتصادياً.... وهو، في الغالب، مقالٌ يُكتَبُ للنُخَبِ المتخصصة في العلم أو الفكر أو الثقافة أو السياسة... الخ، وليس للعامة، إلا فيما ندر.. ولتَمَيُّزِه بهذه النوعية الخاصة من القراء، كان لابدَّ أن يَتَمَيَّزَ عن الأنواع الأخرى للمقال باختيار موضوع مضمونه وبلغته وأسلوبه وطريقة بنائه وطوله..
1) مضمون المقال التحليلي:
يتمحور المقال التحليلي غالباً حول موضوع واحد، قد يكون حدثاً سياسياً أو اجتماعياً أو فنياً، وقد يكون ظاهرة علمية أو اقتصادية أو أدبية أو فكرية جديدة أو قديمة، وما شابه من مواضيع أخرى كثيرة.. لكنَّ تمحورَه حول موضوع رئيس واحد لا يعني اقتصار مادته التحليلية عليه، لا يتعداها لغيره، بل إن براعة كاتبه تكمن في إغناء تحليله لموضوعه الرئيس بالتعريج على معظم ما له صلة به من موضوعات أخرى ومعارف؛ لا بطريقة الاستطراد المرفوضة في كلِّ أنواع الكتابة الصحفية، بل عن طريق التلميح إلى تلك المعارف والمعلومات، القديم منها والجديد، ثم توظيفها بذكاء لتوضيح ما يطرحه الكاتب في مقاله وتأكيد صحته أو التشكيك بما يريد زعزعة ثقة القارئ به، على نحو يخدم، في المحصلة، الهدف الغائي للمقال..
2) لغة المقال التحليلي وأسلوبه:
نظراً لكونه تحليلياً، يعرضُ ويُفسِّرُ وينقدُ ويعلِّلُ ويقترح، وَجَبَ أن تكون لغته أقرب إلى لغة العلم، سواء في اختيار مفرداته التي يجب أن تكون واضحةَ المعنى دقيقةَ الدلالة لا لَبْسَ فيها..، أو في اختيار أسلوبِ عرضِ مادته وصياغتها الذي يجب أن يكون أسلوباً بسيطاً واضحاً، خالياً من الإنشاء والمجاز، مصاغاً بجُملٍ قصيرة مترابطة تُفضي كلُّ واحدة منها إلى التي تليها بمنطقية ويُسر. ولخصوصية مضامين موضوعاته واقتراب معظمها من العلم، جاز استخدام المفردات الأجنبية في نَصِّ المقال التحليلي، والمصطلحات التخصصية، سواء بصيغتها المُعَرَّبة إِنْ وُجدَتْ، أو بلفظها الأجنبي أيّاً كانت اللغة الأصلية لها..
3) طريقة بناء المقال التحليلي وطوله:
لا تختلف عناصر بناء المقال التحليلي عن عناصر بناء أيِّ نوع آخر من أنواع المقالات، فهو يتضمَّنُ مثلَها جميعاً: (عنواناً ومقدمة ومتناً وخاتمة)، لكن يختلف عنها في جواز إطالته ما احتاج تحليل الموضوع الذي يعالجه إلى الطول، حتى ولو وصل إلى أكثر من ثلاثين صفحة، في مجلة، أو إلى صفحة جريدة كاملة.. كما يُسمَح فيه بإطالة المقدمة نسبياً، وليس الخاتمة، إلا إذا تضمنت نتائج بحث علمي أو نتائج دراسة سياسية أو اجتماعية أو فكرية متخصصة ومتعمقة.. وبالنسبة للمتن، يُستَحْسَنُ تقسيمُه إلى فقرات تستقل كلُّ واحدة منها بمعلومة أو رأي أو فكرة، على أن تبقى جميع الفقرات متصلة ببعضها عن طريق دورانها حول محور واحد هو الموضوع الرئيس للمقال أو حول فكرته الرئيسة وما شابه..
ولأنه تحليليٌ فثمة ضرورة لإيراد شواهد واقتباس آراء لمؤلفين أو مفكرين أو أدباء عالجوا نفس الموضوع قبلاً، وفي هذه الحال يجب الحرص على ذكر أسماء الذين يتمُّ الاقتباس منهم وعلى ذكر المصادر والمراجع التي اُخذَت الاقتباسات منها.. ولا تعيبُ المقالَ التحليلي كثرةُ الشواهد والاقتباسات، إلا إذا كان كلُّ مبناه منها، ولا رأيَ لمؤلفه فيها ولا أثرَ له في نقدها، سلباً أو إيجاباً، بل كان دورُه مقتصراً على جمعها وترتيبها في مقاله وكفى..
ويُستَحْسَنُ في المقال التحليلي عدمُ تأكيد أي نتيجة أو معلومة فيه، إلا ببرهان واضح لا شك في صحته.. وإذا كان موضوع المقال سياسياً تَنَبُّئِياً فمن الأفضل عدم صياغةِ أيِّ فكرة أو نبوءة أو نتيجة مستقبلية أو توقُّع فيه، بعبارات تُوحي لقارئه أنها حتمية الحدوث مستقبلاً، بل الأفضل أن تُصاغ التوقعات والنتائج والنبوءات بأسلوب الاحتمال، خشية عدم حدوثها..
العمود الصحفي
هو نصٌّ ثابت الطول، ثابت المكان في المطبوعة التي يُنشَر فيها، ثابت المؤلف مع إمكانية أن يتناوب عددٌ محدودٌ ومُحَدَّدٌ من الكُتَّاب على إعداده..
والعمود الصحفي مُتَعَدِّدُ الموضوعات، لكنه على تَعَدُّدِها واختلافها يُعَدُّ مرآة أخرى تعكس انتماء المطبوعة التي تنشرُه واتجاهَها السياسي أو الفكري وذوقَها، إنَّما بأسلوب مختلف عن أسلوب المقال الافتتاحي، وذلك لأن العمود الصحفي أكثر رشاقة وحيوية منه..
ولكون العمود مقالاً ثابت الطول والمكان، لنفس الكاتب غالباً، يجب أن تَتَوَفَّر في صياغته صفات خاصة تَتَضافر لتساهم مجتمعةً في إبعاد احتمال مَلَلِ القراء من متابعته.. ومن أهم هذه الصفات، التغيير المستمر لمضمون العمود، والحرص على بقاء مضمونه قريباً من هموم غالبية القراء ومشاكل حياتهم اليومية ومعاناتهم المجتمعية والسياسية والاقتصادية وغير ذلك من مواضيع تربطهم قراءتها مع كاتب العمود برباط وثيق يتحوَّل مع مرور الزمن إلى علاقة حميمية بينهم وبينه، الأمر الذي يعود ليوفِّر للكاتب قدرة أكبر على استقطاب المزيد من القراء والتأثير فيهم..
ولكي يضمن اكتسابَه هذه الميزة ينبغي أن يصوغ مقاله بلغة سهلة بسيطة، وجملٍ قصيرة رشيقةِ العبارة خفيفةِ الظلِّ قريبةٍ من المستوى الثقافي الوسط لعامة الشعب.. ولا بأس في إيراد بعض الدعابات ضمن المقال، وبعض الحِكَم والأمثال الشعبية شرطَ إيرادها بلطف في سياق مضمونه، وتوظيفها بذكاء لخدمة هدفه النهائي..
ومن الناحية الشكلية أيضاً، ينبغي أن يكون هذا النوع من المقالات قصيراً ومُؤثِّراً في آنٍ واحد، ولكي يُحقِّقَ هذه الصفة، يجب أن يشتمل على أكبر قدر من المعاني والمعلومات بأقل قدر من الكلمات...
[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس