الشارع...
ظلَّ أياماً لا يدري ما عددها يسير ويسير دون توقف، وخطواته تنزف ضياعاً وغربة..
فجأة تَسَمَّرَ متطلعاً بدهشة إلى وجه امرأة كانت تعبر الشارع أمام عينيه... وما إن حاذته حتى اندفع نحوها، ودون أي مقدمات، احتضنها بين ذراعيه وراح يصرخ بفرح مجنون:
ــ أمي أمي..
واختلط صراخه بصراخها، وهي تنهره:
ــ ابتعد عني أنا لستُ أمك..
تَجَمَّعَ الناس حولهما.. وأبعده عنها رجال قساة لا يعرفهم، ثم انهالوا عليه ضرباً مبرحاً.
وقبل أن تنطفئ عيناه تماماً، نظر في الوجوه المحيطة به باحثاً عن وجه المرأة التي ظنها أمه، وحين وقع بصره عليها ابتسم بِوَهَنٍ ثم همس بصوت منهدم:
ــ أمي..
ثم أخذ صوته يذوب متلاشياً في فضاء ساخر...
نُشرت هذه القصة في صحيفة الجندي، بتاريخ 1983/4/19
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|